عنوان المقال مجتزأ من الآية الكريمة رقم 52 بسورة الزخرف؛ حينما أوضح سبحانه وتعالى على لسان فرعون طغيانه وجبروته واستحقاره بإشارته لموسى عليه الصلاة والسلام وتصريحه الاستعلائي بأنه لا يكاد يبين؛ أي أنه ضعيف في نطقه وطريقة كلامه؛ وأوردت كتب السيرة عن المفسرين المتقدمين والمتأخرين في وصفهم لشخصية نبي الله موسى بأنه كان لديه حبسه كلامية أي تقطع في كلامه مرة بعد مرة بحيث تقف الكلمة ولا تخرج كاملة جملة واحدة؛ ويقال إن سبب عقدة لسانه عندما كان طفلا بمرحلة عدم الإدراك التقم جمرة أحرقت لسانه وبالتالي أثرت على طريقة نطقه فلازمته إلى أن كبر. صادف يوم الأحد الماضي 22 أكتوبر 2023 اليوم العالمي للتأتأة أو التلعثم أو اضطراب الطلاقة الكلامية؛ وقد بدأ أول احتفال عام 1998م بغرض رفع قيمة الوعي الاجتماعي للمؤسسات التعليمية والطبية المعنية بالتشخيص والعلاج من مراكز ومعاهد متخصصة لعقد العديد من الندوات والمشاركات والمؤتمرات والفعاليات بكيفية التعامل مع من يعانون من متلازمة التأتأة واضطراب الحبسة الكلامية وكذلك لتعريف الأسر والأفراد والمجتمع بأطيافه بكيفية احترام هذه الفئة وتقديرها؛ حيث تم اختيار شعار التأتأة عبارة عن وشاح يدمج بين اللونين الأخضر الذي يعكس الانطلاق والحرية والعدالة والأزرق الذي يدل على الهدوء والسكينة والاستقرار. هنالك أربع مسببات رئيسة للتأتأة والتي أوردها ونشرها معظم المتخصصين في مجال تقنيات التخاطب وعلم النفس والمخ والأعصاب وهي مسبب وظيفي فقد يولد الإنسان بخلل وظيفي في الدماغ؛ ومسبب نفسي قد يصاب الطفل بردة فعل نفسية جراء موقف مرعب أو محزن أو يتعرض لتعنيف من الوالدين كالصراخ واللوم والضرب المتكرر، ومسبب فجائي قد يصاب الإنسان بسكتة دماغية أو جلطة تؤثر على منطقة النطق فيعجز بعدها عن الكلام الطبيعي أو قد يكون مسببا وراثيا من جهة الأبوين. وبرأيي أن المسببات الأخرى تعتبر لا إرادية؛ ويجب الحذر تحديدا من المسبب النفسي الذي قد ينشأ جراء القسوة من الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات وتسبب التأتأة وما قد يتبعها من أعراض التبول اللاإرادي والرهاب الاجتماعي؛ وهنالك أمران مهمان للتعامل معهم أولا: منحهم الثقة أمر مهم جدا بالصبر عليهم وإعانتهم وعدم الإيحاء لهم بالملل، ثانيا البعد تماما عن التندر أو السخرية أو الإقلال من قدرهم. كان دعاؤه عليه السلام «واحلل عقدة من لساني يفقهو قولي» بلا شك أن المعجزة تكمن في تكريم الله لكليمه موسى واصطفائه ليكلفه بمهمة فريدة وعظيمة وهي مخاطبته سبحانه وتعالى مباشرة وبدون وسيط وفي أمر يشكل نقطة ضعف لديه وهي طلاقة لسانه؛ الأمر الذي يعتبر منحة إلاهية وتشريفا إنسانيا وتقديرا وجدانيا؛ ليكون كليم الله فيكلمه تكليما؛ وبالتالي علينا نحن أن نقدرهم وجدانيا ونساعدهم إنسانيا امتثالا لهذا التكريم. Yos123Omar@