قال الله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) وفي الحديث: (خير الناس أنفعهم للناس) و قال الشاعر: أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم فطالما استعبد الإنسان إحسان وقال الأخطل: وإذا افتقرت إلى الذخائر لم تجد ذخراً يكون كصالح الأعمال إن أردت أن يسهل الله قضاء حوائجك فأعن الناس على قضاء حوائجهم، فالجزاء من جنس العمل، فجميل أن تدخل السرور على قلوب الآخرين إذا احتاجوا للمساعدة وتكفيك دعوة صادقة من شخص محتاج يسعدك الله بها في الدنيا والآخرة، إن الذخائر الحقيقية ليست في الأموال، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام، لكنها في المشاريع الخيرية والبر والإحسان التي تثقل ميزان الحسنات يوم لا ينفع مال ولا بنون، إن الفرق كبير وهائل بين الذخيرتين، وعلى المرء الفطن اللبيب، صاحب العقل الراجح، والوعي العالي، أن يعلم بأنه يعيش في دنيا مؤقتة فانية، وعليه أن يستغل ماله استغلالاً طيباً نافعاً، وأن يجعله سبباً في الخلود في الجنان، التي فيها كامل المسرات والمباهج. إن السخي صاحب المبادرات الإنسانية والمساعدات الخيرية قادر على الدخول إلى قلوب الناس بدون استئذان، إنه بأفعاله الطيبة ومواقفه النبيلة يحظى بالحب والتقدير والاحترام، عكس البخيل الممسك الشحيح الذي لا يعرف الجود والإنفاق والعطاء، والذي لا يهمه سوى تكديس المال، حفظه وخزنه وجمعه ونموه، دون أن يستفيد منه في دنياه وآخرته، إن السخي مثل الغيمة الهاطلة التي تمطر بسخاء فتصبخ الأرض بعدها مزدانة بهية، وهنا يمكن الفرق بين الاثنين، وتكمن العظمة، في «روضة العقلاء»، (أن أجود الجود من جاد بماله، وصان نفسه عن مال غيره، ومن جاد ساد، كما أن من بخل رذل، والجود حارس الأعراض، ومن أتم الجود أن يتعرى من المنة)، قال الشاعر العباسي أبي بكر الشبلي: تعود بسط الكف حتى لو أنه ثناها لقبض لم تجبه أنامله تراه إذا ما جئته متهللاَ كأنك تعطيه الذي أنت آمله ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله إن الموفق المسدد، من فتن الناس بجودة فالخلق عيال الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعباده، وفي الأثر « السخي قريب من الله، قريب من الناس، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، ولسخي جاهل، أحب إلى الله من بخيل عابد».
مشاركة :