ووسط الدمار والمنازل المتفحمة في الكيبوتس، بدا لسكّانه أنهم خسروا كل شيء في حياتهم، ومنهم رون باهات (57 عاماً) الذي حضر الخميس لتفقّد مدى "الكارثة" الناجمة عن الهجوم. ربع السكان ويشير باهات إلى منزل عًثر بين أنقاضه وحطام أثاثه على جثتي امرأة وحفيدها، وفق ما يقول، مضيفا "لقد احتمت معه في داخل الملجأ. كانت الدماء في كل مكان"، معتبراً أن "القتل وإزهاق الأرواح" كان هدف المهاجمين. واقتحم نحو 200 من عناصر حماس المسلحين برشاشات القرية الزراعية التعاونية، بعد تسللهم إليها عبر ثلاث ثغر أحدثوها في سياجها، وفق مسؤولي الكيبوتس الذي يقدرون عدد مَن قُتل أو خُطِفَ بنحو ربع سكانه البالغ عددهم الإجمالي نحو 400. "من أفضل الأماكن" فجر يوم السبت 7 تشرين الأول/أكتوبر، باغت عناصر حماس البلدة، فانقلبت حياة سكّانها رأساً علة عقب. وقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل منذ بدء الحرب قبل 14 يوما، وتقول إسرائيل إن معظمهم مدنيون قضوا طعنا أو حرقا أو بالرصاص في اليوم الأول لهجوم حماس. واقتاد عناصر حماس معهم 203 رهائن، بحسب السلطات الإسرائيلية. ويشير رون باهات إلى صعوبة الحصول على أرقام دقيقة لعدد القتلى. فالعثور على جثث استمر في الأيام الأخيرة، فيما لا يزال بعضها في انتظار التعرّف عليه، وهو أمر صعب بسبب حال الجثث. وتجا رون باهات بفعل إبقائه باب الملجأ الذي احتمى فيه مع عائلته مغلقا لمدة ثماني ساعات ونصف الساعة، رغم محاولات مقاتلي حماس المتكررة لخلعه. ولم يستخدموا القنابل اليدوية أو المتفجرات لدخوله، كما فعلوا في أماكن أخرى. ويرى باهات أن "نير عوز كان من أفضل الأماكن للعيش". ورافقت وكالة فرانس برس وسائل إعلامية أخرى الى الكيبوتس ضمن جولة نظّمها الجيش الإسرائيلي. وبعد مرور نحو أسبوعين على الهجوم، لا تزال آثاره بادية بوضوح. فالغسيل مثلاً لا يزال يتدلى من الحبال، فيما دراجات الأطفال الهوائية مرمية على الأرض، في الحدائق، بجوار المنازل المحروقة. وكان المسؤول عن الأمن في نير عوز شاكار بتلر (40 عاماً) أحد القلائل من السكان الذين عادوا الخميس إلى الكيبوتس لدفن أحد أصدقائه. ويقول إن "ما حصل أمر لا يمكن تصوره"، ويروي أنه رأى بعد انطلاق صفارة الإنذار تحو عشرة عناصر مسلحين يدخلون فناء منزله ويرمون قنابل يدوية على بيته. "كنت أطلق النار عليه" ويقول "كلّما كان شخص ما يحاول لمس نافذتي، كنت أطلق النار عليه"، مضيفا أن "الأشخاص الذين خرجوا (من منازلهم)، تعرّضوا للخطف والقتل". وتم إجلاء جميع الناجين من الكيبوتس بعد الهجوم. ومنذ ذلك الحين، تمركز الجيش الإسرائيلي في القرية الواقعة على بعد بضعة كيلومترات فقط من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس وتُواصِل إسرائيل قصفه رداً على الهجوم. وأوقع القصف الإسرائيلي على القطاع المحاصر أكثر من 4137 قتيلا غالبيتهم مدنيون. ويبلغ عدد سكان القطاع نحو 2,4 مليونا وتحاصره غسرائيل منذ العام 2007، تاريخ سيطرة حركة حماس عليه. وفيما يتأهب الجيش الإسرائيلي لعملية برية قد يشنّها على قطاع غزة، يقول عدد من السكان إن السلام ابتعد أكثر بعد هجوم حماس. ويقول بتلر "زرعنا حقولنا على أمل أن يحصل حل سلمي يوماً ما، لكنّ الأمر أصبح الآن مستحيلاً، فقد طرأ تحوّل يبلغ 180 درجة". بعيداً، يُسمَع دويّ انفجارات ضربات جوية جوية وقذائف هاون وإطلاق نار.
مشاركة :