طنجة (المغرب) - عرض الفيلم الكوميدي "الطابع" للمخرج المغربي رشيد الوالي بالفضاء السينمائي "روكسي"، وذلك في إطار مسابقة الفيلم الروائي الطويل ضمن فعاليات الدورة الثالثة والعشرين للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة. واستمتع رواد السينما بالعمل الكوميدي الذي استأثر بهم لمدة 95 دقيقة بفضل قصته المثيرة التي تفسح المجال أمام تأملات عميقة حول موضوعات مثل التساؤل الشخصي حول الحياة والموت، والعلاقات الأسرية والودية، وواجب الذكرى، والتسامح والاعتراف. ويكشف فيلم "الطابع" الذي يعد العمل الروائي الثالث لرشيد الوالي عن القصة المؤثرة لإصرار العربي، عامل المناجم المغربي السابق، الذي استقر في فرنسا لأكثر من أربعة عقود، لكن رغبته الكبيرة هي العودة إلى وطنه ليُدفن بالقرب من قبر زوجته عزيزة، بعد تلقيه النبأ المفجع عن مرضها العضال. ويسلط الفيلم الذي تدور أحداثه في منطقة سيت بفرنسا قبل أن ينتقل إلى مدن وجدة وجرادة وعين بني مطهر وفكيك، الضوء بشكل رائع على ثراء الثقافة الإنسانية والتقاليد العريقة والمناظر الطبيعية الخلابة لجهة الشرق، وذلك مع المزج ببراعة بين عناصر الدراما والكوميديا في أجواء سينمائية آسرة. وينسج العمل الكوميدي بالإضافة إلى ذلك، صورة صادقة ومؤثرة للصداقة بين بطلي الفيلم، العربي وموتشو اللذين يخوضان مغامرات تارة درامية وتارة أخرى مشبعة بالفكاهة خلال رحلتهما من فرنسا إلى فكيك. ويجمع الفيلم الذي حظي، الاثنين، باهتمام عشاق الفن السابع، ثلة من الفنانين الموهوبين بينهم حميد الزوغي، مارك صامويل، بودير، غابرييل لازور، وجيريمي بانستر. وقال رشيد الوالي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إنه يحاول من خلال هذا الفيلم الروائي "رد الاعتبار للعمال المغاربة الذين اشتغلوا بمناجم شمال فرنسا بين 1950 و1970"، معربا عن سعادته بلقاء جمهور طنجة "في هذا الحدث السينمائي الذي لا غنى عنه". ولم يفت المخرج التأكيد على أن "الطابع" يمثل أول فيلم روائي طويل تم تصويره في منطقة فكيك، موضحا أنه اختار هذه المنطقة التي تقع في أقصى شرق المغرب لإبراز جمالها الاستثنائي. وأعرب عدد من رواد السينما عقب العرض عن إعجابهم بالفيلم الذي "يصور قصة معقدة تمزج بين الدراما والتشويق والكوميديا، مما يقدم تجربة سينمائية حافلة بالمشاعر". وتم فتح باب مناقشة الفيلم، وهو ما اغتنمه العديد من خبراء السينما وكذلك محبي الفن السابع لاستعراض جوانب الفيلم وتبادل أطراف الحديث مع المخرج. وأتاح النقاش التعمق في المواضيع والاختيارات الفنية ونطاق العمل السينمائي، وبالتالي تقديم نظرة ثاقبة للرؤية الإبداعية لرشيد الوالي وتأثير الفيلم على الجمهور. وتواصل عروض الأفلام المتنافسة في المسابقات الرسمية للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة في دورته الـ23 جذب رواد السينما وعشاق الفن السابع الذين يملؤون القاعات خلال هذا الموعد السينمائي المتميز. ففي مسابقة الفيلم القصير، احتضن الفضاء السينمائي "روكسي" عرض