يوم الأربعاء الماضي ظهر في معظم الصحف المحلية ثلاثة أخبار تصادف توقيت نشرها دون تنسيق مسبق لكنها جميعاً مرتبطة بقضية هامة تشغل المجتمع. الخبر الأول هو ضبط سبعة مروجين للمخدرات عبر شبكات التواصل الاجتماعي: ثلاثة منهم عبر تويتر، وأربعة عبر تطبيق سناب شات. والخبر الثاني هو تنفيذ حكم القتل تعزيراً بمواطن سعودي إثر قيامه بتهريب كمية من حبوب الإمفيتامين المخدرة. الخبر الثالث، ونشرته «المدينة»، عن بدء محاكمة موظف حكومي بتهمة محاولة إدخال مخدرات لسجين في مدينة جدة. ولا يكاد يمر يوم دون أن تنشر صحفنا المحلية ووسائل الإعلام أخباراً وتقارير عن جرائم تهريب مخدرات إلى المملكة أو تنفيذ أحكام قتل بمهربي مخدرات. بل إن أحد المسؤولين صرَّح منذ فترة قريبة بأن هناك معامل في المخارج متخصصة في تصنيع مخدرات يتم تهريبها إلى المملكة! إلى هذا الحد وصل خطر استفحال المخدرات على مجتمعنا! وبسبب ذلك بدأنا نسمع عن جرائم تقشعر لها الأبدان يرتكبها أزواج يقتلون زوجاتهم وأطفالهم تحت تأثير مواد مخدرة وأبناء مدمنون للمخدرات يقتلون آباءهم وأمهاتهم، ومضاربات بين مراهقين بالسواطير والسكاكين واعتداءات بالأسلحة النارية بسبب المخدرات! لم يكن المجتمع يعرف مثل هذه الجرائم الشنيعة بهذا الشيوع وبهذه القسوة قبل استفحال مشكلة المخدرات التي دمَّرت عقول الشباب وقضت على مستقبلهم وأضاعت على الوطن مواهب وموارد بشرية غالية. نعم هناك جهود كبيرة تُبذل لمكافحة المخدرات، لكنها فيما يبدو ليست كافية بدليل تزايد جرائم تهريب وترويج المخدرات وتزايد أعداد المدمنين. كما أن عقوبة القتل بحق المهربين والتشهير بهم ربما تكون قد ساعدت بشكل ما في مواجهة المشكلة كي لا تصل إلى مستويات أعلى مما وصلت إليه رغم فداحته، لكن هذه العقوبة لم تردع المهربين والمروجين بدليل ما تنشره وسائل الإعلام من أخبار عن القبض على هؤلاء المجرمين. أعتقد أن الخطر الناجم عن مشكلة المخدرات ربما يفوق بعض الأخطار الأخرى التي نتحدث عنها كثيراً، لأن المخدرات تنخر المجتمع من الداخل وتقضي عليه، وقد استخدمت بعض الدول عبر التاريخ المخدرات كسلاح في حروبها مع دول أخرى لإيقاع الهزيمة بها من داخلها! ما يحدث يدمي القلب، ويجب مضاعفة الجهود لكي تصبح مكافحة المخدرات في طليعة أولويات الحكومة. ومهما قلنا إن الجهود المبذولة كبيرة، يجب أن تتضاعف وأن تتنوع بدءاً من الوقاية من خطر الوقوع في المخدرات وملاحقة بؤر التهريب والترويج بكل قسوة وانتهاءً بعلاج المدمنين وتأهيلهم للعودة إلى الحياة وإلى المجتمع، وأن يكون ذلك بمشاركة جميع الجهات الحكومية والأهلية ذات العلاقة وفي مقدمتها الجهات الأمنية والتربوية والدينية والإعلامية.
مشاركة :