كشف القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، رئيس تيار الإصلاح بحركة فتح، وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني، عن مآلات الحرب التي تدور الآن في غزة، على وقع عملية طوفان الأقصى التي استهدفت العمق الإسرائيلي، يوم السبت الماضي. وفي لقائه مع قناة «الغد»، تطرق القيادي الفلسطيني إلى أسباب اندلاع هذه الحرب، وما هي مآلاتها؟ وماذا سيحدث إذا استمرت إسرائيل في تهديداتها بطرد أهل غزة تجاه مصر؟ ردا على سؤال حول احتمالات فتح إسرائيل جبهة جديدة على الجنوب اللبناني، قال دحلان: «هذا السؤال يفترض أن يوجه لحزب الله الذي كرر عبر الـ15 سنة الماضية أنه يريد أن يحرر فلسطين وأن يرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني». وأشار دحلان إلى أن «هذه فرصة واختبار، فالشعب الفلسطيني قاد ولم يتوقف ولم ينتظر أحدًا للدفاع عن نفسه بإمكانياته المتواضعة، وما شاهدناه خلال الـ50 سنة الماضية دليل على صمود وقدرة الشعب الفلسطيني على البقاء». ولفت القيادي الفلسطيني إلى أن «عدد الفلسطينيين الذين اعتُقِلوا منذ عام 1967 حتى الآن، تقريبا 700 ألف فلسطيني، منهم عدد كبير من الفتيات والنساء والأطفال، وواجبنا كفلسطينيين إذا جاء العون من أي جهة فأهلا وسهلا». وتابع دحلان أن «هذا اختبار لكل الأمة حتى تقف مع الشعب الفلسطيني، بغض النظر عن بعض الناس الذين يتحدثون عن أن هذه حماس وهذه الجهاد، نحن نتحدث الآن عن مصير الشعب الفلسطيني ومأساته». وفي معرض رده على سؤال عما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيجرؤ على الاجتياح البري، قال: «هو كان يستسهل في السابق إمكانية أن يكون هناك تحدٍ حقيقي للقوة العسكرية التي بنتها إسرائيل على مدى سنوات، جزء منها حقيقي وجزء منها وهمي، واكتشفوا مؤخرا، وفي الأحداث الأخيرة أن جزءًا من القوة التي بنوها أصبحت وهمية في لحظة من اللحظات وانهارت، لكن هل يتجرأ أو لا يتجرأ فهذا مرهون بقرار أُعلن من قبل الحكومة الإسرائيلية أنهم ذاهبون إلى حرب على قطاع غزة وعلى الشعب الفلسطيني بالقطاع، وبالتالي لا توجد حرب برية، هم سيقتحمون قطاع غزة بعد أن يدمروا نصفه، وعمليًّا هذا ما يتم، تدمير منهجي لمنازل المدنيين الأبرياء». وأضاف: «معروف أن الجهاز العسكري لحركة حماس تحت الأرض، وبالتالي من سيدفع الثمن الآن في هذا الهجوم البري بنسبة 99% هم الأبرياء الذين لا دخل لهم ولا ناقة ولا جمل في ذلك». إسرائيل ستجتاح غزة بريًّا لهذه الأسباب كشف القيادي الفلسطيني، محمد دحلان عن الأسباب التي ستدفع إسرائيل لاجتياح غزة بريًّا. وقال في لقاء مع «الغد»: «لا شك في أن إسرائيل مجبرة وملزمة أمام الشعب الإسرائيلي على أن تقتحم قطاع غزة لسببين، الأول هو رفع العار عن التقصير الذي حدث في الجيش الإسرائيلي وفي الأمن وفي المؤسسات وفي النظام السياسي، فكلها انهارت في لحظة، في نحو 25 دقيقة انهار كل شيء، وبالتالي هم يريدون أن يروا صورة نصر، وهذه هي العقدة التي حكمت إسرائيل طوال الحروب السابقة على قطاع غزة، يريدون أن يبدأوا بصورة نصر وينتهوا بصورة نصر». وأضاف دحلان: «الآن صورة النصر بالنسبة للجمهور الإسرائيلي تقول نريد أن نرى الدبابات في ساحات قطاع غزة، في رفح وفي خانيونس وفي كل مدينة وقرية، وبالتالي هذه الخطوة الأولى لاستراداد جزء من كرامتهم، بغض النظر عن حجم الدمار، أما السبب الثاني فيتمثل في أن كل شيء انتخابي في إسرائيل، كل شيء له علاقة