نهى مكرم- مباشر- اكتسب الاقتصاد الصيني زخماً الربع الماضي مع زيادة الإنفاق على كل شيء بدءً من المطاعم إلى السيارات، ما يعوض التداعيات السلبية لأزمة العقارات ويجعل مستهدف النمو السنوي لبكين في المتناول. واتسع الناتج المحلي الإجمالي للثلاثة أشهر المنتهية في سبتمبر/أيلول بنسبة 4.9% على أساس سنوي، و1.3% الربع السابق، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين على نحو كبير، إذ يبدو أن المحفزات الحكومية بدأت تؤتي ثمارها. وحظت البيانات بدفعة من النمو القوي لمبيعات التجزئة الشهر الماضي، والتي سجلت أكبر قفزة لها منذ مايو/أيار. وكان معدل البطالة هو الأدنى فيما يقرب من عامين، إذ سجل 5%. وقال تشاو هاو، كبير الاقتصاديين لدى "جوتاي جونان إنترناشونال"، إن هناك شيء واضح على الأقل على المدى القصير ألا وهو أن الأسوأ قد ولّى بالنسبة لنمو الصين، فعلى الرغم من أن خطر تباطؤ النمو العام المقبل لايزال مطروحاً على الطاولة، فإن الزخم الاقتصادي على المدى القصير أزاح بعض الغيوم التي تحيط بالاقتصاد. وأوضحت "بلومبرج" أن بيانات الأربعاء بمثابة نعمة للاقتصاد العالمي وحكومة شي جين بنج، التي ترغب في تعزيز زخم ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. وتزامنت بيانات الربع الثالث مع خطاب شي في منتدى الحزام والطريق، حيث كان يتطلع إلى إعادة إحياءاتفاقه الاستثماري المميز بقيمة تريليون دولار وسط تزايد العقبات الناجمة عن تباطؤ النمو في البلاد والتوترات الجيوسياسية. وقال سينج لايون، نائب رئيس مكتب الإحصاءات الوطني، إن البلاد واثقة للغاية من قدرتها على الوصول لمستهدف النمو السنوي البالغ 5% لعام 2023. ويُشار إلى أن الناتج المحلي الإجمالي بحاجة للنمو بأكثر من 4.4% خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من العام لتحقيق مستهدف النمو. واستجابت الأسواق المحلية والعالمية على نحو إيجابي للبيانات، إذ ارتفع اليوان بنسبة 0.2% في الأسواق الداخلية والخارجية. كما ارتفعت عملات الدول التي يرتبط نموها بالصين- مثل أستراليا وتايلاند وكوريا الجنوبية- وواصلت، أيضاً، المعادن بما في ذلك النحاس والألومنيوم مكاسبها. واتخذت السلطات عدة خطوات في الأشهر الأخيرة لدعم سوق العقارات، بما في ذلك تخفيف واسع النطاق لمتطلبات مقدم الحجز، وخفض بعض أسعار الفائدة على الرهن العقاري. إلا أن هذا لم يكن كافياً لعكس مسار القطاع، إذ أظهرت البيانات، الصادرة اليوم الأربعاء، أن الاستثمار العقاري انكمش بنسبة 9.1% في التسعة أشهر الأولى من العام الجاري. وانخفضت مبيعات المنازل بنسبة 6.3% منذ بداية العام حتى الآن، في حين انخفض بناء المساكن الجديدة بنسبة 24% تقريبًا. وقالت لويز لو، الخبيرة الاقتصادية الصينية لدى شركة "أكسفورد إيكونوميكس المحدودة"، إن مؤشرات العقارات ظلت ضعيفة للغاية في سبتمبر/أيلول. وأضافت أن التباين بين بيانات الاقتصاد الكلي، الجيدة نسبيًا، وضعف المعنويات في قطاع العقارات كبير جدًا لدرجة أنه من الصعب رؤية مدى تسارع الزخم في غياب محفزات قوية. وأظهرت البيانات ارتفاع الناتج الصناعي بنسبة 4.5% في سبتمبر/أيلول على أساس سنوي، أي أعلى من متوسط التوقعات بارتفاعه 4.4%. بالإضافة إلى اتساع مبيعات التجزئة بنسبة 5.5% في سبتمبر/أيلول، مقابل متوسط التوقعات عند 4.9%. كما ازدادت استثمارات الأصول الثابتة بنسبة 3.1% خلال التسعة أشهر الأولى من العام مقابل الفترة ذاتها العام الماضي، ولكنه أقل من متوسط التوقعات بارتفاعها 3.2%. بينما تراجعت الاستثمارات في قطاع العقارات بنسبة 9.1% في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول، ما يعد أسوأ من التوقعات. وقال تشانج شو ودايفيد كيو، اقتصاديان لدى "بلومبرج إيكونوميكس"، إن أحدث البيانات الصينية تبعث على الارتياح نوعاً ما ولكنها ليست سبباً للاحتفال، فعلى الرغم من أن نمو الناتج المحلي الإجمالي أظهر تسارع التعافي في الربع الثالث، يثير الزخم الضعيف في الإنتاج والاستهلاك في شهر سبتمبر/أيلول التساؤلات حول ما إذا كان هذا التسارع سيستمر في الربع الرابع، كما أنه يشير إلى الحاجة لمزيد من السياسات الداعمة.
مشاركة :