قرية ذي عين.. عبق التاريخ والقصور التراثية

  • 11/7/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

على أحد مرتفعات القطاع التهامي بمحافظة المخواة في منطقة الباحة، تتربع قرية ذي عين التراثية، وتحيط بها الجبال من كل جانب، لتحفظ لها مكانتها التاريخية وتراثها العريق، وتصبح إحدى أهم القرى السياحية والأثرية في المملكة. واستمدت قرية ذي عين تسميتها من عين مائية تنساب من الجبال المجاورة، وتصب في عدة أماكن بالقرية، مما ساعد الأهالي على زراعة الموز والكادي والليمون والنباتات العطرية، عبر نظام للري ابتكره الأهالي لتوزيع المياه والسقاية، وقد نُسجت حول تلك العين ومياهها المتدفقة العديد من الحكايات والأساطير الشعبية، نظرا لتدفقها المتواصل عبر مئات السنين. وتقع ذي عين في منحدر طريق عقبة الملك فهد الذي يربط سراة منطقة الباحة بتهامتها على مسافة 20 كيلو متراً من مدينة الباحة، وهي قرية مبنية من الحجارة مسقوفة بأشجار العرعر التي نقلت إليها من الغابات المجاورة، زينت شرفاتها بأحجار المرو الكوارتز على شكل مثلثات متراصة، ويوجد بها بعض الحصون الدفاعية التي أنشئت قديماً لحمايتها من الغارات أو لأغراض المراقبة. ويوصف مناخها أنه حار صيفاً معتدل شتاءً كونها في منطقة منخفضة ضمن الجزء الذي يسمى بمنطقة تهامة العليا من منطقة الباحة، وترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي 1985 متراً، وتمتاز بغزارة الأمطار في فصل الصيف وتهطل بمعدل كبير بسبب موقعها بين كتلة من الجبال، مما يؤدي إلى تكثف الغيوم وهطول الأمطار الرعدية، فيما يكون هطول الأمطار متوسط على القرية في فصل الشتاء. وتتميز قرية ذي عين بطرازها المعماري الفريد وجمالها العمراني المدهش، حيث يبلغ عدد مباني القرية المبنية من أحجار الجرانيت الصلبة والمقطعة من الجبال المحيطة 85 منزلا يرتفع بعضها إلى خمسة أدوار، وقد زينت بأحجار المرو الأبيض، كما يوجد بها حصنان تاريخيان مرتفعان عن المباني بهدف كشف كامل المنطقة المحيطة بالقرية من جميع الجهات. وتعد زيارة قرية ذي عين إحدى أهم التجارب السياحية التي يمكن أن يستمتع بها السائح في منطقة الباحة، بالإضافة إلى العديد من التجارب الأخرى بالمنطقة. وتوصف قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، بواحدة من أجمل وأبرز المواقع الأثرية على مستوى المملكة، نظراً لما تتمتع به من جمال في طريقة بنائها، وما تزخر به من مزارع شاسعة تغذيها عين القرية التي لم تتوقف على مر الزمان. وتجذب النباتات العطرية برائحتها الفواحة زوار وسياح قرية ذي عين التراثية بمنطقة الباحة، حيث تنتشر في مزارعها أكثر من 100 شتلة من نبتت الكادي والريحان، ونحو 5000 شجرة من أشجار الموز،وأنواع متعددة من النباتات المختلفة. "ذي عين" ما زالت وافرة الغلّال كثيرة الخيرات، وهبها الله بسقيا رحمةٍ تمثلت في عين مائها العذبة التي انبجست من الواجهة الشرقية للقرية التراثية منذ مئات السنين، ففي الزمن البعيد شمخت من خلالها سنابل القمح وأثمرت النخيل الباسقات، وفي حاضرنا أنتجت عناقيد الموز، وفاح أريج الكادي، وهبت نسائم الريحان في الوادي. وتمثل مساحة أراضيها الزراعية بأكثر من 75000 ألف متر مربع وتنتج من الموز خلال العام بأكثر من ثمانية أطنان، حيث ذروته خلال فصل الصيف، كما تنتج خلال العام من أزهار الكادي أكثر من 21500 زهرة كادي والذي يجود بعطائه في شهر أكتوبر. وتعد قرية ذي عين إحدى أهم القرى التراثية بالمملكة والغنية بتراثها الأصيل، الذي يتمثل في 58 قصراً تراثياً تقع على جبل من الرخام الأبيض المميز بمساحة تقدر بـ15000 متر مربع، تتراوح ما بين الدور والخمسة أدوار، ومسجداً روعي في تصميمه أن يكون وسط الوجهات الزراعية والقصور التراثية. ويقسم مركز الزوار بقرية ذي عين، بطريقة لافتة في توزيع المساحة على مجموعة من العناصر التي تشكل خصوصية وهوية منطقة الباحة، بداية من الاستقبال الذي يحقق فرصة التعريف بتاريخ منطقة الباحة منذ عصور ما قبل التاريخ الموغلة في القدم وحتى العصر الحديث، ثم يذهب الزائر إلى الموجودات الأثرية التي يعود تاريخها إلى العصور الحجرية عبر شواهد حضارية على تلك الفترة الزمنية، ليؤكد أن منطقة الباحة لم تكن بمعزل عن النشاط السكاني والحركة الاقتصادية بالجزيرة العربية في عصور ما قبل الإسلام، وذلك بفضل تواجدها على طريق التجارة القديم، وكونها معبراً طبيعياً للباحثين عن الصيد والباحثين عن الغذاء. كما يقدم مركز الزوار بقرية ذي عين في قاعة الاستقبال، سرداً تفصيلياً حول قرية ذي عين من معلومات إثرائية تحكي تاريخ القرية والباحة وحضارتهما، من خلال فصول تتنقل في الزمن والأجيال لتستعرض مكونات القرية وتبتكر نافذة على النشأة والتاريخ ومواد البناء المستخدمة في عمارة القرية، وقسم آخر إبداعي ينقل الزوار إلى بعد بصري يمزج الخطوط بالألوان في ركن العناصر الزخرفية، ويليها قسم يحقق إطلالة من الحاضر على المستقبل لمنطقة الباحة وقرية ذي عين، وبعد ذلك تعمق في التفاصيل من التضاريس والمناخ والمكونات الطبيعية والمنتجات الزراعية، وصولاً إلى التراث غير المادي سواء الأكلات الشعبية أو الحرف والصناعات اليدوية أو الفنون الأدائية، ومن ثم بمنطقة التصوير وما تتضمنه من أنشطه وفعاليات وركن لالتقاط الصور التذكارية، وختاماً منطقة الأطفال التي تجمع بين التعليم والترفيه بوجود جداريات إثرائية ومعلومات تعريفية.

مشاركة :