أعربت الأمم المتحدة، أمس، عن قلقها إزاء التصعيد العسكري في شمال مالي، والصعوبات التي يواجهها الانسحاب المستمر لبعثتها، الأمر الذي من المرجح أن يعرقل جدول مغادرة قوة حفظ السلام، وفق المنظمة. وطالب العسكريون الذين وصلوا إلى السلطة في عام 2020 في يونيو الماضي، برحيل البعثة الأممية «مينوسما» المنتشرة منذ عام 2013 في هذا البلد الذي يشهد هجمات للإرهابيين، وأزمة عميقة متعددة الأبعاد. وأدّت مغادرة «مينوسما» المعسكرات التي كانت تشغلها، إلى سباق للسيطرة على المناطق بين الجهات المسلّحة الموجودة في الشمال، علماً بأن الجماعات الانفصالية التابعة للطوارق في الغالب، استأنفت عملياتها العسكرية ضدّ الدولة المركزية، فيما كثفت جماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجماتها على المواقع العسكرية. وقال بيان وزّعته مينوسما، إنّ «الأمم المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد التوترات والوجود المسلّح المتزايد في شمال مالي». وحذّر البيان من أنّ هذه الظروف «تهدد بمنع مغادرة (مينوسيما) في الوقت المناسب». ومن المفترض أن تكون القوة قد غادرت البلاد بحلول 31 ديسمبر. ومع تزايد التحديات التي تواجهها قوات حفظ السلام الأممية المنتشرة في دول إفريقية عدة، بما أدى إلى اتخاذ قرار دولي بسحبها من إحدى هذه الدول قبل شهور، حذر خبراء من أنه ليس بوسع القارة، تحمل التبعات المحتملة لسحب تلك القوات بشكل كامل من أراضيها، دون توفير تدابير أمنية بديلة. وقال الخبراء، إن أي إنهاء لوجود أصحاب «الخوذات الزرق»، كما يُطلق عادة على المنخرطين في إطار قوات حفظ السلام الأممية، في الدول الأفريقية، يجب أن يكون مسبوقاً بوضع خطط متماسكة لحفظ الأمن هناك، خصوصاً وأن تلك القوات لعبت دوراً حاسماً في الحفاظ على الاستقرار بالمناطق الهشة، في شتى أنحاء القارة لأكثر من 60 عاماً. وحتى في السنوات الأخيرة، واصلت القوات الأممية الاضطلاع بهذا الدور، فمنذ عام 2000، شهدت أفريقيا نشر أكثر من 13 بعثة حفظ سلام تقودها الأمم المتحدة، ونحو 27 عملية لدعم السلام بقيادة أفريقية، وهو ما يتكلف مليارات الدولارات سنوياً، فضلاً عما تتكبده هذه القوات من خسائر في الأرواح، في بعض الأحيان. وفي الوقت الذي أدت فيه الضغوط الداخلية إلى دفع مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار في أواخر يونيو الماضي، بإنهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي بناء على طلب السلطات الحاكمة فيها، يبدو تكرار هذا السيناريو في دول إفريقية أخرى، محفوفاً بالكثير من المخاطر. فالخبراء يشيرون في هذا الشأن، إلى تفاقم حالة عدم الاستقرار في مالي، منذ إنهاء وجود القوة الأممية هناك، بما يثير مخاوف من عودة الوضع الأمني إلى ما كان عليه في عام 2021، عندما حاولت تنظيمات إرهابية، الاستيلاء على مدن وبلدات رئيسة، شملت وقتذاك مدينة «تمبكتو» التاريخية. فجوة أمنية وفي ظل هذه التطورات، تحذر دوائر أمنية إقليمية، من أن سحب أصحاب «الخوذات الزرق» أو قوات حفظ السلام الأفريقية، من دول مثل الصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية، يمكن أن يُحْدِث فجوة أمنية كبيرة هناك، ستقود بالتبعية إلى حدوث المزيد من أعمال العنف، وتدهور الأوضاع الإنسانية. وأشار الخبراء، في تصريحات نشرها موقع «دَيلي مافريك» الإلكتروني، إلى تصاعد المواجهات الدموية في شرق الكونغو الديمقراطية، بما أودى بحياة أكثر من 600 شخص، جراء هجمات شنتها جماعات مسلحة، بين شهريْ أبريل ويونيو الماضييْن.
مشاركة :