قال الروائي واسيني الأعرج إن الرواية في الخليج تسجل قفزة نوعية، لاسيما في العقدين الأخيرين. شهد مركز اليرموك الثقافي، أمس الأول، استضافة الروائي واسيني الأعرج، ضمن الموسم الثقافي الـ 28 لدار الآثار الإسلامية، حيث قدَّم محاضرة بعنوان «مساءلة العصر روائياً»، بحضور جمع غفير من الأدباء والمهتمين. حاور الأعرج الروائي طالب الرفاعي، الذي قال في بداية الأمسية: «نحن في الموسم الـ 28 لدار الآثار الإسلامية، بضيافة الأخت الفاضلة الشيخة حصة الصباح، المشرف العام للدار. إن وجود مؤسسة ثقافية فنية تهتم وتشجع الثقافة والفنون والمسرح والموسيقى والمحاضرات الفكرية والثقافية على مدى 28 عاماً، إنجاز كبير يستحق الإشادة والتقدير». ورحب الرفاعي بالأعرج، قائلاً: «باسم دار الآثار الإسلامية والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، نُحيي الصديق العزيز، الأستاذ، الروائي، الدكتور، المدرس، القاص، الكاتب واسيني الأعرج، ونرحب به في بلده الثاني الكويت». المشهد القرائي وبدأ الرفاعي بسؤال الأعرج: «الرواية الآن تشكِّل زاداً حاضراً على مائدة الثقافة في كل مكان، على مستوى الإنتاج، والنشر، والجائزة، والقرَّاء، لماذا الرواية بهذا الحضور العربي والعالمي الكبير؟». شكر الأعرج المشرف العام لدار الآثار الإسلامية الشيخة حصة الصباح على هذه الدعوة الكريمة، وبيَّن أن الرواية في الوقت الحالي مهيمنة على المائدة الثقافية، لأنها الجنس الأقوى، والذي فرض نفسه، والقادر على استيعاب كل الأجناس الأخرى التي يدخل فيها الشعر، والحالة النفسية، وغيرها، من دون أن يحدث تنافر داخلي. وأكد أن الكاتب الجيد يستطيع استعمال كل هذه الأجناس، على عكس الشعر، فهو لغة جميلة، لكنه محروم من الجماهيرية، بسبب اللغة الاستيعابية، لذلك بدأ ينسحب من المشهد القرائي، رغم أن هناك شعراء مميزين وكباراً، لكن في العلاقة مع المقروء ترك الساحة للرواية على الصعيدين العربي والعالمي أيضاً. وذكر أن الرواية موازية لنظم مجتمعية، وتعكس الواقع. وجهة نظر مبدع كما سأله الرفاعي: الرواية تتوازى وتتقاطع كثيراً مع التاريخ، فما الذي يجعلها أكثر حميمية للإنسان من كتاب التاريخ؟ ردَّ الأعرج، معطياً نموذجاً عن رواية «الأمير»، حيث أوضح أنه عندما كتب «الأمير» قرأها الكثيرون على أساس أنها تاريخ، لكنها كانت وجهة نظر مبدع، وليست من وجهة نظر مؤرخ. وبيَّن أن كتاب «الأمير» كتب عنه الكثيرون بلغات مختلفة، لأنه جاء على حافة الصراعات والحروب. سحر الحكاية وسأله عما إذا كان يمكن أن يكون الروائي حكَّاءً؟ ليؤكد الأعرج أن كتابة الرواية عمل جدي، ينتقل بالشفاهي إلى العمل المكتوب، وذلك يتطلب وقتاً معيناً، مشيراً إلى أنه تعلَّم من جدته، رحمها الله، سحر الحكاية. وتدخَّل الرفاعي، معلقاً بأن الأعرج كتب الكثير من الروايات، وكان الحُب حاضراً دائماً، فلماذا الحُب؟ ليجيبه الأعرج، بأنه يعتقد أن «القيمة المثالية التي خلقنا حولها هي الحُب»، وأنه وجد نفسه داخل هذا المناخ الطبيعي. الرواية العربية وعلى هامش المحاضرة، سألت «الجريدة» الأعرج عن رؤيته عن وضع الرواية العربية في ظل الإنترنت والفضاء الإلكتروني الكبير، ليقول إن الفضاء الإلكتروني ليس متناقضاً مع الرواية، بالعكس يجب أن نحوِّله إلى وسيلة لإشاعة الرواية وتمريرها للقراء بطرق أسهل، عن طريق الأدب الرقمي، ليس بمعنى الأدب الأكاديمي والكلاسيكي، لكن من ناحية التوزيع، بإيصال الكتاب بطريقة أسهل، و«أنا سعيد كثيراً بهذه الوسيلة». وعن رؤيته للرواية في الخليج العربي، خصوصاً في الكويت، أكد أنها بالخليج العربي في السنوات الأخيرة، وفي العقدين الأخيرين تحديداً، تسجل قفزة نوعية كبيرة، وفي الكويت أولاً ظهرت مواهب كثيرة، على رأسها المؤسس إسماعيل فهد إسماعيل، وطالب الرفاعي، وليلى العثمان، وغيرهم، إضافة إلى جيل الشباب، منهم: سعود السنعوسي، وبثينة العيسى، وعبدالوهاب الحمادي وغيرهم، وفي البحرين وسلطنة عمان تجارب مميزة، وأيضاً في السعودية قبل سنوات، حتى قبل الإصلاحات الأخيرة، هناك حركة نسائية إبداعية مميزة، معلقاً: «هناك تحوُّل عميق، ومن هنا إلى سنوات قادمة قد يتعمق أكثر».
مشاركة :