هل يعري إلغاء أيام قرطاج السينمائية تأزم قطاع السينما في تونس؟

  • 10/21/2023
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

أثار قرار وزارة الشؤون الثقافية التونسية إلغاء الدورة الرابعة والثلاثين من أيام قرطاج السينمائية قبل أيام من انطلاقها موجة استياء وغضب في صفوف السينمائيين وأيضا نخبة من المجتمع المدني، مطالبين بإعادة النظر في القرار ودعم السينما كوسيلة للتعبير والمقاومة وتعزيز التواصل الثقافي. وكانت وزارة الشؤون الثقافية التونسية في بيانها المقتضب الذي أصدرته، الخميس، علقت قرارها على مشجب التضامن مع الشعب الفلسطيني، قائلة إنه نظرا للأوضاع "الإنسانية الحرجة التي يشهدها قطاع غزة وكافة الأراضي الفلسطينية... قرّرت الوزارة إلغاء تنظيم الدورة 34 من أيام قرطاج السينمائية". لكن هذا القرار المفاجئ والصادم وفق تعبير بعض السينمائيين، يبدو أنه يبطن مشكلات تتعلق بالقطاع نفسه أعمق من مسألة التضامن مع فلسطين، حيث كانت الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري في تونس كشفت في مارس/آذار الماضي عن إلغاء دورة "أيام قرطاج السينمائية" لعام 2023، فهل هذه رؤية استباقية أم تحليل منطقي لما يمر به القطاع من مشكلات؟ وكان المنتج السينمائي الحبيب بلهادي اعتبر على هامش الندوة الصحفية التي عقدتها الغرفة النقابية في مقر نقابة الصحفيين التونسيين في مارس/آذار، وكان لموقع "ميدل إيست أونلاين" اطلاع عليها، أن أول تجربة في المس بالمكاسب كان من خلال أيام قرطاج السينمائية"، قائلا إن وضعية السينما التونسية اليوم هي نتيجة لتشتت العائلة السينمائية وتشتت مصالحها وأجيالها المختلفة، فالسلطة وجدت نفسها أمام عائلة مهترئة وضعيفة لا تعرف كيف تدافع عن حقوقها ومكاسبها". في حين شدد الموزع ومستغل قاعات الأفلام محمد الفريني خلال الندوة على أن "ضرب أيام قرطاج يضر بالصالات والموزعين والمنتجين والجمعيات والمدارس السينمائية". ويعاني القطاع من عدة مشكلات يترجمها إغلاق قاعات سينمائية، ينضاف إليها قرار إلغاء دورة "أيام قرطاج السينمائية" لعام 2023. وهذا ما ألمحت إليه الممثلة التونسية مريم بن حسين ردا على قرار إلغاء الدورة 34، حيث قالت من خلال صفحتها بفيسبوك "تياترو أولا، يوكا، حبيبي، قاريسون، وغيرهم.. يتم إقفالهم.. إلغاء دورة أيام قرطاج السينمائية، مع العلم أن هذه السنة هو مئوية السينما التونسية.. هل هكذا التعاطف يكون؟! ". وكان من المقرر احتفاء  الدورة الرابعة والثلاثون لأيام قرطاج السينمائية بمئوية السينما التونسية، حيث تم تخصيص قسم خاص بها مع الاحتفاظ بجميع المسابقات والأقسام الرئيسية للمهرجان، وهو احتفال بمسيرة طويلة بدأت مع أول فيلم تونسي روائي "زهرة" لسمامة شيكلي، والذي يعتبر من أوائل الأفلام التي أخرجها أحد السكان الأصليّين من القارّة الأفريقية، وتمّ عرضها لأوّل مرّة على شاشات السينما التونسية في ديسمبر/كانون الأول 1922. ويبدو أن الإعلان الصريح عن إلغاء أيام قرطاج السينمائية سيسلط الضوء على وضعية قطاع السينما الذي كانت الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري في تونس كشفت خلال الندوة التي انتظمت بحضور ممثلين عن قطاعات الإنتاج والتوزيع والاستغلال السينمائي، أنه يعيش "تخريبا ممنهجا"، وسيجدد دعوتها للجهات المعنية وخاصة وزارة