رغم أن مجلس العموم البريطاني يقوم كما هي العادة بإحالة الموازنة العامة إلى لجان استشارية تابعة له لمراجعتها قبل الإعلان عن موافقته عليها من عدمه، فإن الأجواء العامة التي أحاطت بجلسة أمس «الساخنة»، تميل أكثر نحو «تصديق» المجلس على مشروع الموازنة الأكثر جدلا الذي قدمه وزير الخزانة جورج أوزبورن أمس. وسلم أوزبورن ميزانية المملكة المتحدة للعام المالي 2016 - 2017. إلى مجلس العموم أمس الأربعاء، بعد جدل ساخن وطويل وتناحر ربما كان الأصعب الذي تشهده بريطانيا في أعوامها الأخيرة، خاصة أن المشروع يحمل استقطاعات وخفض للإنفاق. ووصف أوزبورن الميزانية في خطاب الميزانية السنوي أمام المجلس بما سماه «ميزانية الجيل الجديد»، ولكن مع التغيرات الشديدة التي قام بها وزير المالية البريطاني على ميزانيته الثامنة، تركت تساؤلات حول كيفية تأثير هذه الميزانية حقا على المستقبل القريب والبعيد؛ الذي قال عنه الوزير في كلمته أمام مجلس العموم إن «بريطانيا اختارت أن تضع استقرارها في المقام الأول». وعند تحليل ما سيعود من الميزانية الجديدة على الشركات الصغيرة والمؤسسات الكبيرة التي تمتلك استثمارات عملاقة في دولة من أهم دول العالم في جذب رؤوس الأموال، نجد أن الأخبار السارة في خطاب الوزير هي أن ضريبة الأرباح الرأسمالية تراجعت إلى 20 في المائة من 28 في المائة بالموازنة السابقة، وسيتم التنفيذ في غضون ثلاثة أسابيع. وأيضا رفع الحد الأدنى للوعاء الضريبي على الدخل من 10.6 ألف إسترليني (14.9 ألف دولار)، إلى 11.5 ألف إسترليني (16.2 ألف دولار)، وبهذا يدخل إلى حدود الإعفاء الضريبي 1.3 مليون شخص إضافي. كما سيتم خفض ضرائب التضامن التي تدفعها الشركات إلى 17 في المائة بحلول عام 2020. هبوطا من 20 في المائة. وقال أوزبورن إن هذه الميزانية «ستسد ثغرات التهرب الضريبي للشركات متعددة الجنسيات، وتخلص الشركات الصغيرة من دفع ضريبة». وخفضت الميزانية نحو 7 مليارات إسترليني من ضرائب المحال التجارية، والتي علق عليها أوزبورن بقوله «نحن منفتحون للأعمال التجارية، وهذه الحكومة إلى جانبكم». كما تم رفع الحد الأدنى للشريحة العليا من الأوعية الضريبية من 42.3 ألف إسترليني (59.6 ألف دولار)، إلى 45 ألف إسترليني (63.4 ألف دولار)، وتفرض ضريبة بنحو 40 في المائة على هذا الوعاء. وأبقى المشروع على ضريبة الوقود والجعة والمشروبات السكرية، في حين سترتفع الضريبة على أقساط التأمين بنحو 0.5 في المائة، لتصل إلى 10 في المائة. وبينما زادت الضرائب على منتجات النظافة الشخصية للمرأة، أعلن أوزبورن أن الميزانية الجديدة ستخصص 12 مليون إسترليني لرعاية سرطان الثدي. يأتي ذلك بينما استمر هجوم أوزبورن على قطاع إعادة الرهن العقاري، وهو السماح بشراء الرهون العقارية (قرض لإعادة تمويل شراء العقارات السكنية)، في حين قال إن الأراضي العقارية لأغراض تجارية ستصل ضريبتها إلى صفر في المائة للعقارات بقيمة 150 ألف إسترليني لتطبق التغيرات من منتصف ليلة الأربعاء. وحذر الوزير من أن الاقتصاد البريطاني سينمو بسرعة أقل في كل سنة من السنوات الخمس المقبلة، رغم أنه ينمو بوتيرة سريعة مقارنة بالاقتصادات الأخرى، خاصة مع خفض توقعات النمو إلى 2 في المائة في 2016. و2.2 في المائة العام القادم، من 2.4 في المائة في إعلان الخريف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، و2.1 في المائة في عام 2018، مقارنة مع 2.5 في المائة في نفس الإعلان المذكور سابقا. وأشار الوزير إلى أن بريطانيا وضعت «حجر الأساس» في السنوات الست الماضية للتعامل مع التأثيرات العالمية المعاكسة. وقال أوزبورن إن عجز الموازنة في ميزانية 2015 - 2016 سيبلغ 72.2 مليار إسترليني مقارنة بإعلان الخريف، الذي بلغ فيه التقدير 73.5 مليار إسترليني. وأوضح أن العجز في الميزانية الجديدة سينخفض إلى 55.5 مليار إسترليني، وفي موازنة 2017 - 2018 سيبلغ 38.8 مليار إسترليني. وقال إن بريطانيا ستكون قادرة على تحقيق فائض بنحو 10.4 مليار إسترليني في موازنة 2019 - 2020، مقارنة مع توقعات سابقة قدرت الفائض بنحو 10.1 مليار إسترليني. كما أعلن أوزبورن عن الدعم لصناعة النفط، بما في ذلك خفض الرسوم الإضافية على إنتاج النفط والغاز إلى 10 في المائة.
مشاركة :