بالكرسي». إسرائيل وإسقاط حكم حماس وأكد القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، أن إسرائيل حرصت على عدم إسقاط حكم حماس «لأسباب تخدمها». وقال إن «إقصاء حماس شعار معلن للحرب، وبالمناسبة طيلة الـ15 سنة الماضية إسرائيل كانت حريصة على عدم إسقاط حكم حماس، لأسباب تخدم إسرائيل من وجهة نظرها، لكن في هذه المرة هم يعتقدون أن إنهاء حكم حركة حماس في قطاع غزة يحل المشكلة». أضاف دحلان: «أنا أعتبر أن هذا كذب وادعاء وافتراء، لأن حماس ليست موجودة في الضفة الغربية، أبو مازن هو الموجود في الضفة طيلة 15 أو17 سنة في الحكم، فماذا أعطيتموه غير المهانة والمذلة ومسح السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية؟ ثم إذا تنحت حماس عن السلطة في قطاع غزة فهل ستعطي إسرائيل للشعب الفلسطيني حقوقا في الضفة وغزة وتدخل في مسار سياسي جاد، الجواب سيكون لا بالقطع لأنني أعرف الحكومة الإسرائيلية جيدا، فقد فاوضت نتنياهو في دورتين عندما كان رئيس الحكومة في السابق في 1996 وبعد ذلك، أعرف الرجل تماما وأعرف تكوين الحكومة الإسرائيلية». وأشار إلى أن «السبب الحقيقي لما وصلنا إليه الآن هو فقدان الأمل، وتراكم الحكومات الإسرائيلية التي تذهب من تطرف إلى تطرف»، مضيفا إن «الجيد في الموضوع هو أن الجميع في مأزق الآن». القدس وأبناؤها كانوا دائما رأس حربة في الدفاع عن غزة قال محمد دحلان، إن القدس وأبناءها كانوا دائما رأس حربة في الدفاع عن غزة. و أشار إلى أن «الكثير من الناس في لحظة الغضب يلقون باللوم على أبناء شعبنا في الضفة والقدس، القدس وأبناء القدس كانوا على الدوام رأس حربة في الدفاع عن الأقصى، فالذين حافظوا على القدس هم أيضا أهل القدس وليسوا فقط أهل الضفة». أضاف إنه «حتى هذه اللحظة، فإن أبناء الضفة الغربية ممنوعون من دخول القدس، وبالتالي عمليًّا أبناء القدس هم حماة الأقصى والقدس الآن، يضاف لهم أبناء 48، والذين يستطيعون الحصول على تصريح الدخول للصلاة». وقال: «لننظر إلى ما حدث مؤخرا، مواطن يقولون له لا أنت عمرك 70 سنة إلا يومين مثلا فلا تدخل للصلاة في الأقصى، ولا بد أن تكون 70 سنة، ثم في الخطوة القادمة ربما يقولون له لا يُسمَح لك بالصلاة إلا قبل أن تموت بيومين، هذا أحد الأسباب التي أدت إلى ما وصلنا إليه الآن». وواصل دحلان: «الضفة الغربية مرت بعملية تدجين وتهجين رهيبة، وللأسف الشديد سلطة رام الله كانت سببا فيما وصل إليه أهل الضفة من خنوع، وأنا لا أعمم ذلك، فأهلنا في جنين ونابلس والقدس وأريحا يقاومون، ولكن ظروف السلطة هناك، هذا ظرف استثنائي ولا أريد أن نتحدث فيه في لحظة نشتّم فيها رائحة دماء أبنائنا في غزة، وبالتالي فاللوم غير واقعي في هذه اللحظة». وتابع: «أيضا أنا لا أستبعد أن يكون هناك حراك جاد للتضامن مع أهلنا في قطاع غزة وللوقوف معهم». أول من دق مسمارا في نعش عملية السلام قال القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، إن إيهود باراك دق أول مسمار في نعش عملية السلام. أضاف دحلان: «لا أريد أن أتحدث نيابة عن أحد، ولكنني أتحدث كمواطن فلسطيني وليس كمسؤول، أنا كنت مسؤولا لكن الآن لم يعد لي أية مسؤولية، قلت إنني لا أريد موقعا ولا منصبا منذ سنتين أو 3 سنوات تقريبا، ولكنني سأبقى ملتصقا بهموم الناس في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس ومع كل أبناء الشعب الفلسطيني، وهذا ليس من باب الواجب، وإنما من باب أنني جزء من هذه