كشفت تقارير معاينة جثث ثلاث شهيدات فلسطينيات قتلن خلال الأحداث الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أن الجيش الإسرائيلي يستخدم رصاص «دمدم» المحرم دولياً، إذ يظهر على الجثث مكان دخول الرصاص، من دون خروجها من الطرف الآخر للجسد، أو بقائها داخل الجسد، علما أن رصاص «دمدم» يستخدم في الحروب بين الجيوش، ولصيد الحيوانات المفترسة. وتعد المحامية نائلة عطية التماساً لتقديمه ضد وزيري الدفاع موشيه يعالون، والأمن الداخلي غلعاد أردان، تطالب فيه باتخاذ قرار فوري لوقف استخدام هذا الرصاص. وقالت في حديث أجرته معها «الحياة»، إن في حوزتها أدلة من تقارير تشريح الجثث وصور الأشعة، تظهر نوعية هذا الرصاص وكيفية استخدامه بشكل مفرط. وحصلت المحامية على أدلة موثقة بالصور والشهادات تؤكد أن الشهيدات الثلاث لم يقمن بأي أعمال مقاومة، سواء الطعن بالسكين أو الدهس، كما يدعي الجيش، بل اعتدى عليهن الجنود وحرس الحدود. ويستدل من تشريح الشهيدة هديل صلاح الدين الهشلمون (18 عاماً)، أن عشر رصاصات اخترقت جسدها، فتفتت بعضها إلى قطع صغيرة من دون أن تخرج من جسدها. وكذلك الحال مع الشهيدة مهدية حمّاد، وهي أم لأربعة أبناء اخترقت جسدها 18 رصاصة من الأمام بينما كانت ترفع يديها وهي تصرخ استسلاماً حين فوجئت بحرس الحدود يطلقون النار عليها، فاخترق بعضها كفتي يديها المفتوحتين وتحت إبطها، وبقيت ساعتين ملقاة على الأرض. وأظهر تقرير تشريح جثة الشهيدة ثروت الشعراوي (74 عاماً)، أن أكثر من عشرين طلقة نارية اخترقت جسدها من الخلف. ووفق التقرير، لا يوجد أي مخرج للرصاص، فيما تبين صور الأشعة السينية والطبقية وجود شظايا متعددة منتشرة في الرئتين والقلب والكبد وتجويف الرأس (الدماغ والجمجمة). وورد في تقرير التشريح أن الشظايا عبارة عن تفتيت للمقذوفات النارية بالكامل بحيث لا يمكن أي فريق طبي السيطرة على النزيف الدموي ووقفه في الأجزاء الصدرية، ولا يستطيع أي طبيب السيطرة على تفتت الدماغ، ما يعني حتمية الوفاة بهذه الأعيرة المتفجرة داخلياً. وكان الجيش ادعى أن الشعراوي حاولت دهس جنود، فردوا بإطلاق النيران عليها من الخلف. لكن الأدلة المتوافرة تثبت عكس ذلك. وقالت المحامية التي ستباشر رفع الدعوى، إن «التقرير الشرعي يدل على بشاعة الجريمة والقتل المتعمد، أي الإعدام، والأبشع من هذا أن الرصاص أُطلق على الشعراوي بعد مرورها من أمام الجنود، ويثبت الشريط التصويري ما ندعيه ويناقض كلياً رواية الجيش». وأوضحت أن «الشعراوي لم تقترب بسيارتها من أي جندي ممن سدوا الطريق أمامها وكانوا منتشرين على عرض 12 متراً في المنطقة التي مرت بها السيارة. ويتبين من الصور أنه لم يكن أمام الشهيدة أي منفذ إلا دخول محطة وقود قريبة من المكان، إذ واصل الجنود إطلاق الرصاص». وتوثق الصور اختراق 45 رصاصة صندوق السيارة من الخارج، وأن رصاصات عدة أصابت لوحات إعلانات في محطة الوقود وماكنة الوقود. وتحذر عطية من عدم اتخاذ قرارات فورية لوقف ما يستخدمه جيش الاحتلال من أسلحة وأدوات فتاكة محرمة دولياً، إلى جانب استخدام الأدوات التقليدية المستخدمة في القمع بشكل إجرامي. وقدمت المحامية شكاوى في جريمة مقتل النساء الثلاث، إلى المستشار القضائي للحكومة، فأحيلت الدعوى على نيابة الدولة، فردت تلك الشكوى وطلبت تحويلها إلى النيابة العسكرية، وهذه الأخيرة لم ترد بعد. وقال أديب حمّاد، زوج الشهيدة مهدية، لـ «الحياة» إنه يصر على رفع الدعوى ضد متخذي القرار في إسرائيل ومنفذي جريمة قتل زوجته، معتبراً أن «قتلها تم بدم بارد ومن دون أي ذنب ارتكبته، فالرصاص منتشراً في أنحاء جسدها. حتى في وجهها رأيت علامات لم يفهم أحد سببها». وأضاف: «اعتقدوا أنهم سيخيفوننا ويخيفون الشباب الفلسطيني باعتقالهم ابننا، لكننا على ثقة بأن التهم الموجهة ضده ملفقة ولا أساس لها، ولمجرد أن بعضها يعتمد على شهادات قدمت قبل ستة أشهر، على الأقل، فهو دليل على أن الإجراءات التي تتخذ تهدف أساساً إلى تضييق الخناق علينا وإحباطنا وتيئيسنا».
مشاركة :