قال وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا عقب اجتماع مع وفد الحكومة السورية، أنه تم طرح بعض الأفكار خلال محادثات السلام السورية التي بدأت أمس الإثنين. وقال دي ميستورا أن الاجتماع الأول كان تحضيرياً وأنه سيتم عقد اجتماع آخر مع وفد الحكومة يوم غد الأربعاء، يركز على القضايا الرئيسية. ولدى سؤاله عن الهوة بين مفاوضي الحكومة والمعارضة في ما يتعلق بمسألة الانتقال السياسي في سورية، أجاب بأن المفاوضات ومحادثات السلام دائماً ما تبدأ بتصريحات قوية أو رنانة. أما بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية في محادثات جنيف، فقال للصحافيين أمس أن الحكومة قدمت إلى دي ميستورا وثيقة بعنوان «العناصر الأساسية لحل سياسي». وأضاف بعد الجلسة الافتتاحية للمحادثات أنه عقد اجتماعاً إيجابياً وبناء مع دي ميستورا. وعُقد الاجتماع بين دي ميستورا ووفد الحكومة السورية عند الحادية عشرة قبل الظهر بتوقيت غرينيتش، على أن يليه اجتماع آخر بين الموفد الدولي ووفد المعارضة وكبير مفاوضيه محمد علوش، الممثل السياسي لفصيل «جيش الإسلام». وكان دي ميستورا قال في مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة قبل بدء الاجتماعات: «إنها لحظة الحقيقة». وأضاف متسائلاً: «ما هي النقطة الأساسية؟ الانتقال السياسي هو النقطة الأساسية في كل القضايا» التي ستتم مناقشتها بين وفدي الحكومة والمعارضة. وتابع أن «جدول الأعمال وضع استناداً الى القرار الدولي 2254، وفي إطار توجيهات إعلان جنيف بالطبع». واتفقت مجموعة عمل من الولايات المتحدة والصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا ودول عربية في 30 حزيران (يونيو) 2012 في جنيف، على مبادئ مرحلة انتقالية تتضمن هيئة حكم انتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة، لكن الأطراف المعنية بالنزاع، سورية أم غير سورية، اختلفت على تفسير هذه المبادىء التي لم تلحظ بوضوح مصير الرئيس بشار الأسد. ونص القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن في كانون الأول (ديسمبر) على تشكيل حكومة تضم ممثلين عن المعارضة والحكومة خلال ستة أشهر، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً. ولم يذكر دي ميستورا تفاصيل إضافية عن جدول الأعمال. وتوقع ان تكون المفاوضات التي انطلقت أمس واحدة من ثلاث جولات. وتستمر الجولة الحالية حتى 24 آذار (مارس)، ثم تبدأ الجولة الثانية بعد توقف لمدة أسبوع أو عشرة أيام، على أن تستمر لمدة «أسبوعين على الأقل». وتُعقد جولة ثالثة من المفاوضات بعد توقف مماثل. ويتزامن انطلاق جولة المفاوضات في جنيف مع دخول النزاع السوري عامه السادس، وتهدف الى وضع حد لحرب تسببت بمقتل أكثر من 270 الف شخص، وبتشريد ونزوح أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وبعد فشل جولة أولى في بداية شباط (فبراير) في جنيف، تضغط القوى الكبرى وخصوصاً الولايات المتحدة وروسيا لإنجاح هذه الجولة الجديدة. وتعقد المفاوضات وسط تباين كبير في وجهات النظر بين طرفي النزاع، لكن في ظل اتفاق لوقف الأعمال القتالية صامد إجمالاً منذ 27 شباط. ويستثني الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين موسكو وواشنطن ولقي دعماً من مجلس الامن، تنظيم «داعش» و «جبهة النصرة». ويطرح ذلك أسئلة حول إمكانات تطبيق أي اتفاق محتمل قد يتم التوصل اليه في المفاوضات، لأن جزءاً كبيراً من الأراضي السورية يقع تحت سيطرة هذين التنظيمين وجماعات متشددة أخرى. وحذر المبعوث الدولي من أن البديل عن نجاح المفاوضات هو استمرار الحرب. وقال «الخطة ب الوحيدة المتاحة هي العودة الى الحرب. وربما الى حرب أسوأ مما هي اليوم». لكنّ محللين يشككون في إمكان تحقيق تقدم سريع، فيما يبقى مصير الرئيس السوري نقطة الخلاف المحورية بين الطرفين. إذ تتمسك المعارضة بأن لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية، في حين يصر النظام على ان الرئيس السوري «خط أحمر». في الوقت نفسه، يبدي النظام السوري شكوكاً ازاء مدى تمثيل الوفد المفاوض للمعارضة. وكانت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة تمسكت بأن تكون الممثل الوحيد للمعارضة في مفاوضات جنيف. إلا أن محمود مرعي، الأمين العام لهيئة العمل الديموقراطي في سورية، من معارضة الداخل المقبولة من النظام، قال الإثنين لـ «فرانس برس» إن شخصيات معارضة في الداخل تلقت اتصالاً هاتفياً من مديرة مكتب دي ميستورا في دمشق خولة مطر «تدعونا فيها لحضور مؤتمر جنيف». وقال «الدعوة لم تحدد صفة الوفد إن كان استشارياً أم تفاوضياً»، لافتاً الى ان «صفة الوفد غير مهمة، ولكن المشاركة في المحادثات وبيان رأي المعارضة في الداخل» هو المهم. واعتبر مرعي أن معارضة الداخل «هي الأقدر على حل الأمور وعلى حمل هموم المواطن السوري الى المجتمع الدولي حول طاولة حوار سياسي سوري سوري دون شروط مسبقة»، مشيراً الى أن الوفد ينتظر إنهاء «الترتيبات اللوجستية» للتوجه الى جنيف. في موسكو، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مفاوضات جنيف بين النظام السوري والمعارضة يجب «أن تشمل جميع قوى المعارضة». وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التونسي خميس الجهيناوي «نحن نراقب كيف تم اختيار المشاركين في هذه المفاوضات من جهة الحكومة ومن جهة المعارضة. من الواضح أنها يجب ان تضم جميع قوى المعارضة السورية». إلى ذلك، رحب لافروف بالهدنة «الفعالة» في سورية. وشدد خلال مقابلة بثتها مساء الأحد قناة «رين تي في» على استعداد روسيا لـ «تنسيق خطواتها مع الاميركيين» لاستعادة الرقة وتدمر من تنظيم «داعش». وقال: «ليس سراً أن الاميركيين عرضوا علينا تقاسم العمل في وقت من الأوقات، بحيث تركز القوات الجوية الروسية على تحرير تدمر، ويركز التحالف الدولي بقيادة اميركية ودعم روسي على تحرير الرقة». وكان لافروف دعا الجمعة مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سورية ستيفان دي ميستورا الى إشراك الأكراد في مفاوضات السلام، الأمر الذي تعارضه تركيا بشدة. وقال: «سيكون انتهاكاً لحقوق مجموعة كبيرة ومهمة من سكان سورية»، مضيفاً ان استبعاد الأكراد «سيغذي طموحات الذين لا يريدون البقاء ضمن سورية بل يريدون تقسيمها».
مشاركة :