ما «الجنوب العالمي» ومفهوم استخدام المصطلح؟

  • 11/3/2023
  • 23:43
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يتم استخدام مصطلح "الجنوب العالمي" باستمرار هذه الأيام، فعلى سبيل المثال، يحذر بعض المعلقين من أن التوغل الإسرائيلي في غزة يؤدي إلى "التباعد مع الجنوب العالمي"، وكثيرا ما نسمع أن "الجنوب العالمي" يريد وقف إطلاق النار في أوكرانيا. لكن ماذا يعني الناس عندما يستخدمون هذا المصطلح؟ جغرافيا، يشير المصطلح إلى 32 دولة تقع تحت خط الاستواء "في نصف الكرة الجنوبي"، على عكس 54 دولة تقع في شماله بالكامل، ومع ذلك، فعادة يتم استخدام هذا المصطلح بشكل مضلل كاختصار للأغلبية العالمية رغم أن معظم سكان العالم يعيشون فوق خط الاستواء "كما هي الحال مع معظم مساحة اليابسة في العالم". على سبيل المثال، كثيرا ما نسمع أن الهند، الدولة الأكبر من حيث عدد السكان في العالم والصين ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان تتنافسان على زعامة الجنوب العالمي، وقد عقدت كل منهما أخيرا مؤتمرات دبلوماسية لهذا الغرض، ومع ذلك فإن كلتيهما تقعان في نصف الكرة الشمالي. إذن هذا المصطلح هو عبارة عن شعار سياسي أكثر من كونه وصفا دقيقا للعالم، وبهذا المعنى، يبدو أن هذا المصطلح اكتسب شعبية بوصفه تعبيرا ملطفا ليحل محل المصطلحات الأقل قبولا. فخلال الحرب الباردة، قيل إن الدول التي لم تكن متحالفة مع كتل الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد السوفيتي تنتمي إلى "العالم الثالث"، كما عقدت دول عدم الانحياز مؤتمرا خاصا بها في باندونج في إندونيسيا 1955 ولا تزال هناك 120 دولة تشكل حركة عدم الانحياز الضعيفة اليوم. مهما يكن من أمر ومع زوال الاتحاد السوفيتي في 1991 لم تعد فكرة العالم الثالث غير المنحاز منطقية، ولقد كان من الشائع في فترة من الفترات الإشارة إلى "الدول الأقل نموا"، لكن هذا المصطلح كان ينطوي على الازدراء، لذا سرعان ما بدأ الناس يشيرون إلى "الدول النامية". رغم أن هذا المصطلح لا يخلو من المشكلات المتعلقة بالتسمية ـ فليس كل الدول ذات الدخل المنخفض في طور النمو على أي حال ـ، إلا أنه أثبت فائدته في سياق دبلوماسية الأمم المتحدة. تضم مجموعة الـ77 الآن 135 دولة، وهي موجودة لتعزيز مصالحها الاقتصادية الجماعية، لكن خارج سياق الأمم المتحدة، هناك اختلافات كثيرة بين الأعضاء، حيث يتعذر على المنظمة القيام بدور ذي معنى. إن من المصطلحات التي تم استحداثها وأصبحت رائجة مصطلح "الأسواق الناشئة"، الذي يشير إلى دول مثل الهند والمكسيك وروسيا والباكستان والصين والبرازيل ودول قليلة أخرى، وفي 2001، صاغ جيم أونيل الذي كان آنذاك مديرا تنفيذيا في بنك جولدمان ساكس الاسم المختصر "البريك" في ورقة بحثية حددت البرازيل وروسيا والهند والصين، بوصفها اقتصادات ناشئة تتمتع بإمكانات نمو عالية، رغم أنه كان يقدم تحليلات استثمارية، إلا أن بعض القادة السياسيين، بما في ذلك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استغلوا التجمع كمنصة دبلوماسية محتملة لمواجهة النفوذ العالمي الأمريكي. وبعد سلسلة من الاجتماعات، انعقدت قمة البريك الأولى في كاترينبرج، روسيا، في 2009، ومع إضافة جنوب إفريقيا في العام التالي، أصبحت المجموعة تسمى البريكس، وبعد ذلك وفي قمة البريكس الـ15 التي انعقدت في أغسطس الماضي، أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا أن ست دول من الأسواق الناشئة ستنضم إلى الكتلة في الأول من يناير 2024. منذ أن أصبحت البريكس هيئة لعقد المؤتمرات، كان ينظر إليها في كثير من الأحيان على أنها تمثل الجنوب العالمي، لكن مرة أخرى، تعد البرازيل وجنوب إفريقيا "والآن الأرجنتين" الأعضاء الوحيدين من نصف الكرة الجنوبي، وحتى كبديل سياسي للعالم الثالث، فإن مجموعة البريكس محدودة كمفهوم ومن الناحية التنظيمية، وفي حين أن عددا قليلا من أعضائها يعد دولا ديمقراطية، إلا أن معظمها دول لديها صراعات مستمرة مع بعضها بعضا. على سبيل المثال، تحاربت الهند والصين حول حدود متنازع عليها في جبال الهيمالايا، علاوة على ذلك، فإن المشاركة الروسية تجعل أي ادعاء بتمثيل الجنوب العالمي مثارا للسخرية. إن القيمة الرئيسة لهذا المصطلح هي قيمة دبلوماسية، ورغم أن الصين دولة متوسطة الدخل في نصف الكرة الشمالي وتتنافس مع الولايات المتحدة الأمريكية على النفوذ العالمي، فإنها تحب أن تصف نفسها بأنها دولة نامية تلعب دورا قياديا مهما في الجنوب العالمي، ومع ذلك، وفي محادثاتي مع الأكاديميين الصينيين خلال رحلتي الأخيرة إلى بكين، وجدت اختلافات بينهم. لقد اعتقد البعض أن هذا المصطلح أداة سياسية مفيدة بينما اقترح آخرون أن المصطلحات الأكثر دقة من شأنها أن تقسم العالم إلى دول مرتفعة ومتوسطة ومنخفضة الدخل، لكن حتى في مثل تلك الحالة، ليس لدى جميع الدول منخفضة الدخل المصالح نفسها أو الأولويات، فالصومال وهندوراس، على سبيل المثال، تواجهان مشكلات مختلفة تماما. بالنسبة إلى الصحافيين والسياسيين، فإن مصطلحات أصحاب الدخل المرتفع والمتوسط والمنخفض ثقيلة على اللسان ولا تتلاءم مع عناوين الأخبار الرئيسة، وفي غياب اختصار بديل، فسيستمرون في الاعتماد على "الجنوب العالمي". لكن أي شخص مهتم بوصف أكثر دقة للعالم يجب أن يكون حذرا من مثل هذا المصطلح المضلل. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكت، 2023.

مشاركة :