تسعى الأمم المتحدة إلى تطبيق قواعد أكثر صرامة على أكبر تجار السلع الزراعية في العالم، حيث تقول إن الافتقار إلى الرقابة مكن التجار من تحقيق أرباح قياسية بينما يعاني المستهلكون من أزمة بسبب تكلفة المعيشة، فارتفاع تكاليف الغذاء - إلى جانب أسعار الطاقة المتصاعدة - يشكلان أحد الأسباب الرئيسية وراء أخطر موجة تضخم منذ جيل كامل. كما أثارت الحرب في أوكرانيا مخاوف بشأن الأمن الغذائي للملايين الأكثر فقراً في العالم. وقال تقرير لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد»، إن الظروف التي يواجهها الأشخاص العاديون تتناقض بشكل صارخ مع قفزة أرباح عمالقة تجارة السلع الأساسية، وهو ما يسلط الضوء على واقع مثير للقلق. وأضافت «الأونكتاد» أن افتقار القطاع إلى التنظيم يعني أن التجار ليسوا مطالبين بتسجيل المعاملات بشفافية. ويمكن لهذا يمكن أن يفاقم عدم الاستقرار وارتفاع الأسعار من خلال إتاحة المجال للمضاربات المالية والمراجحة والتربح. كذلك، هناك حاجة إلى مزيد من البحث لإثبات الروابط بشكل قاطع، حيث تأثرت التكاليف أيضاً بالمخاطر السياسية والمناخية. وارتفعت أسعار المواد الغذائية باطراد منذ بدء الإغلاق بسبب جائحة (كوفيد19) في 2020، وزادت بقوة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا حيث تسبب الصراع في حظر بعض صادرات الحبوب والأسمدة بسبب الصراع. وأدت الحرب بأوكرانيا إلى انزلاق الدول الفقيرة، التي اعتمد كثير منها على أوكرانيا وروسيا للحصول على الحبوب، في أزمة شاملة للأمن الغذائي. وحول العالم، ارتفعت بشدة تكاليف السلع الضرورية مثل الحليب والبيض، ما دفع بعض الحكومات إلى فرض ضوابط على الأسعار. وأشارت «الأونكتاد» إلى أنه خلال الفترة نفسها - في 2021 و2022 - أعلنت أكبر 4 شركات لتجارة المحاصيل في العالم - آرتشر دانيلز ميدلاند، وبانج، وكارجيل، ولويس دريفوس - عن ارتفاع هائل للأرباح. وتهيمن هذه الشركات على السوق، وتسيطر مجتمعة على نحو 70 % من تجارة الحبوب العالمية، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة الذي دعا إلى مزيد من المنافسة بالقطاع. وفي أحدث بياناتها المالية، كشفت مجموعات التجارة الزراعية عن انخفاض طفيف، وأعلنت لويس دريفوس تسجيل صافي دخل قدره 568 مليون دولار للنصف الأول من 2023، منخفضاً من 662 مليون دولار للفترة نفسها العام الماضي. لكن هذه المجموعات لا تزال تسجل أرباحاً أعلى بكثير من المستويات التاريخية. وتتم العديد من المعاملات بهذه الصناعة في سرية وخصوصية بين طرفين. وترغب «الأونكتاد» في إجبار شركات تجارة السلع الزراعية على استخدام بورصات مركزية أكثر شفافية، وهي خطوة ساعدت على توفير مراقبة أفضل في أجزاء أخرى من صناعة تداول المشتقات في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008. وحذرت «الأونكتاد» من أنه من الضروري تطوير الأدوات اللازمة لتعزيز الشفافية والمساءلة بهذه الصناعة العالمية الحيوية الغامضة، داعية إلى مراجعة أساسية لهذا النهج التنظيمي. لكن قال كونا حق، رئيس قسم الأبحاث في شركة إي دي آند إف مان، شركة التجارة الزراعية، إن الصناعة تمكنت من التعامل مع التحديات الجيوسياسية في السنوات الأخيرة وما زالت تضمن نقل الحبوب إلى جميع أنحاء العالم، فإذا تم تضييق الخناق على هذا القطاع، فمن الذي سينقل كل هذه البضائع؟ تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :