مقالة خاصة: شبح "نكبة" جديدة يطارد الفلسطينيين في غزة

  • 10/20/2023
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يطارد شبح "نكبة" جديدة الفلسطينيين في قطاع غزة مع تواصل جولة قتال هي الأعنف منذ سنوات مع إسرائيل التي تستعد لشن هجوم بري يستهدف تدمير قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل المسلحة. ففي مدينتي غزة وخانيونس في قطاع غزة جرى تدشين معسكرين يضمان مئات الخيام لإيواء آلاف النازحين الفلسطينيين جراء تفجر القتال بين حركة حماس وإسرائيل بعد هجوم غير مسبوق شنه مسلحون من حركة المقاومة الإسلامية في السابع من أكتوبر الجاري على بلدات في جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل 1400 شخص. ويقوم موظفون يرتدون سترة زرقاء في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) بترتيب وتنظيم العمل في معسكري النازحين. وكان الجيش الإسرائيلي قد أنذر قبل أسبوع أكثر من مليون شخص، أي نصف سكان قطاع غزة، بمغادرة محافظتي غزة وشمال القطاع خلال 24 ساعة. وأقيم المعسكران في ظل عدم استجابة الآلاف من الفلسطينيين للنزوح إلى وسط وجنوب القطاع، إضافة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من النازحين المتكدسين في خانيونس. ولم تصدر الأونروا أي تعقيب بشأن المعسكرين. لكن موظفا في الوكالة الدولية اشترط عدم كشف هويته لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام قال لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن عشرات العائلات التي ترفض الخروج من غزة وشمال القطاع لجأت إلى المكان مع كامل أفرادها للإقامة هنا في معسكر غزة". وأضاف أن الأونروا "اضطرت إلى إحضار خيام لهم وتعمل الآن على رعايتهم". وجاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد من نداء أطلقه المكتب الإعلامي التابع لحركة حماس طالب فيه الوكالة الدولية بضرورة استئناف أنشطتها في شمال القطاع بما فيه مدينة غزة. وقالت الفلسطينية فريال عبد الهادي التي تم تسكينها في إحدى الخيام مع أسرتها المكونة من سبعة أفراد لـ((شينخوا)) إن "الطيران الإسرائيلي دمر منزلنا في بيت لاهيا وقتلوا أقاربنا وجيراننا ودمروا كل شيء..." وأضافت عبد الهادي "لا في كهرباء ولا ماء ولا طعام.. تحولنا إلى نازحين نفترش الأرض ونلتحف السماء من دون أي شيء من مقومات الحياة". وفي تكرار لما عانوه أجدادهم قبل عقود، ينام النازحون داخل خيام وحجرات وساحات واسعة في الليل، وفي الصباح ينشرون ملابسهم وأغطيتهم أعلاها ويجلسون تحت أشعة الشمس. وتعيد هذه الأجواء إلى الأذهان أصداء "النكبة"، وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على طرد ونزوح حوالي 957 ألف فلسطيني، أي ما نسبته 66 في المائة من إجمالي الفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية من الأراضي التي سيطرت عليها إسرائيل خلال حرب عام 1948. وبعد سبعة عقود ونصف نزح أكثر من مليون فلسطيني في قطاع غزة منهم 600 ألف نازح بمناطق غزة وشمال القطاع، وفق الأمم المتحدة. ويعيش نصف الفارين الآن في خيام مدارس ومنشآت تديرها وكالة الأونروا، فيما يقيم آخرون في ساحات المستشفيات وقرب المساجد أو لدى أقربائهم أو أصدقائهم في جنوب القطاع. وقال الفلسطيني محمد أبو رزق الذي يقطن في مخيم رفح بمنزل يكتظ بعشرات النازحين ولا يوجد بداخله موطئ قدم لنازح جديد لـ((شينخوا)) "بدهم (يريدون) يقتلونا، ويدمروا منازلنا ويجوعونا، لكننا لن نستجيب لهم"، في إشارة إلى إسرائيل. وأضاف أبو رزق (47 عامًا) "عائلتي هجُرت من بيت دراس (تبعد 32 كيلو متر عن غزة) وقالوا لهم أيام وراح ترجعوا بس ما حدا رجع..." ونزح والد أبو رزق عندما كان طفلًا إلى قطاع غزة الذي تحول إلى أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان في العالم. ومضى أسبوع على مطالبة الجيش الإسرائيلي جميع المدنيين الفلسطينيين مغادرة الجزء الشمالي من القطاع، بما فيه مدينة غزة والتوجه إلى جنوب القطاع، لكن عشرات الآلاف من الفلسطينيين وإدارات كبرى المستشفيات التابعة لحركة حماس في غزة وشمال القطاع يرفضون الانصياع. وأدى القصف الإسرائيلي إلى قتل نحو 4 آلاف فلسطيني وسط تصاعد قياسي لأعداد الضحايا على مدار الساعة. وقدرت الأمم المتحدة بأن غارات إسرائيل دمرت 30% من الوحدات السكنية في قطاع غزة بما في ذلك مسح مربعات سكنية بالكامل. ويتولد شعور متزايد لدى الفلسطينيين بأن الهجمات الإسرائيلية غير المسبوقة تهدف إلى إجبار سكان قطاع غزة الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة على التوجه جنوبا إلى سيناء. وردًا على ذلك، حذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والملك الأردني عبدالله الثاني خلال لقائهما أمس في القاهرة من الخطورة البالغة لدعوات تهجير الفلسطينيين على الأمن الإقليمي. ولمصر حدود برية مع قطاع غزة تمتد لحوالي 13 كيلومترا. وبالنسبة للكثير من الفلسطينيين تتشابه الأجواء الحالية مع تلك التي سادت في أوقات الهجرة السابقة، سواء من ناحية الجانب النفسي أو العقائدي، أو حتى فيما يتعلق بالروح والتصدي، والجميع لديه مخاوف بشأن المستقبل والمصير المجهول. ويقول نازحون خلال نقاشات مفتوحة في مراكز الإيواء وأثناء اصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على الماء ورغيف العيش "أمريكا وأوروبا هما سبب مأساتنا وأزماتنا... لكن لن نتهجر من جديد مهما فعلوا". واتهم رجل عرف عن نفسه باسم أبو سليمان مهاني، وهو من حي الشجاعية شرق غزة ويعيش في مركز إيواء وسط خانيونس، الرئيس الأمريكي وبريطانيا والأوروبيين بالوقوف خلف إسرائيل في هجومها واسع النطاق على القطاع. وقال نجل مهاني وهو محامي إن "الناس تشعر الآن بالضياع والغربة تحت وطأة القصف الإسرائيلي المتواصل ونقص الخبز ومياه الشرب وانقطاع الكهرباء". وأضاف أن "فكرة المغادرة أو الطرد من الأرض تنكأ وجدان الجميع هنا..."

مشاركة :