حروب العملات لم تعد كما كانت من قبل

  • 10/4/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تغيّرت حروب العملات مثلما تبدلت النزاعات العسكرية. إن الاقتصاد يشير إلى أن خفض قيمة العملة يؤثر في التجارة وأرباح الشركات والأسعار وتدفقات رؤوس الأموال. هذا صحيح بالفعل، ولكن العلاقات أصبحت أكثر دقة وتعقيداً مما قد يتوقع البعض. أولاً، قد يكون تأثير تضاؤل تنافسية الصادرات بسبب انخفاض قيمة الصرف قد تراجع. ومنذ اتفاق بلازا في سنة 1985، بدأت الشركات، بقيادة مصنعي السيارات في البداية، تنويع سلاسل الإمداد وتوجيه الإنتاج إلى داخل أو على مقربة من الأسواق النهائية. وقد شجعت أخطار التعطل الناتج عن السوء الشديد للأحوال الجوية والأوبئة وما ظهر من الضغوط الجيوسياسية على اللجوء إلى ما يعرف بـ«إعادة العمليات ودعم الأصدقاء» وهو ما يقلل من أو يغير مدى التعرض لتأثيرات العملات. وهناك عومل عدة تؤثر على الصادرات، خاصة مرونة الطلب عليها، وتكاليف الإنتاج النسبية، والقدرة المتاحة، والمنافسة، وتكاليف الانتقال، إضافة إلى قضايا مثل الجودة، والتعقيد التكنولوجي، والمواصفات، ونفقات النقل، وموثوقية الإمدادات لكن العديد من السلع والمواد الخام تكون مسعرة بالدولار، وهو ما قد يلغي أخطار العملات. كما تحظى المبيعات بموجب عقود طويلة الأجل بالحماية الجزئية من تقلبات أسعار الصرف على المدى القصير. وثانياً، يقود خفض قيمة العملة إلى تعزيز الدخول المحاسبية، مع ترجمة الأرباح الأجنبية بمعدل أعلى فائدة، ولكن ذلك لا يحسن التدفقات النقدية. ويحتفظ المصدرون بإيراداتهم الأجنبية في كثير من الأحيان، للوفاء بالتزاماتهم من العملات الأجنبية المطلوبة، وذلك يحد من تأثير أسعار الصرف المتغيرة. يشار إلى أنّ موقع أصحاب الأعمال النهائيين، والتدفق النقدي الفعلي لهم، أمران مهمان للغاية؛ ولذلك نجد أن بعض الشركات، مثل شركات الموارد، بغض النظر عن مكان نشأتها، تستخدم الدولار عملة وظيفية لها، ما يعزز تعقيد الأمور. وغالباً ما يتم التحوط لمبالغ صرف العملات الأجنبية عن طريق المشتقات أو القروض، والحصول على المدخلات بعملة الإيرادات. وتتطلب العواقب المالية فهماً دقيقاً للعمليات التجارية الفردية، التي تختلف داخل الصناعة نفسها أو البلد نفسه. ثالثاً، على مستوى الاقتصاد الكلي، نظرياً؛ فإن خفض قيمة العملة يؤدي إلى التضخم، إلا أنه على المستوى العملي، ثمَّة ارتباط ضعيف بين التضخم وخفض قيمة العملة فقد لا تصل تكلفة الاستيراد المرتفعة إلى مستويات الأسعار في ظل المزج بين المنتجات المحلية والمستوردة، وتوافر البدائل، وعدم القدرة أو عدم الرغبة في تحميل المستخدمين النهائيين أعباء النفقات المرتفعة. وأخيراً، فإنه في ما يتعلق بتدفقات رأس المال، من المفترض أن يقود ضعف العملة إلى أن تصبح الدولة وجهة استثمارية أقل جاذبية؛ بسبب الخسائر المتوقعة ولكن هذا الأمر يعود إلى فئة الأداة المالية، وما إذا كان المشتري محلياً أم أجنبياً. وتتأثر القدرة على جذب رأس المال الأجنبي أيضاً بخيارات الاستثمار المتاحة (مثل قطاع التكنولوجيا في الولايات المتحدة)، والعوائد المعدلة للعملة، واحتسابات خاصة أخرى مثل وضع الدولار عملةً احتياطيةً. وقد كانت قدرة اليابان على تمويل نفسها من المدخرات المحلية ومن البنك المركزي التابع لها سبباً في الحدّ من المشكلات المرتبطة بانخفاض قيمة الين. وفي المقابل، بالنسبة للولايات المتحدة، نجد أن قيمة الدولار أكثر أهمية بسبب الحاجة إلى جذب المستثمرين الأجانب لتمويل حسابها الجاري وعجز الميزانية. وفي المقابل، بالنسبة للولايات المتحدة، فإن لقيمة الدولار أهمية أكبر نتيجة للحاجة إلى جذب المستثمرين الأجانب لتمويل عجز الميزانية والحساب الجاري. وبالنسبة للمقترضين في الأسواق الناشئة الذين يقترضون بعملات غير محلية من دون مقابل من الدخل التصديري، فقد تحدّ التخفيضات السعرية القدرة على الوفاء بالتزاماتهم. ومع ذلك، يمكن أن يكون خفض قيمة العملة آلية مجدية لخفض مستويات الدين الحقيقي، فيتم الاقتراض بالعملة الوطنية ويحتفظ بها المستثمرون الأجانب. وقد تتضاءل أهمية العملة بشكل أكبر بمرور الوقت إذا أدى تراجع العولمة إلى انخفاض معدلات التجارة وتدفقات رأس المال عبر الحدود. وقد يقل دور سعر الصرف في ظل التركيز الأكبر المباشر على التدخلات عبر الرسوم الجمركية والحظر والعقوبات والدعم والقيود على الاستثمارات ومصادرة الأصول. هذه التغييرات، جزئياً، تعكس صعوبة الوصول إلى قيم محددة للعملات، وخاصة حينما ترغب كل دولة في الحصول على سعر صرف أكثر فائدة. وهذه الأهداف قد تتعارض مع معدل التضخم والأهداف النقدية وتزيد خطورة الردود الانتقامية، وتعقيد الإدارة الاقتصادية. وبالنسبة لصنّاع السياسات، يمكن أن يؤثر تراجع أهمية سعر الصرف كونها أداة سياسية في توازن القوة بين المصارف المركزية والحكومات ولذا يجب أن تأخذ القرارات الاستثمارية هذه الحقائق في الاحتساب بدلاً من الاستناد إلى افتراضات مسبقة عن تأثيرات العملات. وكما قال جون كينيث غالبرايث، فإن مسار الأحداث العدو الأول للحكمة التقليدية. مصرفي سابق ومؤلف طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :