النفط يصعد 4 % مدعوما بالنمو الضعيف للمخزونات الأمريكية واجتماع المنتجين

  • 3/17/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

ارتفعت أسعار النفط بنحو 4 في المائة أمس مستأنفة صعودها بعد خسائر على مدى يومين بدعم نمو أقل من التوقعات لمخزونات الخام الأمريكية واستعداد كبار المنتجين للاجتماع في قطر الشهر المقبل لبحث تجميد مستويات الإنتاج. وتترقب السوق أيضا بيان مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" بشأن السياسة النقدية، بحثا عن مؤشرات بشأن أسعار الفائدة الأمريكية. وبحسب "رويترز"، فقد زاد سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 1.45 دولار أو 3.7 في المائة إلى 40.18 دولار للبرميل، بينما صعد سعر الخام الأمريكي في العقود الآجلة 1.51 دولار أو 4.2 في المائة إلى 37.85 دولار للبرميل. وتسود السوق النفطية أجواء إيجابية بعد إعلان محمد السادة وزير الطاقة القطري رسميا عن استضافة بلاده اجتماع المنتجين المرتقب في 17 نيسان (أبريل) المقبل في الدوحة. ويأتي الإعلان عن تأجيل الاجتماع إلى نيسان (أبريل) منسجما مع ما انفردت "الاقتصادية " بنشره في عددها الصادر في 12 آذار (مارس) الجاري بشأن تأجيل الاجتماع الذي كان مقررا منتصف الشهر الجاري إلى نيسان (أبريل) المقبل. وبدا من الواضح تغاضي المنتجين عن فكرة مشاركة إيران في اجتماع الدوحة وإصرارهم على دفع العمل المشترك ومناقشة قضية تجميد الإنتاج دعما لعودة التعافي للسوق. وبحسب تصريحات وزير النفط القطري فإن الاجتماع المرتقب يجيء استكمالا لاتفاق الدوحة الذي تم التوصل إليه منتصف شباط (فبراير) الماضي بين السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر الذي يقضي بتجميد مستويات الإنتاج عند مستوى إنتاج كانون الثاني (يناير) الماضي. ونقل البيان عن السادة قوله "إنه حتى الآن بلغ عدد الدول التي أبدت تأييدها للمبادرة نحو 15 دولة من داخل "أوبك" ومن خارجها، تنتج فيما بينها ما يقارب 73 في المائة من الإنتاج العالمي". وأشار السادة إلى أن بلاده التي استضافت في شباط (فبراير) اجتماعا تم خلاله التوصل إلى الاتفاق، بقيت خلال الفترة الماضية على تواصل مع الدول المنتجة في "أوبك" وخارجها لحشد مزيد من التأييد لمبادرة الدوحة الرامية إلى إعادة التوازن إلى السوق. وبحسب السادة فإن الجهود المتواصلة التي قامت بها قطر قد أسهمت بشكل أساسي وفعال في تشجيع الحوار بين الدول المنتجة كافة بهدف تأييد مبادرة التجميد وإعادة التوازن إلى السوق بما يخدم مصالح جميع الأطراف المعنية. وتلقت السوق دعما من استمرار تراجع الإنتاج الأمريكي، ونجح الخام في تجاوز انخفاضات بلغت 2 في المائة في اليوم السابق، ورغم تلك الأجواء الإيجابية والمتفائلة إلا أن الأسعار ما زالت تعاني بعض الضغوط السلبية الناجمة عن الارتفاع القياسي الجديد لمستوى المخزونات النفطية إلى جانب تداعيات ارتفاع الدولار على حساب بقية العملات الرئيسة الأخرى. وأوضح لـ "الاقتصادية"، كولن جونسون رئيس التحكيم الدولي في المكتب الاستشاري العالمي "جرانت ثورنتون"، أن تمسك المنتجين بالعمل الجماعي يعد خطوة جيدة، مشيرا إلى أن إصرارهم