المال السياسي يهدد بتشويه التجربة الحزبية الحديثة في الأردن

  • 10/7/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كثر الحديث هذه الأيام في الأردن عن اختراق المال السياسي للأحزاب، الأمر الذي يثير حالة من القلق، خصوصا وأن الأردنيين يستعدون العام المقبل لانتخابات تشريعية استثنائية في ظل التغييرات الجديدة. عمان - تقول أوساط سياسية أردنية إن تحديات كبيرة تواجه التجربة الحزبية الناشئة في المملكة، ومن بينها المال السياسي الذي بدأ يتسرب ليهدد بخلق تجربة مشوهة. ويعمل الأردن على تمكين الأحزاب في سياق مشروع تحديثي، يستهدف إعادة تشكيل مراكز القوى داخل المملكة والتي كانت لوقت قريب تصب في صالح العشائر وتمنحهم امتيازات. وتوضح الأوساط أن عملية التغيير الجارية لها مميزاتها، حيث إن تحسين تموقع الأحزاب وتمكينها من أن يكون لها دور متقدم في البرلمان وغيره من المؤسسات أمر مهم وحيوي، بانتظار أن يتطور الأمر إلى الوصول إلى هدف تشكيل حكومات برلمانية تتمتع بالولاية الكاملة وتكون قيد المساءلة. وتستدرك هذه الأوساط بالقول إن ذلك لا يغفل إمكانية حدوث انتكاسات، لاسيما وأن الحياة الحزبية في الأردن كانت على مدى العقود الماضية تعاني من حالة تصحر باستثناء الحضور المسجل لجماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية جبهة العمل الإسلامي. طاهر المصري: من يملك المال يملك القوة وهذا ما يحدث في الأحزاب طاهر المصري: من يملك المال يملك القوة وهذا ما يحدث في الأحزاب وتشير إلى أن هذا التصحر أدى إلى تآكل الأحزاب، وبالتالي فإن دخول المال السياسي على الخط سيكون له أثره السلبي، حيث إن من يملك هذا المال ستكون له اليد الطولى. وتحذر الأوساط من أن المال السياسي قد يلعب دورا كبيرا في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها العام المقبل، والتي تشكل أهمية استثنائية للقوى الحزبية، في ظل قانوني الأحزاب والانتخابات الجديدين. وأثار اثنان من الأمناء العامين للأحزاب مؤخرا جدلا واسعا في الأردن، حيث قال أحدهما إن بعض الأحزاب اخترقها المال السياسي، وإنه من المنتظر أن يذهب أصحابها إلى السجن قريبا، فيما صرح الآخر بأنه عرض عليه مليون دينار ثمنا للمقعد الأول على قائمة الحزب للاستحقاق الانتخابي المنتظر. وقال رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري إن المال السياسي موجود ومن يملك المال يملك القوة وهذا ما يحدث في الأحزاب والانتخابات، مشيرا إلى أن تجربة الأحزاب الأردنية ليست ناضجة أصلا وهي في بداية الطريق. وأوضح المصري في تصريحات لوكالة “عمون” المحلية أن العقبة الرئيسية في التطور الحزبي هي قانون الانتخاب، فالقائمة الوطنية التي وضعت به رغم أهميتها إلا أنها ستفتح الباب على مصراعيه لاستخدام المال السياسي، في إشارة إلى منح 41 مقعدا للأحزاب مقابل 97 مقعدا للدوائر المحلية. وبيّن أن الدولة الأردنية عهدت بالأحزاب إلى الهيئة المستقلة للانتخابات حفاظا على مبدأ فصل السلطات، ولوضع هذه المؤسسات بأياد “مستقلة” بعيدا عن زمن تغول السلطة التنفيذية والاتهامات الدائمة لها بقمع العمل الحزبي، فإن الهيئة في ظل التشريعات والقانون القائم مجردة من صلاحيات الرقابة الحقيقية على تمويل الأحزاب. سيطرة المال السياسي على الحياة الحزبية الوليدة تشكل خطرا فعليا على عملية الإصلاح السياسي الجارية ووفقا للقانون، فإن الهيئة المستقلة للانتخابات مسؤولة فقط عن التحقق في توافر شروط ترخيص الأحزاب والحفاظ على هذه الشروط لاحقا، علاوة على التدقيق المالي السنوي على حسابات الأحزاب. ويقول متابعون إن سيطرة المال السياسي على الحياة الحزبية الوليدة تشكل خطرا فعليا على عملية الإصلاح السياسي الجارية، لكن آخرين يرون أن هناك مبالغة وعملية تضخيم قد تكون غير بريئة. وقال الخبير في التنمية السياسية الدكتور رافع شفيق البطاينة إنه “لا يوجد شيء اسمه مال سياسي أو مال أسود مستخدم من قبل الأحزاب السياسية في الأردن ما دام هذا المال مالا أردنيا وتم الحصول عليه بطرق مشروعة، وليست من ورائه أهداف سياسية غير وطنية وشرعية”. ولفت البطاينة في مقال له إلى أن “المال السياسي أو الأسود هو المال القادم من خارج الأردن من دول أخرى أو من منظمات أو أحزاب سياسية خارجية غير أردنية، وقدمت لبعض الأحزاب بهدف تحقيق مآرب غير شرعية في الأردن، أما أن يقوم مواطن أردني حزبي مسجل في أحد الأحزاب المرخصة بالتبرع من أمواله والتي حصل عليها بطرق ووسائل مشروعة لحزب أردني فهذا إجراء سليم لا تشوبه أي شائبة قانونية ولا يشكل مخالفة لقانون الأحزاب”. وذهب البطاينة حد اعتبار أن دفع مبلغ مالي كبير من أجل الحصول على رقم متقدم في القائمة الوطنية للحزب أمر شرعي ولا يوجد ما يمنع ذلك، ولا يدعو إلى السخرية أو التندر أو النقد، أو يؤثر على سمعة الحزب أو الأحزاب السياسية ويشوهها.

مشاركة :