الشؤون الثقافية إلى الاهتمام الجدي بالقطاع الذي ساهمت جائحة كورونا في تدهوره. ولم تتوان الغرفة النقابية عن دق ناقوس الخطر بواسطة تمرير العديد من الرسائل الموجهة إلى المسؤولين عن هذه الوضعية المتأزمة التي طالت القطاع خلال العشرية الأخيرة في ظل غياب شبه كلي لأي مشروع إصلاحي أو حتى موقف سياسي خاصة من قبل وزارة الثقافة. ويرى رئيس الغرفة النقابية رمسيس محفوظ أن "إلغاء دورة لا يساعد في حل أي مشكل، فأيام قرطاج السينمائية تعاني من صعوبات هيكلية في حاجة لإصلاحات عميقة، إذ تعاني من مشاكل في التنظيم والتمويل والتسويق والتواصل وهشاشة في هياكل التسيير مما يفضي إلى استحالة تطوير الأداء". وبحسب المنتج والمخرج التونسي معز كمون، فإن هذا المهرجان السينمائي يحتاج إلى ما لا يقل عن ست سنوات ليعاود الوقوف على قدميه من جديد. وبعد نحو 8 أشهر تعيد جمعية المخرجين السينمائيين التونسيين على هامش إلغاء أيام قرطاج السينمائية 2023 الدعوة نفسها وإن بصياغة مختلفة، قائلة في بيان "تعبيرًا عن استنكارها الشديد واستيائها العميق تجاه القرار الذي اتخذته وزارة الشؤون الثقافية بشأن إلغاء الدورة 34 لأيام قرطاج السينمائية، تود الجمعية أن تعبر عن رفضها القاطع لهذا الإجراء الذي يؤثر بشكل كبير على الساحة السينمائية والثقافية في تونس". ولفتت إلى أن "السينما ليست مجرد فن ترفيهي، بل هي وسيلة مهمة للتعبير عن الثقافة والهوية والمقاومة وخاصة في هذا الوقت بالذات أين يواجه إخواننا الفلسطينيين حرب الإبادة والتهجير". واعتبرت في إلغاء هذه الفعالية الثقافية المهمة ضربة قوية للسينمائيين وللمبادئ الثقافية التي يتمسك بها، مضيفة "كما كنا قد تفاعلنا إيجابيا مع إلغاء كل المظاهر الاحتفالية للمهرجان، فإننا نرفض بشدة قرارا الإلغاء الذي جاء متسرعا". وختم رئيس الجمعية أكرم منصر البيان قائلا "نحن نأمل في أن تعيد الوزارة النظر في هذا القرار وتتخذ إجراءات تعزز دعم الثقافة في تونس باعتبارها أداة مقاومة وتفكير. إننا ملتزمون بتعزيز دور السينما كوسيلة للتعبير والتواصل الثقافي". وشكل إلغاء الدورة 34 للمهرجان التي كانت ستقام في الفترة من 28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري إلى الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل مفاجأة صادمة سواء لأهل القطاع أو من خارجه، لاسيما أن الهيئة المديرة لأيام قرطاج السينمائية كانت أعلنت، الاثنين، أن أيام قرطاج السينمائية لسنة 2023 تنتظم تضامنا مع فلسطين واحتراما لنضالات شعب يعاني التقتيل والتدمير ويقاوم من أجل استرجاع أرضه. وأكدت أنه "أكثر من أي وقت مضى، تظلّ السينما والفن والثقافة من بين وسائل المقاومة الأكثر قدرة على مواجهة الخطاب الغادر والماكر للعديد من الإنتاجات السمعية والبصرية". وتابعت أن "أيام قرطاج السينمائية كانت دائمًا أحد أهم الفضاءات لتكريس التعبيرات المختلفة ولإبراز ثراء السينما العربية الملتزمة بالقضية الفلسطينية"، مضيفة "تنعقد هذه الدورة بإيمان راسخ أن التزامنا بمعاناة أشقائنا يمر أساسا عبر منح الفضاء لمبدعيهم من خلال عروض الأفلام والنقاشات واللقاءات الفكرية". إلا أن قرار الإلغاء أوقع المنظمين في تناقض كبير يتنافى مع رسالة أبرز المهرجانات السينمائية بشمال أفريقيا، وهو ما فتح بابا لانتقاد ما آلت إليه الحياة