انطلقت في بريطانيا خلال الشهر الجاري حملة وطنية واسعة للتوعية من أخطار الاستغلال الجنسي للأطفال وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن أي شبهات لديهم ولو كانوا غير متأكدين منها، وسط مخاوف من أن حالات كثيرة لا يبلّغ عنها لهذا السبب. وتشارك في هذه الحملة مديريات الشرطة والمجالس البلدية في عموم البلاد، فضلاً عن جمعيات تُعنى بالأطفال، وهي تستجيب لمبادرة أطلقتها وزارة التعليم بعنوان «معاً، يمكننا أن نتصدّى لاستغلال الأطفال». وتركّز المبادرة على دور كل فرد في المجتمع في حماية الأطفال من الاستغلال والإهمال. وتقول شرطة مقاطعة نورفولك (شرق) إن أجهزتها المعنية تلقت خلال كانون الثاني (يناير) الماضي 2441 اتصالاً من مواطنين للإبلاغ عن أمور معينة، فتبيّن أن 1090 منها كانت للإبلاغ عن شبهات باحتمال تعرّض أطفال للاستغلال أو الإهمال. وتوضح شرطة نورفولك، التي انضمت إلى حملة التوعية، أن النصف تقريباً من بين الذين لديهم شكوك في حصول استغلال للأطفال لا يتقدّمون للإبلاغ عنها بسبب خوفهم من أن يكونوا مخطئين أو بسبب خشيتهم مما يمكن أن يحصل بعد الإبلاغ عن شبهاتهم. لذا، فإن هناك خوفاً كبيراً من أن تكون هناك حالات كثيرة من الاستغلال لا تعرف الشرطة عنها شيئاً. وتقول الضابطة جولي فينديث من فرع التحقيق والحماية في شرطة نورفولك، إن قوات الأمن في المقاطعة «تدعم أي مبادرة تساعد في تشجيع الناس على آلا يكونوا خائفين من الإبلاغ عن الشبهات باستغلال الأطفال أو إهمالهم (...). إن غايتنا منع الأذى عن أولئك الذين يستغلون، وحماية الأطفال أو الشبان والشابات الصغار المهددين (بالاستغلال)، وجلب المخالفين للمثول أمام القضاء بهدف ضمان أن يكون للمواطن الثقة في أن يبلغنا بالشبهات التي لديه». وتكشف الأرقام الوطنية في إنكلترا أنه خلال العامين 2014-2015 حصل 400 ألف طفل على مساعدة، بعدما بلّغ طرف ما بأنهم في حاجة إلى عناية. ولا توضح هذه الأرقام نوع المساعدة التي قدّمت ولا نسبة الشبهات بالاستغلال الجنسي من بين حالات الأطفال الـ 400 ألف، الذين تمت مساعدتهم. وتشدد حملة التوعية على أن لدى «كل فرد» في المجتمع دوراً في التصدّي للاستغلال الجنسي للأطفال. وتتضمّن هذه الحملة، مثلاً، إيراد «أساطير» والرد عليها بـ «حقائق». فإذا كانت «الأسطورة» تقول: «ليس عملي أن أبلّغ عن استغلال الأطفال. هذا عمل الأساتذة والمسؤولين المعنيين (بالعناية بالأطفال)»، فإن «الحقيقة» التي ترد عليها: «لا، من واجب كل فرد (في المجتمع) أن يبلغ عن استغلال الأطفال». وترد «حقيقة» أخرى على «أسطورة» أن الأطفال المبلّغ عن تعرّضهم للاستغلال الجنسي أو الإهمال يؤخذون مباشرة من أهلهم وتعتني بهم المجالس البلدية، فتقول إن ذلك ليس صحيحاً. ويبدو هدف هذه «الحقيقة» الأخيرة طمأنة الذين يترددون في الإبلاغ عن شبهاتهم خشية أن يكونوا هم السبب في تشتيت شمل العائلة على أساس شبهة ليسوا متأكدين منهم. لكن حملة التوعية تضيف في إعلاناتها جملة أساسية تقول «ليس عليك أن تكون متأكداً مئة في المئة من شبهة استغلال الأطفال حتى تتقدّم للإبلاغ عنها»، في مؤشّر آخر إلى الخوف من أن هناك حالات كثيرة لا يبلّغ عنها بسبب تردد المواطنين في الجهر بمخاوفهم. وتوضح أقسام الشرطة التي تروّج لحملة التوعية أن أي معلومة تقدّم قد تساعد في حل «الأحجية» (اللغز) كونها يمكن أن تربط بين أمور متوافرة لدى المحققين من مصادر أخرى، في شأن حالة من حالات الاستغلال الجنسي للأطفال. وتقدّم حملة التوعية الوطنية «مؤشرات» تحض المواطنين على الإبلاغ عنها عند ملاحظتها في الأطفال، مثل: 1- «المظهر الخارجي» للطفل عندما تظهر عليه جروح لا تفسير لها، أو ظهوره متسخاً أو بهندام غير نظيف في شكل متكرر، أو جلبه «هدايا» حصل عليها بطريقة غريبة، أو عند ملاحظة أن أهله يأتون لأخذه من المدرسة وهم في حال ثمالة. 2- «التصرفات»، كأن يصير تصرّف الطفل عدوانياً أو كثير المطالب، أو التأخّر المتكرر عن دوام المدرسة أو الغياب كلياً عن الصف، أو محاولة الطفل «تجنّب» أهله، أو اكتشاف أن الطفل جرّب أو يحاول أن يجرّب تعاطي المخدرات أو احتساء الخمر. 3- «لغة الخطاب» للطفل، كأن يستخدم لغة فيــــها إيحاءات جنسيـــة أو شتائـم، أو يحاول أن يــــؤذي نفســـه، أو أن يصير منغلقاً على نفسه، أو أن يصـــير «مطيعاً» في شكل زائد عن الحدود الطبيعية.
مشاركة :