يواصل مهرجان النّهام الذي تنظمه هيئة المسرح والفنون الأدائية إحياء الواجهة البحرية في كورنيش الدمام بأصداء مواويل النهامين والفرق الشعبية، الذي شهد حضوراً متزايداً من أهالي وزوار المنطقة الشرقية بعد فتح أبوابه مجاناً ومن الأشقاء القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك للشعبية الكبيرة التي يحظى بها فن النهمة في المشهد الثقافي الخليجي. ويعد مهرجان النهام أبرز فعالية ثقافية تقام في المنطقة الشرقية حالياً، حيث يتضمن المهرجان عدداً من المناطق المخصصة للعروض الأدائية الحية بأنواعها مع تفعيلات ثقافية وأركان تفاعلية ومكتبة ومعرض فوتوغرافي إضافة لعدد من المتاجر والمطاعم والمقاهي. مشاركة خليجية وشارك مجموعة من الفنانين المتخصصين بفن النّهمة من دولة قطر والكويت، في مسابقة "نهام الخليج" شدوا من خلالها بأروع الأبيات والمواويل التي تختصر الكثير من مشاعر الحزن والفرح، وذلك بطابع قطري مميز وألحان فلكلورية جذابة، فيما واصلت مسرحية "دانة يا نهّام" التي كتبها الدكتور صالح زمانان وأخرجها راشد الوارثان تقديم عروضها اليومية، وسط حضور وإقبال كبير. حرف يدوية وتنقل زوار المهرجان بين الأركان والمناطق المختلفة، تعرفوا خلالها على أبرز الحرف اليدوية التي تمتاز بها المنطقة الشرقية وتتعلق بمهنة صيد السمك، كما تسابقوا على شراء واقتناء العديد من التحف والمشغولات اليدوية، التي صنعت من قبل الأسر المنتجة، ومنها الملابس الشعبية، والعطور، والبخور، ومنتجات الخوص. وعاش الزوار تجربة ثرية من خلال الفنون الأدائية والفعاليات الترفيهية والمعارض الثقافية، حيث استمتعوا بأداء النهامة، والأجواء الشعبية في ممرات المهرجان التي صممت لتسرد تاريخ البحر والنهمة بشكل إبداعي، وسافروا من خلال القبة السينمائية وسط أحداث فيلم "الغوص العود" الذي عرض من خلال شاشة عملاقة وبتقنية 360 درجة. حرف تقليدية وتعرف الزوار على أبرز الحرف التقليدية، التي تمتاز بها المنطقة الشرقية، وذلك من خلال وقوفهم بشكل مباشر على تفاصيل صناعتها بأيدي الحرفيين الذين توارثوا مهنهم أباً عن جد، وذلك كجزء من هوية المهرجان التي تتمحور حول الفنون الأدائية البحرية بشكل عام، وما يرتبط بها من أنشطة ومهن ثقافية ترتبط بساحل الخليج العربي بشكل خاص. صناعة الاقفاص ومن أقدم تلك المهن التي تواجدت في المهرجان، هي صناعة الاقفاص الخاصة بصيد الأسماك، والتي تعرف محلياً بـ"القراقير"، حيث كانت عنصراً رئيساً على متن قوارب صيد السمك والتي لا يستغني عنها الصياد، حيث يمكن لها أن توفر له الصيد الوفير نظراً لطريقة تصميمها الذكي، الذي يعتمد على جذب الأسماك من خلال الطُعم الموضوع داخلها ثم حصرها ومنعها من الخروج". سلال الخوص ويستمر مهرجان النهام في تمكين زواره من عيش تجربة ثقافية تغوص بهم إلى أعماق ماضي حياة المدن الساحلية بكامل تفاصيلها، حيث يضم المهرجان مناطق متنوعة يقوم بها الحرفيون على صنع أشهر المواد والمنتجات التراثية، ومن أبرز هذه المنتجات هي سلال الخوص، التي تعد عنصرا ثقافياً هامّاً قل ما يخلو منه مشهد تاريخي أو عمل فني تقليدي. فعملية صناعة السلال تستغرق وقتاً طويلاً نظراً لأن العملية يدوية بالكامل وتستلزم الدقة والاتقان، فصناعة سلة واحدة متوسطة الحجم قد تستغرق حتى أربعة أيام عمل، فهذه الحرفة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنطقة الشرقية كون موادها الأولية مصدرها طبيعة المنطقة وما تحويه من مزارع نخيل. يذكر أن مهرجان النّهام الذي يستمر حتى الثاني من نوفمبر، يأتي ضمن جهود هيئة المسرح والفنون الأدائية في إثراء الحراك الثقافي في المملكة، وتعزيز حضور الفنون الأصيلة في المشهد الثقافي، كما يعكس حرص وزارة الثقافة على توطيد التبادل الثقافي الدولي بوصفهِ أحد أهدافها الإستراتيجية تحت مظلة رؤية السعودية 2030، ومدّ جسور التواصل الثقافي عبر تسليط الضوء على الأواصر المشتركة بين المملكة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث يحتفي المهرجان بالحياة البحرية بشكل عام، وفن النهمة بشكل خاص، كما يقوي حضور الفنون الأدائية الوطنية في الذاكرة الوطنية ويسهل من نقلها للأجيال الناشئة وذلك ضمن الجهود الرامية للوصول للمجتمع الحيوي ضمن المستهدفات الأساسية لرؤية السعودية 2030.