تعمدت التأخر فى الكتابة عن سيناريوهات الهجوم الإٍسرائيلى “المحتمل” على قطاع غزة المحتل بزعم القضاء على حركة المقاومة الإسلامية حماس وأخواتها من ذات التيار مثل الجهاد الإٍسلامى بعد هجوم شنته فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة على الأراضى المحتلة التى تسيطر عليها دولة الإحتلال وتسببت فى أكبر هزيمة عسكرية لحقت بجيش إسرائيل منذ حرب السادس من أكتوبر 1973 نتيجة لما ترتب عليها من إنهيار لنظرية الأمن و منظومة الإستخبارات و الردع و التفوق للدرجة التى جعلت إسرائيل وحلفاءها يشبهون الأمر على أنه يشبه هجوم 11 سبتمبر فى محاولة للربط بين الهجوم الإرهابى الذى تعرضت له الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 والإختراق الكبير لمنظومة الأمن والدفاع والتفوق الأمريكى بواسطة حفنة من الإرهابيين كى يتم إستقطاب الرأى العام الأمريكى والغربى لمساندة إسرائيل فى حملتها العسكرية البربرية الإنتقامية مع الإصرار على تشبيه المقاومة الفلسطينية داخل القطاع المحتل بالتنظيم الإرهابى “داعش” كمبرر “أخلاقى” للإبادة الجماعية لسكان القطاع وكل عناصر البيئة الحاضنة لفصائل المقاومة بكل إنتماءاتها الإيديولوجية…التأخر فى الكتابة بالأساس نتيجة لاحساس بأن الموضوع “استهلك” على الشاشات وفى السوشيال ميديا ونتيجة لتحليل ورؤية خاصة ترى أن الأمر ليس بتلك السهولة التى كان يبنى عليها البعض رؤيته من أن إكتمال الحشد وإستدعاء الإحتياط كاف لشن الهجوم البرى الكاسح كما شرح وحلل الخبراء والمحللون العسكريون… ولكن هناك بعض الأمور يجب أخذها فى الأعتبار عند تحليل الموقف 1- الولايات المتحدة الأمريكية هى صاحبة قرار بدء الهجوم البرى خاصة بعد حضور بايدن وبلينكين وقائد القيادة المركزية الأمريكية لاجتماع مجلس الحرب الإسرائيلى والإطلاع على خطط العمليات والموقف على كافة الجبهات فى المنطقة وذلك لان الهجوم قد يترتيب عليه اشتعال الجبهة الشمالية مع لبنا وسوريا من خلال عناصر حزب الله وبعض الفصائل الفلسطينية المرتبطة بإيران؛ وكذلك الخطر على القواعد والقطع البحرية الأمريكية المنتشرة فى العراق وسوريا والخليج وتمر عبر الخليج العربى وأمام السواحل اليمنية ومضيق باب المندب وجميعها تقع تحت مرمى نيران الأذرع التابعة لإيران التى تلقى دعم بصورة أو بأخرى من روسيا والصين وكوريا الشمالية؛ هذا فضلا عن تفعيل خطط لحماية الرعايا الأمريكان فى منطقة الشرق الأوسط لان بايدن بصدد معركة إنتخابية شرسة ضد غريمه ترامب الذى يهوى المزايدة على بايدن وإظهاره فى صورة الرئيس الضعيف الغير قادر على حماية المصالح الأمريكية وحماية الرعايا الأمريكان حول العالم ويضيع الهيبة والنفوذ الأمريكى 2- واشنطن تحاول السيطرة على القرار الإٍسرائيلى لانها لا تستطيع تحمل أى مخاطرة أو تسرع من حكومة طوارىء بنيامين نتانياهو الذى تحول إلى حيوان شرس جريح يبحث عن الإنتقام ولا يتحمل فشل جديد يضاف إلى الإتهامات التى كانت تلاحقه قبل عملية 7 اكتوبر وما لحق به من إتهامات جديدة بالتقصير والمسئولية عن ما حدث فى 7 أكتوبر فضلا عن التقارير الصحفية و