شددنا منذ الايام الاولى التي تلت الكارثة التي ألمت بمدن المنطقة الشرقية وخصوصاً مدينة درنة، حرصنا على ابقاء تركيزنا منصباً على إنقاذ ما يمكن انقاذه من أرواح وتكريم من قضى من الشهداء ودفنهم بالشكل اللائق. هذه المطالبات راعت سلم الأولويات التي يجب مراعاتها في مثل هذه الحوادث الاستثنائية، ولإدراكنا أن البنية التحتية في ليبيا في حالة يرثى لها، وأن طواقم المساعدة والانقاذ والطوارئ الليبية، على الرغم من البطولة والشجاعة التي أبدتها، إلا أنها وبسبب الفساد والانهيار الكامل في شتى هياكل الدولة ومؤسساتها الخدمية، وجدت نفسها وعلى الرغم من حماسها واخلاصها، عالقة في دائرة الفوضى والارتباك هذا الفساد والانهيار في نواحي ادارة المؤسسات، والذي حذرنا منه منذ سنوات ، ويدرك أبعاده أفراد الشعب الليبي، الذي وعلى الرغم من حالة الحزن والاحباط التي أصابته بشكل حاد، إلا أنه أشار بأصابع الاتهام، وبشكل مناسب، الى الفساد وعملائه من يتحكمون بأرزاق ومصائر الليبين، كمتهم رئيسي ساهم في تجاوز الكارثة الطبيعية حدودها وسقوط الالاف من الضحايا والشهداء، وبشكل مفهوم طالب العديد من الليبين بفتح تحقيق دولي واشراف دولي مستقل وبشراكة ليبية في ادارة جهود انقاذ واعادة اعمار مدينة درنة. أن هذه المطالبات التي تأتي من رحم معاناة طويلة عاشاها الليبيون، يذكيها ما يحدث في مدينة درنة من استغلال ومتاجرة ومزايدات يشعر معها الجميع ضرورة ان نسعى بكل ما لدينا لحماية هذه المدينة وباقي المدن والقرى المتضررة في الجبل الأخضر ، من التوظيف والاستغلال الذي يمارسه من سيطروا على المشهد في ليبيا لسنوات. إلا أن الحل الأمثل في ليبيا لن يكون في تشكيل لجنة اشراف دولية لاعمار وانعاش هذه المدينة أو تلك، لأن كل مدينة في ليبيا هي مشروع كارثة تنتظر الحدوث، وكل مناطق ليبيا يمكن أن تصبح مناطق منكوبة في أي لحظة من اللحظات بسبب انهيار المؤسسات وغياب الادارة الحكيمة وتلاشي مظاهر الدولة بشكل عام. أن الأحداث والتطورات التي تمر بها المنطقة سواء في محيطنا الأفريقي أو العربي خلال الأيام والأسابيع والشهور الماضية، يِبرز الأهمية البالغة للوضع الليبي الهش والفراغ المقلق الذي تعيشه بلادنا بحيث يجعلها أكثر النقاط عرضة للانهيار والأضعف مقاومة لأي ارتدادات سلبية فقد تأتي بها المتغيرات المحيطة بمنطقتنا، ومن هنا فإن الدفع الإيجابي وإنقاذ بلادي بعد أكثر من عقد من الاقتتال والدمار سيكون ليس من مصلحة الليبين فقط ، بل من مصلحة جيرانها وجميع دول المنطقة المهتمة. أن الانقاذ الذي تحتاجه بلادي اليوم هو عودة الدولة ومؤسساتها الشرعية والدستورية والقانونية المتمثل في المملكة الليبية ، هذه المؤسسات والتي بالطبع ستحتاج إلى كل الدعم الإقليمي الدولي الممكن في جميع المجالات، ستستطيع ان تعيد بناء بلادنا بالشكل الملائم وتعيد الى حكوماتنا الشفافية والنزاهة المطلوبة منها، وأن تقدم الى القضاء كل من يتهاون أو يتلاعب بمقدرات الليبين ومصائرهم. الأمير محمد السنوسي ولي عهد ليبيا
مشاركة :