تستهدف مصر تنفيذ أكبر مشروع لتحديث الحافلات لتقليل معدلات التلوث وتحسين البيئة من خلال تحويل محركاتها من الديزل إلى الغاز الطبيعي المضغوط. ويهدف المشروع الذي يأتي تماشيا مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة "رؤية مصر 2030"، وتنفذه شركة جيوشي لصناعة السيارات، إلى تحديث وتحويل 2262 حافلة من حافلات القطاع العام المصري لاستخدام الغاز الطبيعي. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، فإن التدهور البيئي الناتج عن تلوث الهواء يكلف مصر، حوالي 5% من الناتج القومي الإجمالي السنوي، أو حوالي 2.4 مليار دولار سنويا. وعانت مصر خلال السنوات الماضية من زيادة التلوث ما دفع الحكومة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات لمنع الأزمة من التدهور والحفاظ على البيئة. وتضمنت استراتيجية "رؤية مصر 2030" هدف تخفيض تركيزات الجسيمات الدقيقة العالقة بنسبة 50%، كما وضعت خطة عمل لتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، في اطار المساهمة الوطنية لمكافحة تغير المناخ. وقال محي الدين جيوشي رئيس شركة جيوشي لصناعة وسائل النقل، إن مبادرة تحديث الحافلات تستهدف تحويل 2262 حافلة من حافلات القطاع العام من محركات الديزل (Euro 3) إلى الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) بمعيار الانبعاثات (Euro 5). وأوضح جيوشي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن هذا التحول الهائل يسلط الضوء على التزام مصر الثابت بالنقل المستدام، وهو ما يتماشى تماما مع مبادرة "Go Green" الشاملة التي تدعمها وزارة شؤون البيئة، وهو ما يمثل تحولا عميقا في الأولويات الوطنية. وتبذل الحكومة المصرية جهودا حثيثة للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، حيث تتضمن استراتيجية مصر للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر توسيع الأهداف المحددة لقطاعات معينة مثل قطاعي الطاقة والنقل، بالإضافة إلى التركيز على الاستراتيجيات والاستثمارات والسياسات العامة التي يمكن أن تعزز مسار التحول الاقتصادي الأخضر. من جانبه، أكد خالد جيوشي نائب رئيس الشركة، أن المشروع الذي يعد الأكبر من نوعه سيحقق نتائج بالغة الأهمية في مصر من خلال تقليل معدلات التلوث وتحسين مستويات البيئة، فضلا عن إطالة عمر المركبة. وأوضح أن تحويل محركات الحافلات العامة إلى الغاز الطبيعي المضغوط سينتج عنه انبعاثات أقل بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالديزل، حيث أنه يقلل بشكل كبير من أول أكسيد الكربون، والهيدروكربونات، وأكاسيد النيتروجين، لافتا إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد الغازات الدفيئة الرائدة، تنخفض بنسبة 20- 30% تقريبا عند مقارنتها بمحركات الديزل. وأشار إلى أنه نظرا لطبيعة الاحتراق النظيف بالمركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط فإن ذلك سوف يساهم في التقليل من انبعاثات الجسيمات وانعدام إنتاج الدخان الأسود، مما يوفر ميزة واضحة على نظيراتها التي تعمل بالديزل. ونوه نائب رئيس الشركة، إلى أهمية الجدوى الاقتصادية والفنية، مشيرا إلى أن الغاز الطبيعي المضغوط أرخص بنسبة تصل إلى 50% من الديزل على أساس التكلفة لكل ميل، ومع زيادة التوفر والبنية التحتية المحسنة، من المتوقع أن تنمو ميزة التكلفة للغاز الطبيعي المضغوط، كما أنه غالبا ما تتمتع المركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط بعمر افتراضي أطول وتكاليف صيانة أقل. ويعد النقل المستدام من أحد ركائز الاستراتيجية المصرية للحد من الانبعاثات الكربونية، وفي هذا الإطار تأتي المشروعات المصرية للتوسع في خطوط مترو الأنفاق والقطار السريع والمونوريل والقطار الخفيف والأتوبيس الكهربائي الترددي (BRT) وغيرها من المشروعات، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي بشكل كبير إلى انخفاض عدد السيارات التي تسير في طرق المدينة بنسبة كبيرة تجاوزت حاليا 15%، وتقليص المتوسط السنوي لمستويات الجسيمات الدقيقة العالقة بنسبة كبيرة، بحسب تقارير البنك الدولي. بدوره، أكد الدكتور مصطفى الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة والمناخ، أن المشروع يأتي في إطار اكتساب رؤية مصر للنقل الأخضر زخما كبيرا، والتعاون المتناغم بين كافة القطاعات لتحقيق هدف التحول للأخضر، مشيرا إلى أن ذلك التوجه يتكامل مع جهود الدولة المصرية في التشجير، وإعادة تدوير النفايات، والحفاظ على الطاقة، ومعالجة تلوث الهواء، والتصدي للتحدي العالمي المتمثل في استخدام البلاستيك. وقال الشربيني إن قطاع النقل يعد من القطاعات الملوثة للهواء، وقسم ذلك إلى نوعين الأول قطاعات ملوثة للهواء، والثاني قطاعات مسببة لغازات الاحتباس الحراري وهي أكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين، لافتا إلى أن قرار تحويل السيارات للغاز الطبيعي سيعمل بشكل كبير على تخفيف التلوث للهواء من عوادم السيارات والمركبات. وتوقع أن يصل تخفيض الملوثات لأكثر من 30% من ملوثات الهواء خاصة في المدن وعلى رأسها القاهرة، مشيرا إلى أن أي تخفيف لنسب حرق المازوت والبنزين باعتبارهما المصدر الأول لغازات الاحتباس الحراري وملوثات الهواء في العالم وأي استبدال لهما سواء لتحويل السيارات إلى كهربائية أو لتعمل بالغاز الطبيعي من شأنه أن يؤدي إلى تقليل نسب التلوث وتحسين البيئة وتنقية الهواء.
مشاركة :