الإعلامية الأمريكية التى سربت عن قناعة واشنطن بوجود خلافات وعدم ثقة متبادلة داخل غرفة مجلس الحرب الإسرائيلية بين نتانياهو و وزير دفاعه الحالى المتطرف يوآف جالانت و وزير الدفاع الإسرائيلى السابق بينى جانتس وحساباتهم الإنتقامية التى قد تتسبب فى هزيمة منكرة لواشنطن وتل أبيب 3- إسرائيل بكل ما تمتلك من تكنولوجيا وتفوق عسكرى لا تستطيع الدفاع عن 3 جبهات فى ظل إنعادم الثقة بين أطراف المنظومة الأمنية وكذلك النقص الواضح فى كفاءة قوات الإحتياط التى لم تخض حربا منذ فترة فما بالك بحرب عصابات تحتاج إلى نوعية خاصة من المقاتلين وهو ما قد يتسبب فى هزيمة تتمثل فى عدم تحقيق الهدف من العملية وهو ما يعد إنتصار لفصائل المقاومة تأسيسا على ما حدث فى 7 أكتوبر 4- فى كل يوم يتأكد للقادة السياسيين والعسكريين والراى العام الإٍرائيلى وحلفاء إسرائيل أن هذ الكم والحجم الكبير من الهجمات الجوية والقصف المدفعى والصاروخى لم ينل من قدرات حماس وبقية الفصائل الفلسطينية بشريا وتسليحيا نظرا لان مسرح عمليات الفصائل هو 500 كيلو متر من الأنفاق والمخازن والمخابىء تحت سطح الأرض على أعماق كبيرة؛ ولا تستطيع إسرائيل أن تصدر بيان رسمى يشير إلى نسبة ما حققته من أهداف فى تلك العملية حتى الأن وكل ما تحقق فعليا على أرض الواقع هو التدمير شبه الكامل لاوجه الحياة داخل القطاع وسقوط ما يقرب من 6000 شهيد وعشرات الالاف من المصابين غالبيتهم أطفال ونساء وكبار السن، فضلا عن إستمرار الحصار و التجويع و قطع الإمدادات وإنهيار المنظومة الصحية ومنظومة الدفاع المدنى والإغاثى داخل القطاع حتى تحول القطاع إلى مقبرة كبيرة للمدنيين العزل 5- لم تفلح أى من المفارز أو مجموعات الإستطلاع من القوات الإسرائيلية فى التوغل داخل القطاع و كل المحاولات باءت بالفشل إما بتصفية الجنود والضباط الإسرائيليين أو عودة البعض الأخر بــ “ملابسه الداخلية” تاركا المعدات التى كانت تقله؛ فضلا عن إستمرار إطلاق الصواريخ على مستوطنات غلاف غزة وتل أبيب؛ وكل المدن الإسرائيلية ما زالت تحت القصف وهو ما يشير إلى أن المقاومة مازالت لم تتأثر بالهجوم الجوى المكثف 6- ضغوط وجود أسرى ورهائن لدى الفصائل و تولد قناعة أن الوساطة وعلاقات بعض الأطراف الجيدة مع حماس وبقية الفصائل قد تؤتى ثمارها و تحرر عدد كبير من المحتجزين خاصة مزدوجى الجنسية بعد نجاح إطلاق 4 رهائن بوساطة مصرية و قطرية وهو ما يعول عليه الأمريكان ويقولون لحلفاءهم فى تل ابيب أن الهجوم البرى المتسرع قد يؤدى فى نهاية الأمر إلى فقدان كل المحتجزين أو نسبة كبيرة منهم وهو ما لا يتحمله بايدن سياسيا وإنتخابيا 7- الحملات الإعلامية الإسرائيلية التى تركز على تشبيه المقاومة الفلسطينية بداعش تهدف إلى حشد كل الدول الغربية خلف تحالف دولى على غرار الذى كان يحارب داعش يساعدها ويرفع عنها حرج فشل العملية البرية ويواجه معها إحتمالات توسيع الحرب ودخول إيران وبعض من أذرعها الإقليمية فى حرب مباشرة مع إسرائيل؛ وقد بزغت بعض من ذلك التوجه فى تصريحات “الخواجة” ماكرون؛ الرئيس الفرنسى الذى دعا إلى تشكيل تحالف دولى لمحاربة حماس