على عقد اجتماع جديد في الدوحة يضم 15 منتجا ستكون له آثار إيجابية واسعة في السوق، معتبرا أن اختيار الدوحة "موفق" للبناء على الاتفاق الناجح السابق الذي ضم أربعة من كبار منتجي النفط في العالم متوقعا في الوقت ذاته نجاح واتساع مبادرة تجميد الإنتاج على الرغم من الموقف الإيراني المتحفظ. «الاقتصادية» 12/3/2016. وأشار جونسون إلى أنه في المقابل "وجدنا مؤشرات جيدة لمستوى الطلب العالمي على الطاقة بعد إعلان بكين خططا اقتصادية تتضمن تخفيض ديون الشركات وتحسين التشريعات المالية وإعادة هيكلة الصناعات المختلفة ما سيدفع نحو عودة الصين إلى معدلات نمو مرتفعة وتنشيط منظومة الطلب العالمي على النفط الخام على وجه التحديد". ويقول لـ "الاقتصادية"، نيل تشابمان مدير قطاع البتروكيماويات في شركة الطاقة العالمية إكسون موبيل، "إنه يجب أن ندرك جيدا أن طبيعة صناعة النفط والغاز في العالم تتسم بأن القاعدة فيها هو التغير المستمر، والثبات هو الاستثناء"، مشيرا إلى أن منطقة الشرق الأوسط ستظل اللاعب الرئيس والمحوري في سوق الطاقة التقليدية في العالم. وأضاف تشابمان أنه "على سبيل المثال عرف العالم سوق البتروكيماويات الدولية في الشرق الأوسط منذ أكثر من 40 عاما حينما بدأت المنطقة وضع خطة مستقبلية جيدة للاستفادة من المعروض الضخم من سوائل الغاز الطبيعي والاتجاه إلى تصدير المواد الكيميائية"، مشيرا إلى أن سوق البتروكيماويات كانت قبل ذلك الوقت محصورة في الأغلب في الأعمال التجارية المحلية التي تركز على أنشطة المصافي النفطية. وأوضح تشابمان أن الشرق الأوسط حاليا يسهم بنحو 80 في المائة في صادرات المواد الكيميائية إلى العالم خاصة من سوائل الغاز - مثل الإيثان والبروبان والبوتان – مشيرا إلى سعي الولايات المتحدة لتكون نقطة ساخنة في الاستثمار العالمي فيما يخص المواد الكيميائية، موضحا أن الولايات المتحدة تلتزم باتباع نموذج مماثل لما يحدث في الشرق الأوسط الذي يقوم على الاستفادة من إمدادات الغاز الطبيعي المحلية واستخدامها في بناء القدرات تمهيدا للتحول إلى النمو في الخارج. من جهته، ذكر لـ "الاقتصادية"، رودولف هوبر المختص البريطاني في شؤون الطاقة، أن لجوء بعض الدول والحكومات إلى تحميل انخفاض أسعار النفط مسؤولية كل مشكلاتها الاقتصادية هو أمر غير موضوعي وغير منصف وفيه كثير من التجني لأن الانخفاضات والارتفاعات تعد سمة أصيلة في سوق الطاقة التقليدية، وتاريخ الصناعة مليء بالأمثلة على كثير من فترات الارتفاعات والانخفاضات الحادة. وأضاف هوبر أنه "من المهم الآن اختيار السياسات الاقتصادية المناسبة للتعامل مع كل مرحلة"، مشيرا إلى أن فكرة تجميد الإنتاج التي تحظى حاليا بتوافق جيد من المنتجين قد تكون إحدى السياسات المناسبة لتلك المرحلة. وقال هوبر "إن السياسات الاقتصادية الناجحة تنظر إلى مرحلة انخفاض أسعار النفط على أنها مرحلة الفرص الواعدة التي يتم استغلالها في زيادة كفاءة الإنتاج وزيادة الاعتماد على موارد الطاقة النظيفة وتحقيق مستقبل أفضل من خلال التوسع في الاقتصاد الأخضر في إمدادات الطاقة اللا مركزية والوصول إلى برامج أكثر فاعلية للطاقة المستدامة". ويعتقد هوبر أنه لا يمكن إنكار أن أسعار النفط المرتفعة جدا في السنوات الماضية سهلت الوصول إلى عديد من التطورات التكنولوجية المهمة التي يمكن أن تكون سندا لصناعة الخام في ظل الأسعار المنخفضة والمتوسطة حيث يمكن أن تقدم كثيرا في مجالات الكفاءة وتخفيض تكاليف الإنتاج. إلى ذلك، اعتبرت مصادر في "أوبك" أن امتناع إيران عن المشاركة في مثل هذا الاتفاق قد يكون حجر عثرة في طريق التوصل إلى اتفاق أوسع نطاقا، حيث تعكف طهران على زيادة صادراتها النفطية لاستعادة حصتها السوقية بعد رفع العقوبات عنها. غير أن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك ذكر بعد محادثات في طهران أمس الأول أنه من المحتمل توقيع اتفاق في نيسان (أبريل) واستثناء إيران منه، وأشارت مصادر "أوبك" إلى أن استثناء إيران لن يحول دون التوصل إلى اتفاق. ومن شأن تثبيت الإنتاج أن يوقف على الأقل نمو فائض المعروض الذي أدى إلى هبوط الأسعار من مستويات فوق 100 دولار للبرميل، التي سجلتها في حزيران (يونيو) 2014. وكان مندوبون في "أوبك" قد قالوا "إنه من المحتمل اتخاذ خطوات أخرى بما فيها خفض الإمدادات بنهاية العام وفقا لمدى التزام روسيا بتثبيت الإنتاج وحجم الزيادة في الإمدادات الإيرانية". ولم يتضح ما إن كانت جميع الدول الأعضاء الـ 13 في "أوبك" ستشارك في الاجتماع وأي المنتجين المستقلين سيحضره، وأبدت الكويت والإمارات التزامهما بتثبيت الإنتاج إذا شارك كبار المنتجين الآخرين في هذه الخطوة. ومن الأهمية أيضا استعداد العراق -أكبر مساهم في نمو إمدادات "أوبك" في 2015- للمشاركة في الاتفاق، وقالت بغداد "إن مبادرة تجميد مستويات الإنتاج مقبولة" وعزت ذلك إلى الصعوبات التي يواجهها المنتجون جراء تدني أسعار الخام. وبحسب التقرير الشهري لـ "أوبك"، فقد ضخت إيران 3.1 مليون برميل من النفط الخام يوميا في شباط (فبراير)، بارتفاع 200 ألف برميل عن كانون الثاني (يناير)، علما بأن أنتاجها كان يبلغ أربعة ملايين برميل يوميا قبل فرض العقوبات الدولية عليها. وبحسب التقرير نفسه، انخفض الإنتاج الإجمالي للدول الـ 13 المنضوية في "أوبك" بـ 175 ألف برميل يوميا في شباط (فبراير)، ليسجل معدل 32.28 مليون برميل يوميا، وتعود الأسباب الأساسية للتراجع إلى انخفاض إنتاج النفط العراقي، وانخفاض بدرجة أقل من نيجيريا والإمارات. وأشارت بيانات معهد البترول الأمريكي إلى أن مخزونات الخام في البلاد زادت بمقدار 1.5 مليون برميل للأسبوع المنتهي 11 آذار (مارس)، في رابع زيادة أسبوعية على التوالي، إلى إجمالي 522 مليون برميل، وهو أعلى مستوى على الإطلاق منذ تجميع المعهد بيانات المخزونات أسبوعيا. وارتفع مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من العملات بنحو 0.3 في المائة، مواصلا مكاسبه لليوم الثالث على التوالي، ويؤثر صعود الدولار سلبا في أسعار السلع خاصة تلك المسعرة بالعملة الأمريكية نظرا للعلاقة العكسية بينهم. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء انخفض بشكل حاد لليوم الثاني على التوالي وخسرت السلة أقل من دولارين مقارنة بالسعر الذي سجلته في اليوم نفسه من الأسبوع السابق البالغ 03.75 دولار للبرميل".

مشاركة :