يأتي مصطلح الدبلوماسية الثقافية ضمن محددات القوة الناعمة التي من خلالها تستطيع بناء علاقات دولية متميزة يسودها الفهم والتفاهم حول الكثير من الثقافات ذات القواسم المشتركة بين الدول بعيدا عن السياسة وما يتبعها من تجهيزات قد تكون فيها موازين القوى غير متكافئة أو قد ترتبط بمقدرات الشعوب واستنزافها لصالح القوة غير الناعمة وبهذا فإن الدبلوماسية الثقافية تكون البديل الأصلح بين أي دولة ودولة أو دول سواء شقيقة أو صديقة لأن الثقافة هنا في مفهومها العام تشمل التصالح الثقافي بعيدا عن نوع الجنس والعرق والديانة إذ تربط الدول ببعضها بمفاهيم الكل يرغبها ويبحث عنها كالتراث والموروث و الحضارة والتطور والاطلاع على المنتج الأدبي والعلمي ومدخلات كثيرة لا يمكن حصرها في مقالة أو عجالة. ولعل هذا المؤتمر الذي يقام في الشارقة بدولة الإمارات الشقيقة التي اعتبرها الفائزة بعقد أول مؤتمر خليجي للدبلوماسية الثقافية كأحد المؤشرات التي تتجه بوصلتها نحو الهدف من الدبلوماسية الثقافية ويجسد اهتمام دول مجلس التعاون الخليجي بهذه القوة الناعمة التي تصنع شراكات بينية في دولنا الخليجية وتمهد الجسور لشراكات عربية وعالمية تؤطر تاريخ المنطقة وتضع التنمية في رأس قائمة محددات النتائج المرجوة من خلف برامجها ونشاطاتها داخليا وخارجيا لتعزيز أواصر المحبة والتعرف على ما لدى الآخر من مقومات تدعم الدبلوماسية الثقافية إذ لكل دولة ما يجعلها تدخل باب المنافسة لاستقطاب الآخر وإطلاعه على التنمية المستدامة وكيف تعمل تلك الدولة لبناء الإنسان والمكان كما هي المملكة العربية السعودية . ولو تابعنا مؤشرات هذه الدبلوماسية في المملكة لوجدنا أننا قطعنا شوطا كبيرا في بضع سنوات بعدما جعلتها الدولة من أهم مخرجات الرؤية 2030م التي وضعها سمو ولي العهد ويتابع تنفيذها بنفسه حتى تحققت في أقل من ثلث المدة مما جعله يمددها لعشر سنوات أخرى وهذا ما شهد به الإعلام الخارجي وتحدثت عنه وسائل التواصل وأثبتته الأنشطة التي طافت أنحاء المملكة على مدار العام بحضور محلي وإقليمي ودولي تم من خلالها تبادل الأفكار والمعلومات في كثير من الجوانب الفنية واللغوية بعد أن آمنت بضرورة الصناعة الثقافية في مفهومها الشامل لا المقيد بنوع محدد قد لا يتفق والانفجار المعرفي وحجم التواصل التقني الذي جعل العالم كله في متناول الشخص من خلال الأجهزة الذكية التي يحملها الجميع ولا يستغني عنها . الدبلوماسية الثقافية تعزز السياسة الخارجية لأي يلد وما تقوم به المملكة وربما دول أخرى من فتح ملحقيات ثقافية في الدول التي تربطها بها علاقة إلا نموذج الوعي بدور هذه الملحقيات في نقل ثقافة ذلك البلد في مواسم معينة إلى جانب تبادل زيارات وإقامة حفلات معينة تساعد تلك الملحقيات على نشر ثقافة التسامح وكشف ما لديها من مقومات ثقافية فنية وأدبية ورياضية في سبيل تطوير العلاقات الرسمية والشعبية ولم تعد ترفا بل إنها تساهم في تقريب وجهات النظر من خلال الاطلاع على كل كنوز البلدان تحت قبة الدبلوماسية الثقافية . وما اعتماد الثالث عشر من أكتوبر كل عام يوما خليجيا للدبلوماسية الثقافية الخليجية الذي أوصى به هذا الملتقى الذي باركه حضور المهندس الشيخ سالم بن سلطان بن صقر القاسمي الذي يمثل بعضويته أمناء الهيئة الدولية للتسامح إلا دليل تبني كل ما يدعو للعلاقات الدولية التي تجعل من التسامح سناما لذروة الدبلوماسية الثقافية ولعل هذا المؤتمر بمخرجاته وتوصياته يكون انطلاقة جديدة لعقده في أكثر من بلد من دول المجلس مع المشاركة في المؤتمرات الدولية التي تقام على مستوى عالمي ولاشك أن هذا سيعزز أيضا في تفكيك مفهومه الذي ينبثق منه عدد من الدبلوماسيات ومنها الاقتصادية والرياضية والأدبية والفنية والتي تبناها مؤلفون كثر وأصدروا بها كتب توثق كل ما يتعلق بها لدعمها بكل ما يؤكد أهميتها في العلاقات الدولية . انعطاف قلم : شكرا للإمارات العربية الشقيقة التي تتبنى برامج ثقافية مهمة في حياة الإنسان الخليجي والعربي ولعل القادم من الأيام وبالتحديد الخامس من نوفمبر إذ يعقد في دبي المؤتمرالدولي التاسع للغة العربية الذي يحضره أكثر من ألف باحث على مستوى القارات من الناطقين وغير الناطقين بها الذي أدعو نيابة عن الأمين العام الدكتور علي موسى جميع المهتمين للحضور والاستفادة من فعالياته المختلفة .
مشاركة :