الحالة، ولم أنفصل عنها». وتابع: «الأسباب كثيرة لما وصلنا إليه الآن، لكنني ألخصها في عدة نقاط، أولها تردد وتراجع وتطرف كل رؤساء الحكومات من بعد رابين، وسأبدأ بباراك هذا الذي أسمته الصحافة الإسرائيلية «إيهود باراخ» لم يخرج من لبنان إلا حينما هرب من لبنان، وهو من دق أول مسمار في نعش عملية السلام. جاء نتنياهو وبعده باراك ثم نتنياهو مرة أخرى، أما أولمرت فمن باب الإنصاف ولأنني كنت شاهدا على أن ما عرضه على الفسطينيين، أقول إنه كان متقدما، كان يرغب على الأقل في إمكانية أن يكون هناك سلام، ولكن هو حكم لفترة قصيرة جدا بينما فترات باراك ونتنياهو كانت طويلة، والأصعب أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم ترد في وعيها فلسفة أن يعطوا الشعب الفلسطيني حقوقه، لأن كل شيء وارد في الانتخابات من وجهة نظرهم، ولكن حين تنفجر الأمور يبدأون في إعادة النظر بالقضية الفلسطينية». وقال «سبب آخر، هو الإهانات واقتحامات بن غفير للأقصى، وهو مطلوب ليس للقضاء الدولي، وإنما للقضاء الإسرائيلي، فهو متهم بـ52 قضية قانونية من بلطجة وقتل ونهب وغيرها، متهم أمام القضاء الإسرائيلي، نراه الآن يتحول إلى وحش يفترس الشعب الفلسطيني، ويمنع ويسمح في القدس، وبالتالي نرى ضابطا إسرائيليا يخرج ويقول نحن نتحكم في كل سعر حراري يدخل إلى قطاع غزة، مريض لا يحق له العلاج، طالب لا يحق له الدراسة، لا تعليم ولا صحة، والأهم من كل ذلك لا عمل، وبالتالي بدلا من أن يستشهد أبناء قطاع غزة في البحر بحثا عن هجرة يستشهدون على سلك الحدود أشرف لهم». وأشار إلى أن «هذه هي الأسباب الحقيقية التي تحرك الجهاد وحماس وفتح، فبالأمس كانت فتح هي التي تقود وكانت تُتهم من قبل إسرائيل، ثم جاءت الجهاد الإسلامي وقادت العمل الفلسطيني لفترة، وبعدها جاءت حماس، و مع افتراض أن إسرائيل سوف تقضي الآن على حماس، هل ستعطي الشعب الفلسطيني حقوقه؟.. هذا سؤال يجب أن يُوجه إلى المجتمع الدولي كله الآن». ياسر عرفات وحل الدولتين قال دحلان، إن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان الأجرأ في قبول حل الدولتين، مؤكدا أن فلسطين ستظل أرضا للشعب الفلسطيني. وأضاف: «ياسر عرفات كان الأجرأ في قبول حل الدولتين على 22% من أرض فلسطين، وإسرائيل نكلت في هذا الاتفاق حتى هذه اللحظة، ولذلك كرة اللهب تدور، ودوامة العنف تدور». وتابع: «إذا اعتقد الإسرائيليون أنهم يستطيعون تركيع الشعب الفلسطيني بمزيد من العنف أقول لهم ببساطة أنتم لا تعرفون الشعب الفلسطيني، فالشعب الفلسطيني في غزة الذي يهدَّد اليوم لن يختفي ولن يغرق في البحر ولن يهرب إلى سيناء، نحن منزرعون في أرضنا حتى لو في قبور بقطاع غزة أو الضفة الغربية». لا مجال لتهجير أهالي غزة تحدث القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، عن ما يشاع بشأن تهجير أهل غزة إلى مصر. وقال دحلان: «استبعد مطلقا أن يهاجر الشعب الفلسطيني من غزة إلى سيناء» وتابع: «هذا المهووس الفاسد نتنياهو المتهم بـ50 تهمة، هو شخصيا خرج وقال إن على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أن يغادر»، متسائلا: «يغادر إلى أين؟ إلى إسرائيل؟ هم دخلوا إسرائيل منذ 3 أيام وصارت مجزرة، فهل يذهبون إلى البحر؟ مستحيل.. يذهبون إلى سيناء؟ انسَ هذا الموضوع». أضاف: «الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 هاجر مرة واحدة حينما لم يكن هناك حكومة ولم يكررها، أجدادنا معهم المفتاح للعودة إلى 48، أما الذهاب نحو سيناء فهذا في أحلامهم، نذهب إلى القبور ولا نذهب لا إلى سيناء ولا إلى الأردن ولا إلى أي مكان، الأردن للأردنيين وسيناء لمصر، ونحن لنا فلسطين». حدث تاريخي وصف القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، «طوفان الأقصى» بأنه حدث تاريخي سوف تتذكره إسرائيل مثل حرب أكتوبر 1973. وقال دحلان، إن «ما جرى حدث تاريخي ستتذكره إسرائيل مدى حياتها، تماما مثل حرب أكتوبر، الفارق أنها من تنظيم الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة منذ نحو 20 سنة، وبالتالي الحدث كبير وسيبقى في الذاكرة.. أما أن تقضي إسرائيل على حماس، فمن الممكن أن تقضي على الجهاز العسكري ولكن حركة حماس منتشرة في الشارع الفلسطيني، وبالتالي فإنهم لن يستطيعوا القضاء على 25% من المجتمع الفلسطيني». وتابع: «إذا كانت الفكرة هي الوصول إلى سلام.. فإن هناك ألف طريقة، أما إن كانت الفكرة أن نتخلص من ياسر عرفات كما تخلصوا منه وجاءوا بأبو مازن الذي قضوا عليه سياسيا وشعبيا، ثم إذا تخلصوا من الجهاد الإسلامي وحماس، وعلى فرض أن الجهاز العسكري لحماس قد اختفى من الوجود.. فهل ستقتنع إسرائيل بأن تعطي الشعب الفلسطيني حقه؟». دخول غزة لن يكون نزهة قال القيادي الفلسطيني، إن «الحرب ـ الدائرة الآن ـ ستنتهي بمأساة لكل الأطراف، لكن الطرف الذي سيدفع الثمن الأكبر هو الشعب الفلسطيني، المواطن العادي البريء، الذي لا يجد ماء ولا كهرباء الآن، ولا يجد له مكانا آمنا في قطاع غزة». وتابع «إذا اعتقدت إسرائيل أن دخولها إلى غزة سيكون نزهة، فأنا أعرف بالحد الأدنى أنه لن يكون ميسرا أو سهلا». أضاف إنه لا يحق لأحد أن ينزع عن الفلسطينيين نصرهم، مؤكدا ان دخول إسرائيل إلى غزة لن يكون سهلا. وقال دحلان: «أنا لا أريد أن أقول إن محورا معينا هو الذي فعل ما حدث، فالذي فعل هو الشعب الفلسطيني، لا أحد ينزع منه نصرا ولا هزيمة، كل الدول العربية ساعدتنا، وليس سرا أن إيران تساعد الجهاد وحماس، ليس سرا أنهم دربوا عناصر من الجهاد وحماس وأن إيران تمولهما، حماس والجهاد قالتا ذلك علنا، وبالتالي فهناك علاقة، أما أن يصل الحد إلى الاعتقاد بأن إيران قررت الحرب بـ (الريموت كونترول) فهذا تسخيف وتسطيح للأزمة، وتسطيح لقدرات الشعب الفلسطيني، وتكبير لدور إيران، أنا لا أنفي أن هناك أدوارا ولكن ليست إلى هذا الحد». لا اتمنى أن أكون في محل أبو مازن وفي ختام اللقاء.. أكد القيادي الفلسطيني، محمد دحلان، رئيس تيار الإصلاح بحركة فتح، وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني، أنه لا يتمنى أن يكون في موقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن». وأضاف دحلان: «لقد نصحت أبو مازن أكثر من مرة، منذ أن انقلبت حماس على السلطة، وطلبت منه أنه يذهب إلى غزة وأكدت له أنه لن يحدث له شئ، وقلت له اعتبر أنني أنا سبب المشكلة بينك وبين حماس، والآن أنا خرجت من غزة، بالرغم من أنني كنت خارج غزة وقت أن وقع الانقلاب، وينتهي الأمر». وتابع دحلان: «17 عاما لم يستطع خلالها أبو مازن ولا حماس التوصل إلى اتفاق.. وذلك أمر معيب ومهين ووصمة عار في تاريخ من لم يصلوا لاتفاق لمدة 17 عاما وتركوا إسرائيل تنفرد بالضفة الغربية وباستباحتها، وأبو مازن يقف موقف المتفرج، كما أن ما وصلت له غزة كان بسبب وجود مأزق بين حماس والسلطة الفلسطينية، وبالتالي لا أقبل أن أكون مكانه لأنه ارتضى أن يكون في هذه المكانة».
مشاركة :