الثقافية في تونس. ووجد الكثير من الفنانين التونسيين ورواد المواقع الاجتماعية في موقع فيسبوك منصة للتعبير عن آرائهم حول قرار الإلغاء. ومن بين المنشورات العديدة التي ضج بها فيسبوك ما كتبته الأستاذة رجاء الخميري المحامية لدى التعقيب على صفحتها، حيث قالت في تدوينتها "إلغاء أيام قرطاج السينمائية هو من أقوى القرارات الغبية التي تلت نكبة 2011". وترى أنه كان بالإمكان استغلال المهرجان للتضامن مع فلسطين والقضايا العادلة والتعريف بها، لافتة إلى أنه "كان من الممكن تعديل البرنامج، بالإضافة إلى إلغاء بعض المشاركات لمن ليس لهم صلة بالحدث، لكن ليس بجرّة قلم أيّا بطّلنا!". وتابعت "الثقافة أيضا وسيلة مقاومة وطنية للاحتلال والجهل.. الثقافة تساعد في تقوية الوطنية ونشر الوعي والسلم والتقريب بين الشعوب والثقافات". وكتب الإعلامي التونسي سمير الوافي على صفحته بفيسبوك "إلغاء أيام قرطاج السينمائية هو تضامن مع الهزيمة وليس مع غزة... لأنها أيام ثقافية يمكن إلغاء الجانب الاحتفالي منها وتحويلها إلى موقف... تعبر عنه أفلام من وعن فلسطين وضيوف من فلسطين وتظاهرات جانبية عن فلسطين للدفاع عن القضية والحقيقة الفلسطينية... ومداخيل للتبرع لغزة ورسائل فلسطينية للعالم عبر أصوات وأقلام وأفلام وعرائض ومعارض... وندوات عن السينما الفلسطينية وسينما المقاومة وصورة القضية في السينما... وبذلك تصبح الدورة منسجمة مع نفسيتنا ومزاجنا وهمنا حاليا... لكن يبدو أنه قرار مرتجل وعشوائي لم يسبقه تفكير وخيال...!!!". وأضاف "لذلك فإن في الإلغاء استسلام لثقافة الهزيمة والهروب... بينما في الإبقاء انحياز لثقافة الانتصار والمقاومة والحياة والأمل... بهذا الإلغاء تظنون أنكم تضامنتم مع فلسطين لكنكم في الحقيقة خذلتم فلسطين". وشدد المخرج التونسي إبراهيم لطيف على أن حضور المخرج الفلسطيني محمد بكري بفيلمه "جنين جنين" في عرض الافتتاح هو في صلب دعم القضية ونصرتها، كما كان من المقرر تكريم المخرج الفلسطيني هاني أبوأسعد. وقال إبراهيم لطيف الذي كان سيشارك بفيلمه "فوفعه" ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان في تدوينة على صفحته بفيسبوك "قرار غالط، أصلا السينما وتحديدا المهرجان هذا متنفّس وتعلمنا منه الكثير من الأشياء بما فيها المقاومة وتعرفنا عبره على القضية الفلسطينية بعيون صناع السينما". وأشار في حديثه لرويترز إلى أن "قرار إلغاء فعاليات الدورة 34 متسرع ويجب التراجع عنه من إلغاء إلى تأجيل"، مشيرا إلى أن القرار لم يراع الخصوصية التي تميزت بها أيام قرطاج السينمائية والسينما التونسية المدافعة دائما عن القضايا الإنسانية والقضية الفلسطينية بشكل خاص. وتمثل أيام قرطاج السينمائية التي تأسست قبل أكثر من 50 عاما نافذة للسينما التونسية على السينما العالمية والقارة الأفريقية بشكل خاص، وكانت تقام سابقا كل عامين قبل أن تتحول إلى حدث سنوي. وكانت الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري في تونس أشارت خلال ندوة مارس/آذار التي حضرها ممثل عن موقع "ميدل إيست أونلاين" إلى العودة إلى سياسة تنظيم هذا الحدث كل عامين. وأكد الموزع ومستغل قاعات الأفلام محمد الفريني حينها أن "العودة إلى سياسة تنظيم هذا الحدث الهام كل عامين تخريب ممنهج يقود هذه المناسبة التي تعرف منافسة عربية شديدة إلى الاندثار". وأثارت أزمة إلغاء الدورة الحالية جدلا حول عدة قضايا تتجاوز فكرة التضامن التي يرى فيها البعض مشجبا لتعليق فشل إدارة الحدث الهام الذي كان من الممكن أن ينجح في دعم القضية الفلسطينية تنظيما وحضورا على كل المستويات الإقليمية والعالمية.   