متى تُصدِّق الحاسة السادسة لديك؟

  • 10/5/2023
  • 02:40
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

  الغريزة، الحدس، أو الحاسة السادسة، سمِّها ما شئت ما دام أنَّه إحساسٌ يُداهمك فجأة دون سببٍ منطقي، فالخوف والشكَّ قد يعتريان الواحد منَّا عند لقاء أُناسٍ ما، أو دخول أماكن مُعيَّنة للمرة الأولى دون معرفة السر وراء هذا الشعور، كما قد يصحبه تقلُّبات في المعدة، كأنَّ هناك إنذارًا أُطلِق في أنحاء الجسم، فهل يجب الانصياع لهذا الإحساس أم تجاهله كأنَّ شيئًا لم يكن؟ عدم الارتياح تجاه موقفٍ ما، أو الشكِّ في إنسانٍ تلقاه لأول وهلة دون سببٍ منطقي، هذا ما يُشِار إليه بالحاسة السادسة، وقد لا يكون إحساسًا فقط، بل يشعر المرء أيضًا بما يلي: عادةً تقتحم هذه المشاعر المخاطر دون سابق إنذار، لكنَّها لا تُهيِمن على أفكار المرء دائمًا، فقد تبرز لدى البعض في صورة همسٍ خافت، أو شعورٍ بعدم الارتياح، وقد يكون الحدس من القوة بحيث لا يسع الإنسان تجاهله. رغم أنَّ ذلك الإحساس يبرز فجأةً من العدم؛ لكنَّه ليس عشوائيًا، فثمَّة اتصالٌ بين الدماغ والجهاز الهضمي، ما يجعل التجارب الانفعالية أو العاطفية التي يمرُّ بها الإنسان تتجلَّى في اضطراب الجهاز الهضمي. فعندما يقلق الإنسان، أو يشعر بالخوف، أو ينتابه إحساسٌ بأنَّ ثمة شيئًا خطأً، يصحب ذلك عادةً وخز المعدة، الألم، أو الغثيان، ولهذا تفسيرات عِدَّة، أبرزها ما يلي:   ربط بحثٌ، في بحوث علم النفس وإدارة السلوك "Psychology research and behavior management"، بين ومضات الحدس وعمليات دماغية مُعيَّنة كتقييم وفكِّ ترميز الإشارات العاطفية وغير اللفظية. فبينما يمضي يومك، يُجمِّع المخ ويُعالِج البيانات الحسِّية من البيئة المُحِيطة، فمثلًا عندما ترى اثنين يصيحان ويدفعان بعضهما البعض خارج المتجر الذي أمامك مباشرةً، تعبر أنت الشارع إلى الجهة المُقابلة بعيدًا عنهم؛ أي إنَّك اتخذت قرارًا منطقيًّا، مُستندًا إلى المعلومات الماثلة أمامك، والتي عالجها المخ سريعًا. لكن ماذا عن الرغبة المُلِحَّة في عبور الشارع دون سببٍ واضح؟ هل يمكن تجاهل ذلك؟ الأمر وما فيه أنَّ المخ نشط باستمرار يجمع المعلومات من هنا وهناك بحسب ما تستقبل الأذن، وتُبصِر العين، وما تمده به حواسُّ الجسم حتى لو لم نلحظ كل ذلك. فبعد نشوء ذلك الإحساس المفاجئ بعبور الشارع دون سببٍ، قد تتفاجأ بأنَّ اللافتة على المبنى الذي كان أمامك تسقط في المكان الذي كُنتَ ستمضي إليه لو لم تعبر الشارع، فمن المُرجَّح أنَّ المخ قد أخذ ملاحظات لا نعيها، ثُمَّ اتُّخِذ القرار حسب المُعطيات، وهذه إحدى التفسيرات. اقرأ أيضًا: 7 سمات عليك تطويرها لتحسين قواك العقلية والتمتع بحياة أفضل التفسير الثاني أنَّه تنبؤ مُستنِد إلى خبرات سابقة، صحيحٌ أنَّنا قد لا نتمكَّن من استعادة الذكريات تمامًا في بعض المواضيع، وقد تُوجَد معلومات مخزّنة في أعماق الدماغ لا ندري عنها شيئًا، ورغم النسيان وعدم الدراية، فهذه الذكريات والمعلومات قد تُرشدك دون أن تعي ذلك. أشار "Healthline" إلى دراسةٍ أُجريت عام 2016 في محاولة لقياس الحدس أو الحاسة السادسة، وفيها: فعندما رأى المُشارِكون هذه الصور، صارت قراراتهم أسرع وأدق. كما أشارت استجابات توصيل الجلد إلى تفاعل المشاركين أيضًا مع الصور