فيلم "ظل با" (18 دقيقة) للمخرجة سارة رخى الذي يحكي قصة سيدة تصل أمام وزارة العدل، حيث تمكنت من الدخول إلى مكتب المساعدة الاجتماعية، لكن هذه الأخيرة كانت منشغلة جدا، بحيث لم تمنح ما يكفي من الوقت لهذه المرأة التي يبدو أنها تريد أن تحكي قصة طويلة، سرا ظلت تحتفظ به لعدة سنوات وفي المسابقة ذاتها، جرى عرض فيلم "الموجة الأخيرة" (25 دقيقة)، ويحكي قصة رحلة إبراهيم هل هي نحو الموت أم لولادة جديدة، حيث سينتهي به الأمر جثة هامدة ألقى بها البحر، محاولا إخراج عائلته من براثن فقر مدقع. وفي إطار مسابقة الفيلم الوثائقي الطويل، عرض بالفضاء السينمائي "ميكاراما غويا" فيلم "صدى الصخور" (56 دقيقة) للمخرجة غزلان أسيف، ويحكي قصة محمد مولود بيبا الذي يطلق عليه أهل المنطقة اسم "حارس الآثار"، المولع منذ صغره بالرحلات الاستكشافية في الصحراء، وكذا الفيلم الوثائقي "حراس الذاكرة" (70 دقيقة) للمخرج المغربي سعيد بلي، الذي يسلط الضوء على تاريخ اليهود في مدينة فاس. وفي مسابقة الفيلم الروائي الطويل، جرى بالفضاء السينمائي "روكسي" عرض فيلم "آل دي لا" (93 دقيقة)، ويحكي عن عايدة مديرة تنفيذية في وكالة عقارية في مدينة طنجة، تمر بمرحلة صعبة في حياتها، قبل أن تجد، بمناسبة مهمة عمل في مدينة "كان"، نفسها في قلب المهرجان السينمائي. وعند عودتها إلى المغرب، تركت كل شيء وراءها لتنطلق في البحث عن عمل جديد جنوب المغرب. وستنقلب حياتها عندما تلتقي بعلي، الصحفي الغامض، وستنشأ بينهما علاقة ستكشف النقاب عن ماضيها وشكوكها ومخاوفها. وبالفضاء السينمائي نفسه، جرى عرض فيلم "صيف في بجعد" (80 دقيقة) للمخرج عمر مول الدويرة، ويحكي قصة كريم (13 سنة)، الذي يعود في صيف 1986، بعد سبع سنوات من وفاة والدته، إلى بجعد البلدة الصغيرة وسط المغرب، لقضاء عطلته الصيفية مع عائلة والده مسعود الجديدة، بعد أن قرر هذا الأخير مغادرة فرنسا نهائيا. كريم الذي لا يفقه شيئا في اللغة العربية، وجد نفسه في داخلية الثانوية الفرنسية الباهظة الثمن في الدار البيضاء. وإدراكا منه أنه يكلف عائلته غاليا، سيحاول بكل الوسائل كسب عطف والده. "فرنساوي" بالنسبة لمراهقي الحي، سيمتزج بحث كريم عن الهوية مع الانفعالات الأولى وشكوك المراهقة. وكان عشاق الفن السابع إلى جانب أفلام المسابقات الرسمية للدورة الحالية، على موعد بفضاء "برج دار البارود" مع عرضين سينمائيين، في إطار عروض أفلام "بانوراما" الفيلم المغربي، ويتعلق الأمر بكل من فيلم "لبلوح" (64 دقيقة) للمخرج محمد مروان كمال، و"دادي" (14 دقيقة) للمخرج ياسين الحريشي. وتتواصل فعاليات الدورة الـ23 للمهرجان الوطني للفيلم إلى غاية 4 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بعرض عدد من الأفلام وتنظيم لقاءات سينمائية وأنشطة ثقافية متنوعة. وتعد هذه التظاهرة الثقافية التي ينظمها المركز السينمائي المغربي، موعدا سينمائيا وطنيا بارزا، يجمع عشاق السينما والفنانين الموهوبين وهواة الفن لتعزيز التفاعل والحوار وإثراء النقاش.
مشاركة :