كتبت - فرح الشل: تعتمد بعض الدول ضريبة القيمة المضافة في سياستها المالية باعتبارها أحد المصادر الرئيسية للتمويل، إضافة إلى أنها وسيلة فاعلة تُمكن الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية. كما أن تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة يعود بفوائد اقتصادية واجتماعية واستثمارية واضحة منها خلق وظائف جديدة وتطوير أداء الأعمال والشركات وتحسين نظام التدقيق والمحاسبة فيها، وتشجيع رؤوس الأموال والمستثمرين، بالإضافة إلى تشجيع السياحة. إلى ذلك أعلنت بعض دول مجلس التعاون الخليجي بدء فرض ضريبة القيمة المضافة خلال الفترة القادمة، طرحت الراية الاقتصادية عدداً من التساؤلات على عدد من الخبراء الاقتصاديين حول واقع السياسة الاقتصادية في قطر، وهل ستلجأ الدولة لفرض الضريبة ؟ وانعكاس تطبيقها على الاقتصاد خاصة في ظل مساعي الدولة لتنويع مصادر الدخل؟ والوقوف على أبرز المعوقات والتحديات التي تقف حاجزاً أمام تطبيقها ؟ وأكد الخبراء أن قيام دولة قطر بطرح ضريبة القيمة المضافة مقابل الخدمات التي تقدّمها للمواطنين والمقيمين سيكون مفيداً للدولة ويعزّز الاقتصاد، مشدّدين على أهمية رفع وعي المواطنين والمقيمين، بأهمية تلك الخطوة كونها ستضيف استدامة لقدرة الدولة على الإنفاق والاستمرار في المشاريع. وتوقعوا أن تبلغ نسبة ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي حوالي خمسة في المئة، في بداية تطبيقها تزيد تدريجياً في الفترات اللاحقة، لافتين في هذا الصدد إلى أن تلك الضريبة ما بين 7 الى 20 %. خطوة إيجابية وتحتاج للتوعية.. الخولي: 5 % قيمة الضريبة بدول التعاون قال الخبير الاقتصادي نضال الخولي إن ضريبة القيمة المضافة يتم استيفاؤها على عدة مراحل، تبدأ المرحلة الأولى من المنتج سواء إن كان التصنيع محلياً أو المستورد، مشيراً إلى أنه عند دخول السلع إلى البلد يتم إضافة القيمة المضافة على رسوم التخليص الجمركي، وأي شخص يتناوب عليها سواء من عملية بيع السلعة من تاجر الجملة إلى تاجر التوزيع ثم إلى تجار التجزئة ومن بعدها تصل إلى المستخدم النهائي للسلعة. ولفت إلى أن كل شخص يأخذ ضريية من الآخر ويقتطع ما تم دفعه، وبذلك يبقى تدرج قيمة الضريبة لتصبح الضريبة على المنتج النهائي، وإن كانت الضريبة على الخدمات فيتم فرضها على الفاتورة النهائية للخدمة. وأشار إلى أن ضريبة القيمة المضافة تتراوح في أغلب دول العالم ما بين 7 و20 في المئة، وقد تمّ التعارف على أن نسبة ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي ستكون حوالي خمسة في المئة، وستزيد تدريجياً في الفترات اللاحقة. وقال الخولي إن القطاعات الزراعية، والقطاع الصحي كالأدوية والخدمات العلاجية، والقطاع التعليمي كرسوم الجامعات والمدارس إضافة إلى المواد التموينية الرئيسية تعفى من الضرائب في العديد من الدول، مؤكداً أن لكل دولة إستراتيجيتها الخاصة، وعند بدء فرض دول مجلس التعاون الخليجي الضريبة سيكون هناك مجال للإعفاء للعديد من القطاعات. واعتبر أنه كان من المفترض أن يتم فرض هذه الضريبة قبل انخفاض أسعار النفط ولا تكون كردّة فعل، باعتبارها ظاهرة صحيّة تضيف تنويعاً لموارد الموازنة، لا سيما أن أغلب موارد الموازنة في دول الخليج هي موارد نفطية بشكل مباشر أو غير مباشر. وأضاف: وعند فرض ضريبة القيمة المضافة يصبح هناك إعادة هيكلة لتركيبة الموازنة العامة وهي بنود الإيرادات، وبذلك ضريبة القيمة المضافة ستضخّ سيولة كبيرة في موازنات الدول، وسيخفّ الاعتماد على الواردات