وحول إلغاء أيام قرطاج السينمائية، قالت الممثلة وحيد الدريدي "لست هنا لأناقش القرار.. فلسلطة الإشراف أن تتخذ ما تراه مناسبا، ولكن.. مصدومة من التعليقات لعدد مهول من التونسيين.. لا يناقشون قرار الإلغاء حسب الظرف.. بل ينادون بحجب الدورة نهائيا.. لسنوات قادمة". وأضافت متسائلة "ما الذي يحدث للشعب التونسي... ما الذي حدث؟.. تعليقاتكم حول السجاد الأحمر؟ ألا ترون من السينما شيئا؟ اكتشاف أن ثقافتنا قشور.. لا أحد يتحدث عن مشاهدة كم هائل من الأفلام العالمية ذات المحتوى التي كانت تشرف بحضورها مهرجاناتنا.. ماذا يحدث.. من إذا كان يقطع كل تلك التذاكر؟ من إذا كان يملأ قاعات السينما في تونس.. هل نحن نسير إلى الخلف.. أين مثقفي البلد.. ماذا يحدث؟". تونس تمتلك كل المقومات حتى تكون مركزا لصناعة فنية وثقافية، فهي خاصة في منطقتها الجنوبية لديها خصائص طبيعية وفرت أستوديو مفتوح لتصوير عدة أعمال أجنبية، كما أن لها صرحا ثقافيا هاما ممثلا في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي يستوعب العديد من الفعاليات والندوات الوطنية والعربية، والأهم أنها تزخر بالمواهب واستعداد أبنائها للنهوض بالحياة الثقافية وإنعاشها. لا بد لوزارة الشؤون الثقافية من إعادة النظر في قرارها ولما لا تحاول تطبيق فكرة تأجيل الحدث على غرار ما قامت به عدة مهرجانات مصرية. وتعد أزمة إلغاء الدورة 34 من أيام قرطاج السينمائية فرصة لإعادة وزارة الشؤون الثقافية في تونس ربط جسور التواصل مع مثقفي البلاد والعاملين في مختلف القطاعات الثقافية حتى لا تقع مرة أخرى في التغريد خارج السرب. كشفت الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري في تونس، الأربعاء، أن قطاع السينما يعيش "تخريبا ممنهجا"، داعية الجهات المعنية وخاصة وزارة الشؤون الثقافية إلى الاهتمام الجدي بالقطاع الذي ساهمت جائحة كورونا في تدهوره. ولم تتوان الغرفة النقابية عن دق ناقوس الخطر بواسطة تمرير العديد من الرسائل الموجهة إلى المسؤولين عن هذه الوضعية المتأزمة التي طالت القطاع خلال العشرية الأخيرة في ظل غياب شبه كلي لأي مشروع إصلاحي أو حتى موقف سياسي خاصة من قبل وزارة الثقافة. وعلى الرغم من نجاح الأفلام التونسية في معانقة العالمية من خلال فرض حضورها في أشهر المهرجانات وأهمها على غرار مهرجان كان والأوسكار وفوزها بجوائز مرموقة، فإن القطاع يعاني من عدة مشكلات يترجمها إغلاق قاعات سينمائية وإلغاء دورة "أيام قرطاج السينمائية" لعام 2023 والتي وصفها رئيس الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري رمسيس محفوظ بأنها "منصة ثقافية فعالة في خدمة تونس تعطي للبلاد إشعاعا إقليميا ودوليا". وأضاف رمسيس محفوظ خلال ندوة صحفية انتظمت بحضور ممثلين عن قطاعات الإنتاج والتوزيع والاستغلال السينمائي وكان لموقع "ميدل إيست أونلاين" اطلاع عليها "أيام قرطاج السينمائية موعد يجعل من تونس مركزا للسينما الأفريقية والعربية والتونسية ووجهة لمحبي السينما وخاصة ملتقى لمحترفي السينما وصانعي الأفلام