دون أدنى شك أن الإعلام العربي والإقليمي لا يسير بأتجاه واحد، وأنه لا يخضع للعددية و للكثافة السكانية، وأن القوة هي قوة المال والتمويل والموقف السياسي، وأن الإعلام يخضع للأهواء المذهبية من العاملين في مؤسسات الإعلام، ولا هناك إعلام أو قيادات إعلامية محايدة، وبلا موقف سياسي، هذا قد لا يكون في الوطن العربي بل في جميع دول العالم مع إختلاف النسب وبعد وقرب المسافة والمصالح، فالإعلام مثل السياسات تسيره المصالح العليا والمؤسسات والرغبات الشخصية، لكنه في الوطن العربي أسطع من غيره. بعد ضرب أمريكا لمواقع عسكرية محدودة في سورية، حيث أطلق الجيش الأمريكي 59 صاروخا عابرا (توماهوك) لاستهدف مطار الشعيرات العسكري في حُمُص وسط سورية، فقد اعتبرته بعض الأصوات والمحطات المحسوبة على سورية وإيران وروسيا وحزب الله اللبناني وجماعة الممانعة العربية، اعتبروها هجمة إعلامية وصواريخ إفلاشات تشعل الضوء في سماء سورية، لأن السوريين تبلغوا بالضربة فأخلوا المطارات وتحديدا مطار الشعيرات من الطائرات والقوات الأرضية، هذه الأصوات مازالت تستقبل من قنوات عربية محسوبة على دول معارضة للأسد، تحاول تشكك وتكذب وتقلل من مواقف الدول المعارضة للأسد. السياسيون يدركون جيدا أن هناك تغيرات في السياسات العالمية الرئيس الأمريكي الجديد ترامب يختلف عن أوباما، أمريكا نفسها ليست كأمريكا أوباما المترددة، أوروبا أصبحت أكثر شجاعة ورغبة لإنهاء الحرب، تركيا كسرت جدار الحدود مع سورية وأرسلت قوات، والدول العربية التقطت أنفاسها وبدأت تغير أوراقها مع إيران وروسيا بعد وصول ترامب للرئاسة الأمريكية. الإعلاميون وحدهم من فئة الحرس القديم لحكومة الأسد والثورة الإيرانية لم يفتحوا أعينهم على الواقع السياسي أو لا يرغبون في الاعتدال في مواقفهم، وأن ماكان قبل الهجوم الإيراني على العرب يجب أن يعود إلى حاله، وأن سورية ستعود بلا أسد، والعراق حديقة إيران الغربية ستعود بلاد الرافدين وعراق القادسية، واليمن بلا حوثي ولا صالح، لكن لابد بالمقابل أن تغير المحطات العربية سياساتها مع التغيرات الجديدة في الساحة الدولية التي بدأت بالتحولات السريعة بعد ضربة مطار الشعيرات السوري.
مشاركة :