النفطية في تمويل النفقات التشغيلية كالرواتب والأجور والخدمات العامة التي تقدّمها الدولة. وقدّم لنا تجربة دولة النرويج مثالاً، كونها دولة نفطية وحجم إنتاجها يقارب حجم إنتاج بعض دول الخليج، ولكن مع ذلك تفرض منذ القدم الضرائب كأية دولة أوروبية، وبهذه السياسة المالية تكون وفرت إيرادات ضخمة للموازنة، وكامل إيرادات النفط يتم استثمارها في صندوق السيادة الذي أصبح أكبر صندوق على مستوى العالم، ولذلك لم يؤثر على موازنتها انخفاض أسعار النفط، وتقدّم الدولة الخدمات ذاتها، وبذلك فرض ضريبة القيمة المضافة هي خُطوة إيجابية نحو التصحيح وإعادة رسم هيكلة الموازنة العامة بطريقة صحية تحمي من الصدمات في المستقبل. وحول تحديات فرض ضريبة القيمة المضافة، أشار إلى أن أهم تحدٍ يتمثل في رفع الوعي عند المواطنين والوافدين، ونشر أهمية هذه الخُطوة كونها ستضيف استدامة لقدرة الدولة على الإنفاق والاستمرار في المشاريع. إضافة إلى أن أغلب الكفاءات المحاسبية في الشركات ليست لديها الخبرة في كيفية احتساب الضريبة وتوريدها، وهناك العديد من برامج المحاسبة غير مؤهلة للتعامل مع ضريبة المبيعات، إضافة إلى الرقابة على تطبيق الضريبة بشكل صحيح من قبل الجهات الرسمية المعنية. يستفيد منها المواطن والمقيم والسائح.. د.ستيتية: لا يجب فرض الضريبة على المواد الغذائية والرواتب أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عدنان ستيتية أن ضريبة القيمة المضافة هي ضريبة مركبة تفرض على تكلفة الإنتاج ومعدّلها يتراوح ما بين 6 و10 في المئة، وقد ترتفع لتصل إلى عشرين وخمسة وعشرين في المئة في بعض الدول، مع الإشارة إلى أنه يجب ألا يتم فرضها على الرواتب والمواد الغذائية بل على السلع الاستهلاكية الفاخرة، لتكون الضريبة أداة اقتصادية واجتماعية في توزيع الدخل. ولفت إلى أن الطبقة الوسطى في المجتمع يكون استهلاكها أكبر على الغذاء لذلك يستحسن عدم فرضها على المواد الغذائية، بل تفرض على الرفاهية كالسيارات والمشتقات البترولية والدخان والتبغ ومشتقاته في الدرجة الأولى، معتبراً أن نسبة الضريبة تكون موحدة بين السلع التي ستشملها ولا تختلف بين سلعة وأخرى. وأوضح أن ضريبة القيمة المضافة أداة اقتصادية لتوزيع الدخول من جهة وتمويل الأنشطة الإنمائية والخدمات التي تقدّمها الدولة من جهة أخرى سواء كانت الخدمات صحية أو بنى تحتية أو بلدية. ولفت إلى أن ضريبة القيمة المضافة حديثة العهد وليست قديمة، تمّ فرضها لأول مرة في فرنسا في العام 1954، وليست لها علاقة إن كان البلد يمرّ بأزمة اقتصادية أم لا، بل يتم فرضها مقابل الخدمات التي تقدّمها الدولة ويستفيد منها المواطن والمقيم والسائح، لذلك لا يجب ربطها بأي شكل من الأشكال بالأزمات بل يمكن اعتبارها "منفعة"، ولا تكون نتيجة أزمات. وأضاف: إن بعض الدول المنتجة للنفط قامت بفرض تلك الضريبة ولا يمكنها إلغاؤها في حال ارتفعت الأسعار، مؤكداً أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة يحتاج إلى آليات ونظم تسجيل وليست بالعملية السهلة. واعتبر عدنان ستيتية أن قيام دولة قطر بطرح ضريبة القيمة المضافة مقابل الخدمات التي تقدّمها للمواطنين والمقيمين سيكون مفيداً للدولة، مشيراً إلى أن دولة الإمارات ستطرحها بنسبة خمسة في المئة بحلول العام 2018، حيث إنها لم تطبقها فوراً كون الأمر يحتاج إلى وقت ودراسة متكاملة ولذلك يجب أن يتم إعداد حملة توعوية متكاملة لأسباب فرضها، باعتبارها أداة من أدوات التنمية والعدالة الاجتماعية وتوزيع الدخل في المجتمع.
مشاركة :