على غرار تحالف محاربة داعش وسيجد إقتراح ماكرون صدى لدى واشنطن وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وكندا وكل الدول الأعضاء فى حلف الناتو 8- هناك أصوات وإن كانت عددها وتأثيرها محدود ولكن لديها نظرة إستراتيجية بعيدة المدى ترى أن تصفية حماس والفصائل غير مجدى وغير ممكن وسيتسبب فى تشظى تنظيم حماس وخروج جيل جديد من المقاومين على شكل مجموعات عنقودية من الصعب تتبعها إستخباراتيا ومواجهتها عسكريا وستسمح للمزيد من الأطراف الإقليمية بالتدخل وإستقطاب تلك المجموعات التى ستسبب القلق والتوتر الدائم لإسرائيل ودول المنطقة؛ والأفضل هو تقليم أظافر القيادات الحالية والوصول معها إلى صيغة إتفاق بالقاء وفق شروط ومتطلبات تسحب من نفوذها تحكم قراراها وتخضعها لمراجعات أو تخرج مع من يخرج مع ضمانات من الدول المضيفة بعدم ممارستهم لاى نشاط مثلما يحدث حاليا مع قيادات الحركة المقيمون فى قطر أو إستخدامهم كورقة لإبتزاز إسرائيل وحلفاءها… فضلا عن الخبرة الأمريكية الفاشلة فى العراق وأفعانستان والحرب مع طالبان التى أدت فى نهاية المطاف إلى عودة طالبان وسيطرتهم على الحكم مجددا. 9- مخطط التهجير القسرى الذى يترتب على عملية الإبادة الجماعية وتحويل القطاع إلى بيئة غير صالحة للعيش والبقاء ثم إعادة توطينهم فى سيناء مازال يمثل خطر كبير على الأمن القومى المصرى رغم الرفض الرسمى والشعبى الحاسم والحازم والحاد له وقد كان جزء كبير من المخطط وساعة الصفر لدفع غالبية سكان القطاع مع بداية الهجوم الإسرائيلى الكاسح للقطاع برا وبحرا وجوا بداية من الشمال مرورا بوادى غزة ودفعا بإتجاه الجنوب حيث الحدود مع مصر لينفجر السكان رعبا وخوفا ويهربون بإتجاه معبر رفح وربما يقتحمونه تحت تأثير الضغط النيرانى والفوضى؛ لذا فإن إفشال هذا الهجوم أو إلغاءه مع إستمرار جهود عبور شحنات الإغاثة الإنسانية وإطالة أمد مفاوضات الإفراج عن الأسرى والرهائن بان تكون بمعدل بطيىء ولكن مثمر قد يفسد مخطط التهجير إلى حين ولكن سيبقيه جرس إنذار يدعونا دوما إلى اليقظة 10- فى زمن الحرب وحتى فى الأوقات العادية كل ما ينشر أو يتم تسريبه فى الصحافة والإعلام ومراكز الأبحاث الإسرائيلية لا يكون مصادفة أو لمجرد مهارة وشطارة صحفيين وعبقرية باحثين ولكنه يكون مقصودا ويحمل رسائل خاصة فى ما يتعلق بالأوضاع الأمنية والعسكرية والإستراتيجية حيث تخضع كل تلك الوسائل للرقابة الأمنية الصارمة؛ وما تم تسريبه عن مخطط التوطين ليس مصادفة لانه كشف عن توصيات لرئيس جهاز الموساد السابق ودراسات عملت عليها مراكز أبحاث ودعم قرار وترجمت فى شكل خطط و عمليات عسكرية ولا يصح أن يتصدى لها إعلامى مصرى ويحاول التقليل منها و ان يصف من يتحدث عنها بأن يروج لقصة صحفية إسرائيلية فاشلة وشبه من يقول ويتصدى ويتحدث عن هذا بألفاظ لا يصح ذكرها على صفحتى؛ ونسى أو تجاهل أن مصر الرسمية تحدثت عن الأمر وتصدت له قولا وفعلا؛ فضلا عن رفض كل الشعب المصرى المعلن لهكذا طرح……. ( أسف على الإطالة … ولنا متابعات كلما أستجد جديد…) جــلال نصـار…كاتب فيسبوكي -القاهرة: 25 أكتوبر 2023م
مشاركة :