مقالة : موقف الولايات المتحدة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يواجه انتقادات حادة ويهدد الاستقرار الإقليمي

  • 10/23/2023
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة 22 أكتوبر 2023 (شينخوا) وسط تصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس وتزايد الدعوات العالمية إلى خفض التصعيد وزيادة المساعدات الإنسانية لغزة، تسبب طلب الرئيس الأمريكي بايدن إلى الكونغرس بتقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل بقيمة 14.3 مليار دولار في إثارة المخاوف. فقد قال بايدن يوم الجمعة إن هذه الخطوة ستعزز أمن إسرائيل. بيد أن المحللين والنقاد يشعرون بالقلق من أن ذلك قد يزيد من حالة عدم اليقين في الشرق الأوسط، وهو ما قد يضر بأمن إسرائيل الذي يدعى بايدن أنه يحميه. يقول مراقبون سياسيون في الشرق الأوسط إن السياسة الخارجية التي تنتهجها واشنطن إزاء القضية الفلسطينية أعاقت التوصل إلى حل مبكر للصراع، وحذروا من أن السماح باستمرار الأعمال العدائية الحالية في غزة لن يؤدي سوى إلى تفاقم الحلقة المفرغة من الكراهية والمواجهة بين إسرائيل وفلسطين، الأمر الذي سيزيد من صعوبة تحقيق تعايش سلمي على المدى الطويل. -- ردود فعل محلية ودولية بعد مرور أكثر من أسبوعين على الصراع المميت، لم تكتف الولايات المتحدة بتعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط، بل قدمت أيضا دعما عسكريا واسعا لإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، استخدمت مرتين حق النقض في مجلس الأمن الدولي لعرقلة قرارات متعلقة بالوضع في فلسطين. وقد قوبلت هذه الإجراءات بانتقادات وأدت إلى خروج مظاهرات في الداخل والخارج، بما في ذلك استقالة جوش بول، وهو مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية، الذي وصف إجراءات الحكومة الأمريكية بأنها "رد فعل متهور" قائم على "الإفلاس الفكري". وقال المسؤول المستقيل لوسائل الإعلام الأمريكية أن العديد من زملائه في الحكومة الاتحادية والكونغرس يشاطرونه مشاعر مماثلة ويتفهمون تماما قراره بالاستقالة. كما أقر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في رسالة الأسبوع الماضي إلى جميع موظفي وزارة الخارجية بأن الصراع بين إسرائيل وحماس أدى إلى خلافات بين الدبلوماسيين الأمريكيين، وهو ما يطرح تحديات مرتبطة بالمهنة والمشاعر على حد سواء. على الصعيد الدولي، اتهم مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا الولايات المتحدة بـ"النفاق" و"الكيل بمكيالين" بعد أن استخدمت واشنطن حق النقض ضد مشروع قرار روسي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار ومشروع قرار برازيلي يدعو إلى هدنة إنسانية للسماح لوكالات الأمم المتحدة وشركائها بالوصول الكامل والآمن ودون عوائق. وأعرب مندوب البرازيل الدائم لدى الأمم المتحدة سيرجيو دانيزي عن خيبة أمله الشديدة إزاء فشل المشروع البرازيلي، كما أعرب مندوب فرنسا الدائم نيكولا دي ريفيير عن أسفه. كما أثارت الإجراءات الأمريكية منذ بداية الصراع احتجاجات على مستوى العالم، حيث أعرب المواطنون في العديد من البلدان عن استيائهم. ورُددت شعارات مناهضة للولايات المتحدة خلال مظاهرات أقيمت أمام سفارتي الولايات المتحدة في الأردن ولبنان، فيما شهدت المظاهرات في طهران حرق العلمين الإسرائيلي والأمريكي. وفي الولايات المتحدة، احتشد مئات المتظاهرين في المبنى الإداري لمجلس النواب الأمريكي داعين إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفلسطين، وأدى هذا الاحتشاد إلى قيام الشرطة بعمليات اعتقال. -- صب الزيت على النار وصل بايدن يوم الأربعاء إلى إسرائيل لإظهار دعمه لإسرائيل، بعد ساعات فقط من وقوع انفجار في مستشفى بغزة أدى إلى مقتل المئات، وهو ما زاد من تصعيد التوترات وأسفر عن إلغاء قمة مع قادة عرب. في هذا الصدد، قال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية ومقره القاهرة، إن إلغاء القمة، الذي قلص إلى جولة بايدن في الشرق الأوسط إلى "زيارة مصغرة" استغرقت أقل من ثماني ساعات، يُنظر إليه على أنه "رسالة واضحة بأن الدول العربية لا ترحب بالرئيس الأمريكي. وذكر غوباشي أن العالم العربي غير راض عن السياسة الخارجية "غير العادلة" التي ينتهجها البيت الأبيض فيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، مضيفا أن لديه سجلا حافلا من تبني سياسات خارجية "غير عادلة" لخدمة مصالحه الخاصة. وأشار الباحث المصري إلى أن أي شخص يرى أن أحد الطرفين لا لوم عليه تماما والطرف الآخر مخطئ تماما يفقد مصداقيته كحكم محايد. ورغم أن الولايات المتحدة تقدم نفسها على أنها الراعي الرئيسي للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، إلا أنها في الواقع فشلت باستمرار في الوفاء بالتزاماتها على مر السنين. فلم يتم الوفاء بعد بالتعهدات التي قطعتها إدارة بايدن على نفسها، مثل مناصرة السلام الإسرائيلي الفلسطيني، وإعادة فتح القنصلية العامة المسؤولة عن الشؤون الفلسطينية في القدس، ووقف التوسع الاستيطاني الإسرائيلي. وعلى الرغم من تأييد الإدارة الأمريكية لـ"حل الدولتين"، إلا أنها لم تتخذ إجراءات تُذكر نحو تحقيق هذا الهدف. من جانبه قال مكرم رباح، المحاضر في الجامعة الأمريكية ببيروت في لبنان، إن واشنطن لا تهتم بما يريده العرب ولا تعمل إلا لخدمة مصالحها. وقال إن فعلته الولايات المتحدة الآن هو دعوة إلى الحرب، مشيرا إلى أنه مع قيام حاملتي طائرات أمريكيتين بدوريات في البحر الأبيض المتوسط، تواجه المنطقة الآن أكثر من أي وقت مضى خطر احتمال نشوب صراع. كما حذر إيال بينكو، المحلل السياسي في مركز بيجين-السادات للدراسات الإستراتيجية بجامعة بار إيلان في إسرائيل، من احتمال امتداد الصراع بين إسرائيل وحماس إلى نطاق أوسع. وأشار إلى أنه في حالة بدء توغل بري في غزة، وهو سيناريو يتوقع الكثيرون حدوثه في الأيام المقبلة، فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية، وحزب الله في لبنان، بل وحتى الحوثيين في اليمن، من المرجح أن ينخرطوا في الصراع.

مشاركة :