من جميع أنحاء العالم". ويواجه قطاع السينما في تونس ما يشبه حالة موت بطيء نتيجة عدة عراقيل منها تشريعات قانونية قديمة لا تنظم العلاقة بين المنتجين والموزعين والتمويل، حيث عبر المشاركون في الندوة عن الاستياء العام جراء وضعية السينما من الإنتاج إلى الاستغلال التي تتدهور باستمرار منذ اندلاع الثورة التونسية. إلا أن رمسيس محفوظ يرى أن الوضعية المتأزمة للقطاع هي نتاج لعشرين سنة من التراكمات. وأوضح المنتج السينمائي الحبيب بلهادي أن "وضعية السينما التونسية اليوم هي نتيجة لتشتت العائلة السينمائية وتشتت مصالحها وأجيالها المختلفة، فالسلطة وجدت نفسها أمام عائلة مهترئة وضعيفة لا تعرف كيف تدافع عن حقوقها ومكاسبها"، معتبرا أن أول تجربة في المس بالمكاسب كان من خلال أيام قرطاج السينمائية". وتمثل أيام قرطاج السينمائية التي تأسست قبل أكثر من 50 عاما نافذة للسينما التونسية على السينما العالمية والقارة الأفريقية بشكل خاص، وكانت تقام سابقا كل عامين قبل أن تتحول إلى حدث سنوي. وأكد الموزع ومستغل قاعات الأفلام محمد الفريني خلال الندوة أن "العودة إلى سياسة تنظيم هذا الحدث الهام كل عامين تخريب ممنهج يقود هذه المناسبة التي تعرف منافسة عربية شديدة إلى الاندثار". وشدد على أن "ضرب أيام قرطاج يضر بالصالات والموزعين والمنتجين والجمعيات والمدارس السينمائية". وقال رمسيس محفوظ إن "إلغاء دورة لا يساعد في حل أي مشكل، فأيام قرطاج السينمائية تعاني من صعوبات هيكلية في حاجة لإصلاحات عميقة، إذ تعاني من مشاكل في التنظيم والتمويل والتسويق والتواصل وهشاشة في هياكل التسيير مما يفضي إلى استحالة تطوير الأداء". ويحتاج هذا المهرجان السينمائي إلى ما لا يقل عن ست سنوات ليعاود الوقوف على قدميه من جديد، بحسب المنتج والمخرج معز كمون. ودعا محمد الفريني إلى التفاتة عاجلة لإنقاذ القطاع من الغرق، لافتا إلى أن "السينما التونسية حققت بعد الثورة قفزة غير مسبوقة، وصفها "بالمعجزة في ظل التهميش الممنهج الذي يعشيه القطاع". وأوضح أنه "بعد أن كانت تونس تشارك بمجموعة قليلة من الأفلام تظل لمدة طويلة محل درس وتمحيص بوصفها تمثل تجارب مهمة أصبحت بعد الثورة تقدم ما لا يقل عن ثلاثة أفلام في العام يكون واحدا منها أو أكثر قد مثل تونس في أحد أهم المهرجانات ولنا أن نذكر مشاركة أفلام تونسية سنتين على التوالي في الأوسكار (2020-2021) وكذلك مشاركتها في مهرجان كان". وشاركت تونس في الأوسكار في العام 2021 من خلال فيلم "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية. وحققت السينما التونسية الانتشار عالميا ليس فقط عبر مشاركتها في المهرجانات، بل ومن خلال منصة نتفليكس للبث التدفقي التي عرضت في العام 2020 أفلاما تونسية أنتجت خلال السنوات الأخيرة. لكن هذا الانتشار والزيادة في عدد الأفلام التي قدرها محمد الفريني بنحو مئة فيلم روائي طويل تم إنتاجها بعد الثورة لم تساعد بعض قاعات السينما في تونس على الصمود، لاسيما بعد المصاعب التي تعرضت لها بسبب قيود جائحة كورونا. وشهدت القاعات تراجعا في عددها بعد إفلاس بعضها على غرار "سيني جميل" و"سينما أميلكار" وغيرهما. وكانت "سينما أميلكار" كتبت عبر صفحتها على فيسبوك في الخامس من مارس/آذار الحالي "بعد مغامرة رائعة بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2015 