سمنة الأطفال بين التجاهل والعلاج

  • 10/10/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«وزن ابني زاد يا دكتور لدرجة تغيرت هيئة جسده وملامح شكله، ماذا أفعل معه وبماذا تنصحوني؟» رسالة مختصرة وردتني من أحد الآباء والذي شعر الآن أن وضع ابنه لا يسر الناظرين. للأسف بعض أولياء أمور الأطفال اليافعين الذين يعانون من مشكلة زيادة الوزن أو السمنة يتركونهم على حالهم فترة طويلة جدا دون التدخل في وقف زحف وتوسع دائرة أوزانهم، أي علاجهم، وبالتالي يصبح هؤلاء الأطفال تحت سيطرة تناول ما لذ وطاب من الأطعمة الدهنية وذات السعرات الحرارية العالية فيكتسبون الكيلوجرامات تدريجيا، إلى أن يأتي يوم وتصبح مشكلة الطفل مع وزنه كبيرة، وعندما يرى الوالدان أن معاناة ابنهما أصبحت كبيرة فيبدآن في ذلك الوقت البحث عن السبل العلاجية. في الواقع لا أود في هذه المساحة أن نتطرق للعتاب أو اللوم ومن يتحمل المسؤولية، فالهدف الرئيس من المقال هو التوعية وتعزيز دور الآباء في التدخل السريع وعدم تجاهل أطفالهم الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة المفرطة وذلك بسرعة علاجهم؛ لأن الحقيقة هي أن اكتساب الوزن يعد من أسهل الأمور، ولكن التخلص منه يشكل هاجسا كبيرا، وخصوصا إذا كان صاحب المشكلة طفلا في مقتبل العمر ولا يدرك مصلحة صحته. ولهؤلاء الآباء والأمهات أقول «إن إنقاص الوزن عند أبنائهم لا بد أن يكون بطريقة صحية، فالحالات البسيطة لزيادة الوزن والتي لا تتعدى بعض الكيلوجرامات قد يكفيها اتباع نمط صحي بممارسة الرياضة وضبط الأكل، أما حالات السمنة الكبيرة فقد تحتاج إلى متابعة علاجية تحت إشراف طبي، إذ قد يصاحبه تناول الأدوية بجانب الرياضة وتقنين تناول الطعام»، وبشكل عام فإن مواجهة السمنة عند الأطفال واليافعين تكون من خلال 5 مراحل وهي: أولا: العلاج الغذائي، فمن المهم تحديد كمية السعرات الحرارية من قبل أخصائي التغذية، وتناول الطعام بقطع صغيرة، وتجنب الأكل السريع، والاعتماد على الحمية الغذائية الصحية المتوازنة الغنية بالعناصر المختلفة مثل: البروتينات والفيتامينات والمعادن، والتقليل من العصائر والمشروبات المحلاة، والحد من الوجبات السريعة، والامتناع عن تناول الطعام أمام التلفاز أو الحاسوب الآلي أو شاشة ألعاب الفيديو. ثانيا: النشاط البدني، والذي يعد جزءا مهما للمحافظة على الوزن الطبيعي، خصوصا لدى الأطفال، إذ يساعد في حرق السعرات الحرارية الزائدة، وله أهمية في تقوية العظام والعضلات، ويساعد الأطفال في النوم الجيد ليلا والنشاط نهارا. ثالثا: العلاج السلوكي، وذلك بمشاركة الوالدين والأسرة لتشجيع أطفالها واليافعين على إنقاص الوزن، وأن يكون الآباء والأمهات قدوات حسنة لهم في اتباع نمط الحياة الصحي من نشاط رياضي وغذاء مفيد ومتكامل. رابعا: العلاج الدوائي، وقد يحتاجه الطفل اليافع ضمن خطة العلاج الشامل، خصوصا لمن لم يتمكنوا من إنقاص الوزن بالرغم من العلاج الغذائي والسلوكي والنشاط البدني، أو بظهور بعض مضاعفات البدانة مثل مقاومة الإنسولين، أو السكري من النوع الثاني، أو ارتفاع ضغط الدم، أو تشحم الكبد، أو ارتفاع الكوليسترول، أو تكيس المبايض لدى الإناث. خامسا: العلاج الجراحي لإنقاص الوزن، وقد يكون الخيار والحل الأمثل لليافعين والبالغين الذين يعانون من البدانة المفرطة، ولم يتمكنوا من إنقاص الوزن بالعلاج الغذائي والسلوكي والنشاط البدني، وكان وزنهم يشكل تهديدا لصحتهم، وهنا يتم عرضهم للأطباء المتخصصين في جراحة علاج سمنة الأطفال. أخيرا، لا بد أن نعود أطفالنا منذ صغرهم على الأطعمة الصحية، مثل كثرة تناول الخضراوات والفواكه، والحد من تناول الحلويات والأطعمة التي تحتوي على دهون وسعرات حرارية عالية مثل الوجبات السريعة والتي تشكل أهم العوامل في انتشار البدانة في جميع أنحاء العالم، وتشجيع الأطفال اليافعين على ممارسة الرياضة، والتقليل من الجلوس أمام شاشات التلفزيون والألعاب الالكترونية، وتجنب المشروبات الغازية والعصيرات المحلاة لكونها تحتوي على سعرات حرارية عالية ونسبة عالية من السكر، واستبدالها بتناول الماء فهو ضروري جدا لخلايا الجسم المختلفة والعصائر الطازجة، وأخيرا الاهتمام بالنوم الصحي الذي يمنح الجسد ساعات كافية من الراحة، والابتعاد عن مصادر التوتر والقلق.

مشاركة :