شقيقان يلتقيان بعد فترة طويلة من الانقطاع. منزل والدهما المتوفى يُفترض أن يُهدم وعليهما تصفية أثاث المنزل وبيعه. ولكي يحدّدا قيمة ذلك الأثاث يُكلّفان بالمهمّة مضارباً اسمه «سالومون»، تاجر يهودي عجوز، يتحوّل من مجرّد تاجر مضارب إلى شاهد على تصفية حسابات قديمة بين الشقيقين. كان الأخوان تعاملا على النقيض إزاء إفلاس الوالد بسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة عام ١٩٢٩. فبينما قرّر «فيكتور» هجر الدراسة الجامعية ودخول سلك الشرطة للتمكّن من دعم الوالد عبر راتب شهري ثابت، قرّر «وولتر» مواصلة الدراسة حتى صار طبيباً جراحاً. قدّمت العمل فرقة النجم المسرحي الإيطالي الكبير أومبيرتو أورسيني، الذي ساهم في إنتاج المسرحية وفي أداء دور المضارب اليهودي «سالومون». وينظر أورسيني إلى عمل آرثر ميللر باعتباره نصاً «في غاية العمق عن الثمن الذي يدفعه المرء ندماً على مواقف اتّخذها في حياته». يؤدي الممثّل ماسّيمو بوبوليتسيو، الذي أخرج العمل أيضاً، دور فيكتور، فيما يؤدي إيليل شيلتون دور «وولتر». والمعروف أنّ بوبوليتسو عمل في السينما أدواراً مهمة أيضاً، منها دور «لو سكوالو- سمك القرش» في فيلم «إل ديفو» للأوسكاري الإيطالي باولو سورّينتينو. وعن أسباب اختياره إنتاج هذا النص وتمثيله يقول أومبيرتو أورسيني: «إنها المرة الثالثة التي أتواجه فيها مع نص من نصوص آرثر ميللر، فبعد «موت بائع جوّال» و «كلّهم أبنائي»، أتعامل مع هذا النص الذي اعتُبر من الأعمال غير الرئيسية لميللر قياساً إلى الأعمال الأخرى، في حين أرى، على العكس، أنه ينبغي التعامل معه على أساس أنه نص مهم جداً». ويُضيف في هذا السياق: «لقد تعرّفت إليه صدفة في لندن، عندما عثرت على نسخة منه في مكتبة المسرح القومي». وكان الوحيد الذي تعامل مع هذا النص في إيطاليا هو النجم والمخرج الراحل راف فالّوني عام ١٩٦٠، وعنه يقول أورسيني: «لمجرّد قراءته أدركت القوة الكامنة فيه: إنها القصة التي تروي تداعيات الأزمة الاقتصادية على عائلة ما». وإذاً، فإنه ليس المعني بـ «الثمن» ثمن الأثاث، «لا، بل هو الثمن الذي ندفعه جميعنا من أجل أن نعيش، ويعتمد ذلك على زوايا النظر المختلفة والمتباينة. فخيارات الماضي تُحدّد ما نحن عليه وما وصلنا إليه، لكننا في غالب الأحيان نحيد بأبصارنا عن تلك التداعيات ونتجاهلها. فما كان يبدو مهماً جداً في وقت من الأوقات، يُفصح عن كونه غير ذي أهمية على الإطلاق، أو يبدو مأسوياً، أو حتى مضحكاً». وعن سؤاله عن الدور الذي تلعبه الشخصية التي يؤدي دورها مقابل شخصيتَي الشقيقين البطلين، يجيب: «تبدو شخصية «سالومون»، التاجر المُضارب، في الظاهر شخصية ثانوية لكنها هي الشخصية المحرّكة للأحداث، وهي من تضع «فيكتور» و«ولتر» وجهاً لوجه، فلكل قطعة من الأثاث الذي ينبغي عليه أن يُحدّد ثمنه، ثقل حياة بكاملها، وهو ثقل يفرض على الأخوين العودة إلى خطواتهما إلى الوراء». ساهم «أومبيرتو أورسيني» في إنتاج المسرحية، وقد أناط إخراج العمل إلى زميله على الخشبة «ماسّيمو بوبوليتسو»، الذي شارك معه في مسرحية «الرجل صعب المراس» و«كوبنهاغن» من إخراج الراحل الكبير «لوكا رونكوني». وعن هذا الخيار يقول أورسيني: ««الثمن» مسرحية شخصيات وتعتمد كثيراً على الكلمة وأدائها، و«ماسّيمو بوبوليتسو» شخصية رائعة، وقد تعلّم من «لوكا رونكوني» أسلوب العمل مع الممثلين، وهو يعثر على مُسبّب لكل كلمة تُقال على الخشبة، وعن الشكل المناسب والدقيق الذي ينبغي أن تُقال به تلك الكلمة. وقد تحوّل النص إلى ما يُشبه مقطوعة لرباعي وتري، وما كنت أرغب فيه أنا هو تحقيق عرض بعيد من مجرّد الثرثرة المحضة”. أمّا في ما يتعلّق بمسألة الإنتاج، فيقول أورسيني: «أنا أثق بالنصوص الجيّدة وبالممثلين الجيّدين، أريد أن أختار وأن أكون سيّد ذلك الخيار، ولهذا السبب أسّست فرقتي الخاصّة، وأتحمّل فيها كل المخاطر والتحدّيات. وحين أحمل عروضي إلى أرجاء إيطاليا أو إلى أي مكان آخر، فإنني أفعل ذلك برغبة وحب جامحين للمسرح، وأعني المسرح النوعي المُنجز بمستوى عالٍ».
مشاركة :