هل زيادة حجم الدين صحية إذا أدت إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي؟

  • 10/15/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

نشرت وزارة المالية السعودية البيان التمهيدي لميزانية العام 2024 وتقديرات الميزانية لعامي 2025 و2026 لقد كانت الأرقام مفاجئة للمختصين في الشأن الاقتصادي، بعد الزيادة الكبيرة في الإنفاق والعجز المالي المقدر، وبالتالي ارتفاع حجم الدين، وهذا تغير في استراتيجية بناء الميزانية، حيث كانت الاستراتيجيات السابقة تعمل على سد الفجوة بين الإيرادات والنفقات وتقليل حجم العجز، أو تحقيق فوائض مالية تعيد بناء الاحتياطيات المالية للدولة، أما ميزانية هذا العام والأعوام التي تليها أظهرت توجها حكوميا إلى زيادة حجم الإنفاق بغض النظر عن العجز المالي الذي قد ينشأ عن ذلك، ما قد يتسبب في زيادة حجم الدين وما يتبع ذلك من زيادة في مصاريف خدمة الدين، فما الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار التوسع في الإنفاق؟ وهل زيادة حجم الدين صحية للاقتصاد السعودي إذا أدى إلى زيادة في الناتج المحلي الإجمالي؟ في دراسة سابقة نشرها البنك المركزي السعودي على موقعه الرسمي على الشبكة العنكبوتية، توصلت الدراسة إلى أن استدامة الدين العام مرتبطة مباشرة بكفاءة الدين وفاعليته، وكشفت أن هناك تباينا في الأجل القصير في نسب معدلات نمو خدمة الدين من جهة ومعدلات النمو في الإيرادات غير النفطية والناتج المحلي غير النفطي والصادرات من جهة أخرى، كما تظهر الدراسة الحاجة إلى فترة زمنية أطول إضافة إلى الاستمرار في رفع كفاءة الدين الحكومي لتحديد تأثير الدين في بعض المتغيرات الاقتصادية، وتوصلت الدراسة إلى وجود علاقة موجبة بين الدين العام (الحكومي) والناتج المحلي الحقيقي غير النفطي. خلال السنوات الماضية وفي ظروف اقتصادية صعبة جدا زاد حجم الدين العام حتى وصل في نهاية عام 2020 إلى أكثر من 854 مليار ريال، وبلغت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي 32 % وفي نهاية الربع الثالث من هذا العام 2023 ارتفع الدين العام إلى أكثر من 994 مليار ريال في المقابل انخفضت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 24 % وهذا دليل عملي يؤيد الدراسة التي نشرها البنك المركزي السعودي، ويؤكد صحة قرار الحكومة في توسيع الإنفاق خلال السنوات القادمة وتسريع عمليات بناء القطاعات الاقتصادية التي تعزز من زيادة نمو النشاط الاقتصادي غير النفطي، وزيادة معدلات التوظيف والمحافظة على الاستدامة المالية للاقتصاد السعودي وإبعاده عن تأثير تقلبات أسعار النفط، برامج رؤية المملكة 2030 تم بناؤها على أساس تنمية القطاع الاقتصادي غير النفطي وبعد مرور نحو 8 سنوات من بداية إطلاق الرؤية نلمس كثيرا من التغيرات الإيجابية والنجاحات المتوالية وتحقيق الأهداف قبل موعدها، ومع الانتهاء من المشاريع العملاقة سوف تتحقق الكثير من خطط الإصلاحات الاقتصادية التي ستضع المملكة في مصاف الدول الأكبر اقتصاديا، السياحة وهي أهم داعم للاقتصاد ومن أكثر الأنشطة الاقتصادية توليدا للوظائف بدأت نتائجها تظهر حيث حصلت المملكة على المركز الثاني عالميا في نسبة نمو عدد السياح الوافدين خلال الشهور السبعة الأولى من العام الحالي 2023، واستقبلت خلال الفترة ما يقارب من 17 مليون زائر، كما بلغ إجمالي إنفاق الأجانب نحو 84 مليار ريال في النصف الأول من عام 2023م، مقابل نحو 36 مليار ريال في الفترة ذاتها من العام 2022م، وهذا بلا شك تطور مذهل وغير مسبوق لقطاع السياحة السعودية وما زلنا ننتظر المزيد من تدفق السياح الأجانب مع تسهيل الدخول إلى المملكة وفتح العمرة طوال العام، أما المشاريع السياحية فقد أعلن في الأسبوع الماضي عن افتتاح وجهة البحر الأحمر بشكل رسمي، واستقبال الزوار من جميع أنحاء العالم، وتعد وجهة البحر الأحمر وجهة رائدة في مجال السياحة المتجددة فائقة الفخامة، وهنالك العديد من المشاريع السياحية الضخمة قيد التنفيذ والتي ستحول المملكة إلى أهم الوجهات السياحية في العالم، وتستمر الحكومة في عملية تنمية وتنويع اقتصادها والرفع من معدلات النمو الاقتصادي المستدام مع الحفاظ على الاستدامة المالية، وذلك عبر إطلاق العديد من المبادرات والاستراتيجيات الرامية إلى تطوير القطاعات الاقتصادية الواعدة، وجذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات السعودية غير النفطية، ويأتي ذلك ضمن الدور الفاعل والمهم لصندوق الاستثمارات العامة والصناديق التنموية الداعمة لتعزيز نمو الأنشطة غير النفطية بمعدلات مرتفعة ومستدامة على المدى المتوسط.

مشاركة :