الإعلام العربي ما زال يعمل في معاييره الإعلامية السابقة، محافظ على ما يسميه المهنية الإعلامية التي تتطلب الحياد المطلق في النزاعات حتى وإن كانت في فلسطين، وأن لا يتحول إلى طرف في الصراعات، أي بلا موقف في الأزمات. هذه المعايير التي نادت بها دول الغرب الأوروبي والأمريكي هي أول من تجاوزها وبخاصة مع القضايا الإسرائيلية، ونسي الغرب أنه علمنا هذه المبادئ لسنوات وهو اليوم يتخطاها ويعطلها. من شواهدها حرب فلسطين - غزة 7 أكتوبر 2023 - مع إسرائيل، حيث (تعسكر) الغرب: أمريكا وأوروبي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا) مع إسرائيل في خندق واحد دون تردد، بل أرسل قواته وحاملة الطائرات، وجسر جوي وبحري من القذائف والعتاد الحربي والمعلومات والصور الجوية، وتقاطر عليهم رؤساء الدول ووزراء الدفاع والخارجية والاستخبارات وخبراء عسكريين - أرسلتهم- الدول الغربية بزيارات علنية إلى إسرائيل، وتبنى الغرب خطاباً سياسياً وإعلامياً واحداً، كأنهم درسوا في معهد أكاديمي واحد: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، ووصف حماس ومن يدافع عن غزة بصفة الإرهابي، واستخدام غزة بدلاً من فلسطين، من الشواهد الصاروخ الذي ضرب مستشفى المعمدان قالوا عنه إنه أُطلق بالخطأ من الجماعات الإرهابية من قطاع غزة. كما قاموا بمحاصرة فلسطين براً وبحراً وجواً، والتأييد أو التغاضي عن قطع إسرائيل: الماء والكهرباء والوقود والاتصالات. ووقف المعونات والمساعدات في جميع المعابر إلا من معبر رفح وعدم دخولها إلا تحت إشرافهم وتفتيشها بكل دقة، كما استخدموا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد أي قرار يدين إسرائيل، وبالمقابل تطلق يد إسرائيل في غزة لقتل المدنيين والأطفال والأمهات والشيوخ والمرضى في المستشفيات. هذا الحشد من التأييد الغربي عسكريًا وإعلاميًا يقابله إعلام عربي محايد تستقبل محطات الدول العربية الفضائية المتحدث العسكري الإسرائيلي، والمتحدث بمكتب نتنياهو، وتستقبل الساسيين والكتاب المتطرفين وتفسح لهم المجال في التعليق والرد ووصف العرب بالإرهاب وإطلاق الكذب والعربدة بالتحدث، ومنح المساحات للمؤتمرات الإسرائيلية، وتغطية جميع اللقاءات وتحركات نتنياهو ووزير الدفاع ووزارة الحرب والمجلس العسكري بصورة منتظمة وفاضحة وكأن الحرب تقام في قارة بعيدة. والسؤال هل القنوات الإسرائيلية تعطي المساحة نفسها للقيادات الفلسطينية والزعماء العرب؟ وهل الإعلام الغربي يقدم مساحات للزعماء العرب بالتحدث ومخاطبة الجماهير كما تفعله المحطات الفضائية العربية؟
مشاركة :