موسكو ترفع الغطاء عن الأسد وتنسحب عسكرياً من سورية

  • 3/15/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رفعت روسيا الاتحادية الغطاء العسكري عن نظام بشار الأسد، في قرار اتخذه الرئيس فلاديميير بوتين يشي بسحبها حزمة الأمان السياسية، التي وفرتها له طوال الأشهر الاخيرة. وقال بيان وزعه الكريملين (الرئاسة الروسية)، ليل أمس، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر وزير الدفاع، سيرغي شويغو بسحب القوات العسكرية الروسية من سوريا، ابتداء من اليوم الثلاثاء. وأرجع الكريملين القرار، الذي اتخذ في اعقاب اجتماعي ثلاثي ضم بوتين وشويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف، الى ما أسماه انجاز القوات الروسية في سوريا للمهام الموكلة إليها. واشار البيان إلى أن القوات الروسية، التي تدافع عن نظام بشار الأسد منذ 30 سبتمبر/ أيلول الماضي، قد أوجدت ظروفاً ملائمة لعملية السلام في سورية، التي تشهد ثورة شعبية تهدف إلى الإطاحة بالأسد منذ نحو خمس سنوات. بيان الكريملين، رغم إشارته إلى تنسيق الانسحاب العسكري بين بوتين والأسد، إلا أنه جاء في أعقاب تعنت النظام السوري حيال بقاء الأسد في السلطة، وهو ما يخالف توجهات العاصمة موسكو وتفاهماتها الإقليمية والدولية. وقبيل قرار موسكو، الذي جاء منسجماً مع تفاهمات أمريكية – روسية أسست لـ الهدنة الهشة في سورية، استفز وزير الخارجية السوري وليد المعلم مختلف القوى الإقليمية والدولية بحديثه عن الاسد بوصفه خطاً أحمر ومقاماً رفيعاً ليس مطروحاً بقاؤه للنقاش في مؤتمر جنيف. وليد المعلم قال إن الرئيس بشار الأسد خط أحمر، وهو ملك للشعب السوري، ولن نحاور أحداً يتحدث عن مقام الرئاسة. ودعا المعلم، في تصريحه الأحد المنقضي، المعارضة السورية إلى عدم القدوم إلى مؤتمر جنيف، إذا كانت غايتها بحث بقاء الأسد من عدمه، محدداً أجندة المؤتمر في الحديث عن المرحلة الانتقالية بوصفها انتقال من دستور قائم إلى دستور جديد، ومن حكومة قائمة إلى حكومة يشارك فيها الطرف الآخر (المعارضة). الموقف الروسي الجديد، الذي يعكس تخلياً عن نظام الأسد، جاء منسجماً مع تفاهمات أمريكية – روسية، سبقت الإعلان عن الهدنة، بين المعارضة ونظام الأسد وحلفائه، التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري من العاصمة الأردنية عمّان. التفاهم الأمريكي - الروسي على الهدنة جاء في سياق أوسع، تحدث عنه كيري بوصفه الخطة البديلة (الخطة ب)، التي رُهن تطبيقها بـ سعي نظام الأسد إلى إفشال جهود انطلاق المرحلة الانتقالية. وتقضي الخطة البديلة، التي كشفت اليوم النقاب عنها في وقت سابق، بالإعداد لمرحلة التدخل البري، بما يشمل ذلك تقديم الدعم العسكري النوعي للقوى السورية المعتدلة، وإنشاء مناطق آمنة، وترسيم خطوط فاصلة بين الأطراف على الأرض. وكانت المصادر قد أبلغت اليوم ان الخطة البديلة تستند إلى افتراض أساسي، مفاده أن سوريا الآن لم تعد ذات الدولة التي كانت قبل خمسة أعوام، وأن عودة الهدوء إليها دون تحقيق مصالح الأطراف المتصارعة أمر غير واقعي. وتجنبت المصادر الحديث بشأن اطلاع الأردن على تفاصيل الخطة، لدى لقاء العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلا أنها وصفت ذلك اللقاء -آنذاك - بـ الناجح جداً. وفي تعليقه على سحب القوات الروسية من سورية، قال الخبير العسكري والاستراتيجي الفريق د. قاصد محمود، وهو نائب رئيس هيئة الأركان الأردنية الأسبق، إن قرار بوتين يأتي كردة فعل غاضبة على موقف نظام الأسد، وسعيه الى إفشال مؤتمر جنيف، الذي تعوّل عليه مختلف الأطراف في ايجاد تسوية للصراع الدائر. واشار الفريق محمود، في تصريح لـ اليوم من العاصمة عمّان، إلى أن الانسحاب الروسي يأتي منسجما مع تفاهمات بين موسكو وواشنطن، توصل لها الرئيسان بوتين وأوباما في وقت سابق على الهدنة. واعتبر د. محمود أن القرار الروسي يعبر عن مصالح موسكو العليا، سواء لجهة الضغط على نظام الأسد لإعادته إلى مربع الواقع، أو لجهة الالتزام بالتفاهمات مع واشنطن، التي ضمنت على ما يبدو مصالح موسكو في سوريا، فضلاً عن أهمية الانسحاب العسكري لما يشكله من تخفيف للضغوط التي يفرضها على الاقتصاد الروسي. وخلص الفريق د. محمود الى القول بأن الثورة السورية بلغت الآن منعطفاً حاداً ومرحلة بات فيها التفاهم والتناغم الدولي ضرورة قصوى. إلى جانب ذلك، يرى السياسي السوري المعارض محمد بللو، القريب من القوى السياسية المعتدلة، إن القرار الروسي سيشكل ضغطاً مهولاً على نظام الأسد، وسيدفعه إلى تنازلات أمام المعارضة، التي تتمسك برحيل الأسد كخطوة رئيسة. ويرى بللو، في حديث الى اليوم، أن نظام الأسد بات ظهره مكشوفاً، فرغم أنه استفاد من القصف الروسي في إبقاء سيطرته على دمشق والغرب السوري، إلا أنه بات الآن مستنزفاً على غير صعيد. وتتقاسم القوى المتصارعة في سوريا الدولة بين مناطق نفوذ ثلاث، القسم الغربي منها لايزال تحت سيطرة نظام الاسد والمليشيات الايرانية الموالية له، فيما تتقاسم القوى المعارضة والكردية المنطقتين الأخريين.

مشاركة :