جسديًا، رغم أنَّهم لم يدركوا قط ما كانوا ينظرون إليه، فتركيزهم مُنصبٌّ على متابعة حركة النقاط على الشاشة. وهذا مِثالٌ واضح على أنَّ المعرفة الموجودة أو السابقة -حتى لو لم تكن تعيها بالكامل- قد تُحرِك مشاعرك واستجابتك، ما قد يُفسِّر أحيانًا مشاعر الخوف والقلق تجاه أمرٍ ما دون سببٍ واضح، فرُبَّما قد مرَّرت بتجربةٍ من قبل، أو لاحظ ذهنك أمورًا غير منطقية، فأطلق ذلك الإحساس في روعك. وقد أشارت الأبحاث الحالية إلى أنَّ المخ آلة تنبؤية؛ يُقارِن باستمرار التجارب الجديدة بالتجارب القديمة المُخزَّنة سابقًا، ومِنْ ثَمَّ يُمكِنه التنبؤ بما سيحدث بعد ذلك. فإذا كان لديك خبرة كافية في مجالٍ مُعيَّن، فقد يكون الحدس المُستنِد إلى معلومات الدماغ أكثر موثوقية؛ إذ يتحسَّن الحدس مع تراكم الخبرات لدى الإنسان.   الآن يُنبِّهك الجسم ويُعطِي إشاراتٍ مُنذِرة بخطر، غير معلومٍ ماهيته فضلًا عن سببه، فمتى تُصدِّق ذلك الإحساس وتبني عليه قرارًا؟ إذا بدت الأمور خارجة عن مسارها الصحيح، فلا تتجاهل إحساسك، خاصةً إذا كان مُتعلِّقًا بشعورك بالأمن في مكانٍ بعينه، أو موقفٍ ما، فذلك الصوت الخفي، قد يحميك من المخاطر، والمثال على ذلك: هيمنة التفكير في القيادة إلى المنزل بطريقٍ مُختلف عن الذي سلكته، أو التوقف عند محطة وقود أخرى بدلاً عن التي كُنت ستتوقَّف فيها، وهكذا. اقرأ أيضًا: الاكتئاب المبتسم.. عندما تحزن نفوسنا ويخدعنا المظهر الغرض الرئيس من الحاسة السادسة أو الحدس إبقاؤك بمأمن من المخاطر، وقديمًا اعتمد ذلك على معرفة مصادر المياه والطعام، والتأكُّد من كونها غير مُلوَّثة. أمَّا في العصر الحديث، فقد يبرز ذلك في صورة صداعٍ نصفي، أو اضطرابات الجهاز الهضمي، خاصةً عندما تكون بالقرب من شخصياتٍ سامَّة "أشخاص مُزعِجين ذوي سلوكيات سلبية"، فلتنتبه إلى الرسائل التي يُرسِلها جسمك لحِفظ صحتك النفسية والجسدية، وسلامتك بكل تأكيد. إذا اختلف شريك حياتك عمَّا كان عليه، وبدأ يتصرَّف بريبٍ، أو يجعلك غير مُرتاحٍ، فلا تتجاهل ذلك، وحاول أن تبحث عن سبب ذلك الشعور، فهذا ليس سلبيًّا دائمًا، بل قد يكون معرفة مصدر المشكلة سبيل حل المشكلات في العلاقة، واستدامتها. إذا كُنت تتمنَّى وقوع شيءٍ سيئ، تبدأ في التصديق بوقوعه حتمًا، ومِنْ ثَمَّ ينبغي الفصل بين الحدس وتمنِّي وقوع الأشياء غير السارَّة، فمن الصعب الاعتماد على الحدس دون خبرةٍ مُسبقة فيما تشعر به، فضلاً على أن يكون شيئًا تتمنَّاه باستمرار. أشار بحثٌ حسب موقع "Healthline" إلى أنَّ ثروة الخبرة المُفهرَسة في عقلك، بوسعها خدمتك عند الحاجة إلى اتِّخاذ قرارٍ سريع، فقد لا يكون الوقت كافيًا في بعض المواقف لحساب الخيارات والاحتمالات، ثُمَّ اتخاذ القرار. في مثل هذه الأحوال، يُمكِنك تصديق حدسك، خاصةً إذا لم تكن المرة الأولى التي تُواجِه فيها مثل هذا الأمر، كشراء شقة مثلًا، وقد خُضتَ في شرائها تجارب من قبل. لا يُمكِن أن تحلّ المشاعر الغريزية محلّ الأدلة الحقيقة، فقد يكون لديك نقص في المعرفة أو المعلومات المُتاحِة، بما لا يكفي لإرشادك فيما تريد، فرُبَّما تختار بين وظيفتين، تبدوان مُتساويتين على الورق بلا فارق، فهنا المعلومات غير كافية، ويُمكِن للمشاعر أو الحدس أن يكون محوريًا في توجيهك نحو الوظيفة المُناسِبة لك.

مشاركة :