منذ بداية أزمة اللجوء ووصول مئات الأسر في شكل يومي إلى الجزر اليونانية كان للمجتمعات المحلية تجاوب مباشر مع الظاهرة التي لم يشهدوا مثيلاً لها منذ 1922، حينما تبادلت تركيا واليونان السكان في شكل إجباري. قدم السكان المحليون الكثير من المساعدات الغذائية والملابس للاجئين، بخاصة العائلات، وتعاطفوا معهم في شكل واضح. لم يقمِ السكان المحليون بعمل حسابات كثيرة، ولم يطلبوا مساعدة الدولة في عملهم. كان منهم صيادون يخرجون قرب جزرهم بحثاً عن أي مراكب قد تكون تعرضت للغرق أو ناجين من حوادث غرق سابقة، فيما أنقذ سكان جزيرة صغيرة مئات المهاجرين واللاجئين عبر قارب واحد يملكونه. ولعل أكثر الصور التي اشتهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وتمّ تداولها آلاف المرات - كانت صورة الجدات الثلاث اللواتي حملت إحداهنّ أحد الأطفال الرضع لتمسك له عبوة الحليب، فيما كانت الجدتان الأخريان تنظران إليه بودّ ومحبة. وقد تمّ ترشيح هذه الجدة - التي تعود في أصولها إلى أسرة لاجئة من آسيا الصغرى - للجائزة بحماسة كبيرة. إحدى القصص التي اشتهرت في اليونان كذلك كانت قصة صاحب الفرن في جزيرة كوس الذي كان يزور أماكن تجمع اللاجئين في شكل يومي موزعاً عليهم كميات من الخبر والكعك التي ينتجها فرنه. كما اشتهرت أكثر من قصة لرجال كنيسة كانت لهم مساهمات قيمة في تنظيم حملات لمساعدة اللاجئين الواصلين إلى الجزر. وهؤلاء كذلك كانوا يتحركون بمبادرات محلية من دون انتظار تعليمات أو توجيهات من أي جهة عليا. الدعوة إلى منح متطوعي الجزر اليونانية جائزة نوبل لمساعدتهم الاجئين جاءت من مجموعات شعبية وأكاديميين من أكثر من مئة جامعة في العالم. المجموعات المقترحة هي 16 مجموعة من المتطوعين من تسع جزر يونانية في بحر إيجه، فيما سيمر وقت طويل لمعرفة قرار اللجنة المانحة للجائزة حول الموضوع. اليونانيون تجاوبوا في شكل كبير مع الدعوة، ووقع حوالى 500 ألف مواطن يوناني على تأييدها في مواقع التواصل الاجتماعي، كما أيدها 18 من نواب البرلمان الأوروبي. لكن، في المقابل، يدرك الجميع أن المسألة ليست سهلة وأن الحماسة التي لقيتها الحملة لا تكفي لفوز سكان الجزر بالجائزة. اليوم، وبعدما منعت دول البلقان المهاجرين ثم اللاجئين من الخروج من اليونان، تكتسب مسألة التضامن الاجتماعي أهمية خاصة، فوجود حوالى ثلاثين ألف لاجئ ومهاجر في الأراضي اليونانية يجعل من الأهمية بمكان مواصلة الإغاثة الشعبية لهم. فعلى رغم أن الدولة اليونانية تقوم بإنشاء معسكرات استضافة للاجئين، تبقى الحاجات كبيرة وتبقى الجهود التطوعية رافداً قوياً للجهود الرسمية. كذلك تبقى جهود المتطوعين سداً منيعاً يحول دون تطاول أنصار اليمين المتطرف على اللاجئين. وقد أظهرت حملات تطوعية أن معظم اليونانيين ينظرون بعين العطف والإنسانية لمرور اللاجئين في أراضيهم، فيما يحاول اليمين المتطرف إثارة المخاوف وبث الشائعات حول التهديد القومي والديني الذي يشكله اللاجئون الى اليونان.
مشاركة :