أعلن 70 فصيلاً مقاتلاً في سورية اليوم (الجمعة) رفضهم «القاطع» للنظام الفيديرالي الذي أعلنه الاكراد أمس في مناطق سيطرتهم شمال سورية، محذرين من انها خطوة تهدف إلى «تقسيم» البلاد. وقال بيان الذي وقعته هذ الفصائل: «نرفض رفضاً قاطعاً الإعلان الذي تم منذ أيام في خصوص تشكيل منطقة حكم ذاتي أو فيديرالية في الشمال السوري، ونعتبره خطوة خطيرة تهدف إلى تقسيم سورية». وأكدت تلك الفصائل ومن بينها «جيش الاسلام» الممثل في وفد الهيئة العليا للمفاوضات في محادثات جنيف أنها ستقاوم «هذه الخطوة بكل ما أوتينا من قوة والوسائل السياسية والعسكرية كافة». وشددت الفصائل على «وحدة سورية أرضاً وشعباً ورفض أي مشروع للتقسيم أو مشروع قد يمهد له على المدى القريب أو البعيد وتحت أي مسمى كان». وأضافة أن هذا «خط أحمر». وأعلنت أحزاب سورية كردية أمس النظام الفيديرالي في مناطق سيطرة الأكراد في شمال سورية، في خطوة تراها مقدمة لاعتماد نظام مماثل في الأراضي السورية كافة ما بعد الحرب، وسارعت دمشق والمعارضة إلى الرفض بقوة. واعتبرت الفصائل المقاتلة في بيانها أن «تنظيمات عدة استغلت ثورة الشعب السوري وتضحياته وسيطرت على أجزاء من أرض سورية لتأسيس كياناتها العرقية أو القومية او الطائفية». وأشارت إلى أن «أول هذه المشاريع كان مشروع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي وآخره مشروع الفدرالية في شمال سورية». ويشكل الأكراد أكثر من 10 في المئة من سكان البلاد. وعانوا من التهميش على مدى عقود قبل اندلاع النزاع، إذ إن فئة كبيرة منهم محرومة من الجنسية السورية، ولم تكن لغتهم مدرجة في البرامج الرسمية، وكان يمنع عليهم إحياء تقاليدهم مثل احتفالات عيد «النوروز». من جهة ثانية، تظاهر المئات إحياءً للذكرى الخامسة للثورة في مدن سورية خاضعة لسيطرة الفصائل الإسلامية والمقاتلة في محافظات عدة، من بينها حلب وادلب (شمال غربي) ودرعا (جنوب) وحمص (وسط). وفي الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب، رفع ناشطون شعار «فلتسقط الفيديرالية». وكان الائتلاف السوري المعارض أعلن رفضه للنظام الفيديرالي الكردي الذي تم إعلانه الخميس خلال اجتماع عقد في مدينة رميلان بمحافظة الحسكة (شمال شرقي)، محذراً من تشكيل «كيانات أو مناطق أو إدارات تصادر إرادة الشعب السوري»، في رفض واسع من أطراف عدة للمقترح الكردي. وكان سيهانوك ديبو، مستشار الرئاسة المشتركة في حزب «الاتحاد الديموقراطي»، الحزب الكردي الاهم في سورية أعلن أمس، أنه «تم اقرار النظام الفيديرالي في روج آفا - شمال سورية»، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على تشكيل مجلس تأسيسي للنظام ونظام رئاسي مشترك. وقال الائتلاف السوري المعارض في بيان إنه «لا مكان لأي مشاريع استباقية تصادر إرادة الشعب السوري»، محذراً «من أي محاولة لتشكيل كيانات أو مناطق أو إدارات تصادر إرادة الشعب». وشدد على أن «تحديد شكل الدولة السورية، سواء أكانت مركزية أو فيديرالية، ليس من اختصاص فصيل بمفرده، لكنه سيتم بعد وصول المفاوضات إلى مرحلة عقد المؤتمر التأسيسي السوري الذي سيتولى وضع دستور جديد للبلاد». وفي دمشق، نقلت وسائل إعلام رسمية عن الحكومة السورية قولها إن إقامة نظام اتحادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد في شمال سورية «ليس له أي تأثير قانوني أو سياسي». من جهتها أعلنت الولايات المتحدة الأربعاء، أنها لن تعترف بمنطقة موحدة وتتمتع بحكم ذاتي تعلنها المجموعات الكردية في سورية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر للصحافيين: «كنا واضحين جداً لجهة أننا لن نعترف بمناطق ذات حكم ذاتي في سورية». وأضاف: «هذا أمر ينبغي ان تتم مناقشته والموافقة عليه من جميع الأطراف المعنية في جنيف ثم من الشعب السوري نفسه»، في إشارة الى مفاوضات السلام الجارية في سويسرا بين ممثلين عن النظام والمعارضة السوريتين برعاية الأمم المتحدة. وكانت واشنطن دعمت أكراد سورية في قتالهم ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في مناطقهم. لكن وزارة الخارجية الأميركية أكدت أمس أنها لن تقبل بتفكيك سورية، وأن أي نموذج للفيديرالية ينبغي أن يستند إلى مفاوضات جنيف. ولم تدع الأحزاب الكردية إلى المشاركة في مفاوضات جنيف. من جهة ثانية تخشى تركيا أيضاً اقامة حكم ذاتي كردي على حدودها، خوفاً من أي يؤدي ذلك إلى تشجيع النزعات الإنفصالية للأكراد داخل حدودها. وصرح مسؤول في وزارة الخارجية التركية بأن بلاده تدعم وحدة سورية، وأن أي خطوات منفردة مثل إعلان اتحاد من جانب واحد تعد «باطلة». وقال إن شكل الحكومة والهيكل الإداري في سورية ستقرره كل قطاعات الشعب السوري في دستور جديد. وكان أكثر من 150 ممثلاً لأحزاب كردية سورية عقدوا اجتماعاً في رميلان في ريف الحسكة شمال شرقي سورية أمس، بحثوا خلاله إعلان نظام فيديرالي في مناطق سيطرتهم ضمن رؤية كاملة لاعتماد الفيديرالية في سورية كلها مستقبلاً. وقال سيهانوك ديبو من داخل اجتماع عقد أمس، إن «المشاركين يبحثون شكل النظام في روج آفا (غرب كردستان) وشمال سورية»، مؤكداً أن «جميع المقترحات الأولية تصب في خانة الفيديرالية». وأضاف أن «المناطق المعنية عبارة عن المقاطعات الكردية الثلاثة، بالإضافة إلى تلك التي سيطرت عليها أخيراً قوات سورية الديموقراطية في محافظتي الحسكة (شمال شرقي) وحلب (شمال)». والمقاطعات الثلاث هي كوباني (ريف حلب الشمالي) وعفرين (ريف حلب الغربي) والجزيرة (الحسكة).
مشاركة :