سنغلق أبوابنا.. شكرا لرواد السينما الذين كانوا حاضرين دائما.. ندعو الجهات المختصة وخاصة وزارة الثقافة إلى النظر بجدية في أوضاع دور السينما، يستمر هذا القطاع في الوجود بفضل شجاعة العارضين وشغفهم، لكن يجب على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها للحفاظ على هذا القطاع الأساسي للحياة الثقافية في تونس والنهوض به". وتسأل محمد فريني وهو عضو في إدارة سينما أميلكار عن الأسباب الكامنة وراء قرار تقليص دعم الإنتاج إلى 20 في المئة ورفع دعم الاستثمار عن القاعات السينمائية في العام 2023، وعن سبب عودة لجنة إعطاء التأشيرات (لجنة إدارية وصاية وأخلاق حميدة) في مقابل التخلي عن الصندوق الوطني لتأهيل قاعات السينما، لاسيما بعد النجاح في إعادة الجمهور إلى القاعات، مؤكدا أنه لا يوجد تشخيص للوضع ما بعد كورونا. وأشار إلى أن الحكاية تتجاوز غلق قاعة أو اثنتين، فالقاعات كانت قبل الثورة تعاني من حالة سيئة ومع ذلك نجحت وفقا للمعهد الوطني للإحصاء في استقطاب 2900 متفرج من محبي الفن السابع في العام 2019، إلى جانب تخصيص نحو 120 فضاء تقدم فيها مئات العروض على طول العام. في حين يرى معز كمون أن ما أثقل كاهل القطاع المتأزم إهمال المسؤولين لأهمية سوق الأفلام الأجنبية على غرار أعمال سابقة تم تصويرها أو أجزاء منها في تونس مثل "حرب النجوم" للمخرج الأميركي جورج لوكاس. وشرح أن "الأفلام الأجنبية التي تجعل من تونس وجهة لها إلى جانب أنها تخلق حركية، فإنها تُكسب التقنيين التونسيين معرفة يعكسونها في أفلام تونسية"، لافتا إلى أغلب المخرجين القدامى كانوا مساعدين في تصوير الأفلام الأجنبية. وتمتلك تونس خاصة في منطقتها الجنوبية خصائص طبيعية وفرت أستوديو مفتوح لتصوير عدة أعمال أجنبية وكانت في الآن ذاته فرصة للتعريف بالبلاد والنهوض بقطاع السياحة. لكن بعد الثورة والعمليتين الإرهابيتين اللتين عاشت كل من باردو وسوسة على وقعهما تم إهمال هذه السوق ونسيانها، وفقا لمعز كمون. وأشار إلى أن "تقصير الدولة في توفير امتيازات للأفلام الأجنبية فتح المجال أمام دول عربية أخرى منافسة بينها الأردن لاستقطاب هذه السوق". وترجع بدايات السينما في تونس إلى عام 1896 تاريخ تصوير الأخوين لوميار لمشاهد حية لأنهج تونس العاصمة، وفي سنة 1908 افتتحت "أمنية باتي" كأول قاعة سينما في البلاد وتعد أيام قرطاج السينمائية أهم فعالية سينمائية وأقدمها تم تأسيسها في العام 1966. ويأمل الممثلون للقطاع الذين حاضروا الندوة الصحفية التي نظمتها الغرفة النقابية الوطنية لمنتجي السينما والسمعي البصري في استعادة القطاع لتوهجه. وقال رمسيس محفوظ إنهم يطمحون إلى أن "تدرج كل من وزارة الثقافة ووزارة الاقتصاد والتخطيط إصلاحات القطاع السينمائي.. لما لا في مجلة الاستثمار". ولفت إلى أن "تراجع التمويل العمومي الذي يقدم في شكل منح في العام 2022 إلى 20 في المئة من الميزانية المرصودة أثر بشكل كبير على طاقة استيعاب المشاريع التي يتم تقديمها وهو ما ينجر عنه عدة تبعات". ودعا لاستغلال قدرات هذا القطاع كاملة بوصفه ذا صبغة اقتصادية بامتياز ويشكل قاطرة لمجالات أخرى كالسياحة والخدمات لذلك يقترح إعطاء نفس جديد للسينما الوطنية ووضع قوانين تحفيزية وتسهيلات من خلال الشباك الموحد والحصول على رخص تصوير وبطاقة احتراف.

مشاركة :