قال الحسين كنون، محامي ومحلل سياسي، إن سياق الرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة بشأن إعادة النظر في مدونة الأسرة جاءت تفعيلا لخطاب عيد العرش سنة 2022 والتي دعا فيه جلالته إلى تمكين المرأة من حقوقها كاملة (المدنية الاقتصادية والقانونية) بما يؤهلها أن تكون إلى جانب أخيها الرجل وأن تلعب دورا مهما في النسيج المجتمعي والاقتصادي والثقافي والرياضي، مضيفا أنه من خلال هذه الحقوق استدعى مراجعة مدونة الأسرة لتمكين المرأة من حقوقها. "منذ أن تولى جلالة الملك عرش أسلافه المنعمين أولى أهمية بالغة وقصوى للأسرة ككل ولاسيما المرأة، لذلك فإن المملكة المغربية عرفت هذا الورش على تدرج بإصدار مدونة سنة 2004"، يقول كنون في تصريح لموقع القناة الثانية، ثم تابع: "لكن بعد تطبيق هذه المدونة تبين أنها تعتريها ثغرات وكل ما يحول دون تمكين المرأة من حقوقها الطبيعية". العامل الثاني لهذا التعديل، يفيد ذات المتحدث، أن "المغرب عرف دستور 2011 وهو دستور المتقدم وحداثي ينسجم وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا وبالتالي أصبح لزاما على المغرب أن يطور باقي ترسانته التشريعية بما فيها مدونة الأسرة والقانون الجنائي والقوانين الأخرى". وأشار المحلل السياسي، إلى أن "مدونة الأسرة تكتسي طابعا خاص بالنظر أن جل بنودها وفصولها مستقاة من الشريعة الإسلامية، وبالتالي فإن اللجنة التي ستشرف على تعديل وصياغة النصوص ستراعي ما يتلاءم وخصوصية المغرب والدستور والقوانين والشريعة الإسلامية". وأبرز المحامي ذاته، أن "النقاش المجتمعي المطروح حول هذه المدونة المتعلق بمسألة الإرث ودعوات إلى المساواة، لكن في هذا الجانب هناك نصوص قرآنية قطعية توضح كيفية توزيع الإرث بين المرأة والرجل"، مشددا على أن "من المستحيل تغيير أو تحريف ما جاء في النص الديني". وعن أهم التعديلات التي يرتقب تضمينها في مدونة الأسرة، كشف أن ذات المحامي، أنه سيتم التنصيص والاعتماد على الخبرة الجينية كأداة لإثبات نسب الأطفال الذين يزدادون خارج مؤسسة الزواج، ملفتا إلى أن إقرار هذا البند سيراعي المصلحة الفضلى للطفل. وثاني تعديل يقترحه المتحدث نفسه، ويتعلق بتزويج القاصرات، وقال إن "مراجعة المدونة ينبغي أن يمنع أو يحصر استثناء تزويج القاصرات، وزاد مفسرا: "لا يمكن اللجوء إلى تزويج القاصرات إلا للضرورة القصوى حتى لا يكون تلاعب في هذا الجانب". وأما فيما يحص التعديل الثالث، كشف كنون أنه يتعلق ب"تعدد الزوجات"، وقال إنه "ينبغي منعه أو التقليص منه إلا للضرورة القصوى"، مبرزا أنه "يجب التوضيح في هذه المدونة نوعية الضرورة القصوى من أجل الإذن بالتعدد والتفسير مثلا أنه في حالة كانت المرأة عقيم وبالتالي تمنح الموافقة الطوعية للزوج من أجل التعدد عليها". والبند الأخير، يفيد ذات المحامي، يهم منح الولاية الشرعية والقانونية للمرأة على الأبناء، وقال في هذا الشأن: إن "المرأة المطلقة تحتاج دائما لموافقة طليقها مثلا لانتقال أبنائها من مدرسة إلى أخرى أو السفر خارج المغرب أو التطبيب في حالة إعاقة مستديمة"، معتبرا أنه "يجب على المدونة المعدلة أن تعطي الولاية القانونية للمطلقة على أبنائها مراعاة للمصلحة الفضلى للأطفال". وخلص كنون إلى أن "التغيير المرتقب في مدونة الأسرة سيراعي بدون شك مصلحة المرأة والرجل وخاصة المصلحة الفضلى للأطفال، لأن الغاية هي أن تكون أسرة متماسكة يجد فيها كل فرد حقوقه الطبيعية والشرعية، وإن اقتضت الضرورة الوصول إلى القضاء، فلا يجب أن يكون هناك أي تعسف لأي طرف".
مشاركة :