قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. علي بن عبدالرحمن الحذيفي –في خطبة الجمعة-: المسلم في هذا الزمان بأشد الحاجة إلى الذكر لما كثر من الفتن، واعترى القلوب من الغفلة، ولما أصيبت به البصائر من الشهوات والشبهات والأهواء ولما كثر الاغترار بزخرف الدنيا وزينتها، وينبغي أن يقتني المسلم من كتب الأذكار ما يبصره وينفعه ويعمل به، ومن ومن أنفع كتب الأذكار تحفة الذاكرين وغيرها. وأضاف: أيها المسلمون لقد ناداكم الله تبارك وتعالى باسم الإيمان أعظم صفة للإنسان بأن تتوسلوا إليه بصالح الأعمال وتحفظوها من المبطلات والاضمحلال، فقال سبحانه: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوٓاْ إِلَيْهِ ٱلْوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِى سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"، والوسيلة جميع الطاعات فعلا للأوامر وتركا للنواهي، والوسيلة تعم وسائل الطاعات كلها، وتشملها جميعا، والباب الجامع للخيرات، والمنجي من العقوبات والأشمل لطرق الصالحات، والحصن من الموبقات هو ذكر الله تبارك وتعالى، وهو يكمل الفرائض والواجبات، ويجبر النقص في العبادات، ويعظم معه ثواب الحسنات، وتمحى به السيئات، وكفى بثوابه وفضله وعظيم منزلته شرفاً ونوراً وخيراً أن فرضه الله عز وجل في الصلاة والحج وفي كثير من الطاعات، وحث عليه الشرع في جميع الأحوال. وتابع: ركن الدين الأول هو ذكر الله تعالى بقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، لم يأمر الله تبارك وتعالى بالإكثار من الطاعات مثل ما أمر الله به من الإكثار من الذكر، قال عز وجل: "يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا"، إلا ما جاء في الإكثار من الصلاة والسلام على سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم مثل قوله عليه الصلاة والسلام أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود وابن حبان من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه، قال عليه الصلاة والسلام: "من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحطت عنه عشر خطيئات ورفعت له عشر درجات"، حديث صحيح رواه النسائي وابن حبان والطبراني من حديث أنس رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت"، رواه البخاري ومسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة وخير لكم من أن تلقوا العدو فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم"، قالوا: بلى يا رسول الله قال: "ذكر الله"، حديث صحيح رواه أحمد والترمذي والحاكم من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وأضاف: أعظم الثناء والحمد لرب العالمين، هو الثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى وأفعاله الحكيمة، كما في آية الكرسي، وآخر سورة الحشر وتعظيم ربنا أيضاً بذكر نعمه على الخلق، قال تعالى: "يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَٰلِقٍ غَيْرُ ٱللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ ۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ"، الذكر خفيف على اللسان ثقيل في الميزان ولا يعطى ثماره ولا تزكوا بـه القلوب وتصلح به الأعمال والحياة، إلا بمحبة الله تعالى، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وأفضل الذكر تلاوة القرآن فهو المتضمن لجميع المحامد لرب العالمين، وذكر النعيم، وتفصيل التشريع، والحث على كل خير والتحذير من الشر، ومن ثواب الذكر، ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في أول يومه كانت له عدل عتق عشر رقاب وكتبت له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتي أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك".
مشاركة :