أكد أدباء وقاصون أنّ القصة القصيرة حاضرة وبقوّة في الأدب العربي، بالرغم من أنّها لم تصل بعد إلى مستوى الرواية، وذلك بفعل العديد من الأسباب أهمها طبيعة القصة القصيرة المكثّفة وحاجتها إلى حساسية قد لا يتقنها أيّ كاتب. جاء ذلك خلال جلسة ثقافيّة ضمن معرض الشارقة الدولي للكتاب، شارك فيها كلّ من جمال فايز السعيد كاتب قصّة وروائي قطري، وسعاد العريمي كاتبة إماراتيّة وناشرة في مجال الأدب والرواية والقصّة القصيرة، والدكتور إبراهيم أبوطالب أكاديمي وشاعر وكاتب أدب أطفال يمني، وأدارت الجلسة الدكتورة ولاء الشحّي. قال جمال فايز السعيد "القصة والرواية من شجرة واحدة ولون أدبي واحد لها ثلاثة فروع وهي (القصة، والرواية، والقصّة القصيرة)، والتحدي والمنافسة بين الرواية والقصة هما مثل المد والجزر، فعندما تأتي عوامل لصالح الرواية فهذا ينعكس إيجابا على الثقافة والقرّاء وكذلك هي الحال للقصة القصيرة"، مشيرا إلى أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي قدّم خدمة للقصة القصيرة بفعل حجمها، أما انتشار الجوائز المتخصصة فخدم الرواية، موضحا أن الأمر لا يتمثل بانتشار فنّ على حساب الآخر. وبيّن أن "لكلّ لون من هذه الألوان جمهوره الخاص، وكل أدب له مزاياه وخصائصه التي تسهم في انتشاره بشكل أو بآخر. وأكبر تحد للقصة القصيرة طبيعة الجنس الأدبي ذاته، فالقصة القصيرة عند النظر إلى خصائصها فهي تعتمد على التكثيف والوحدة الفنيّة والمساحة الضيّقة للتعبير". بدوره قال الدكتور إبراهيم "لا شك في أن المشهد القصصي العربي شهد في بدايات السبعينات وحتى نهاية الألفية الثانية إشراقات لافتة شملت مشرق الوطن الكبير ومغربه وبرزت أسماء قصصية تبوأت المشهد الثقافي العربي". وأضاف "القصة القصيرة حاضرة وبقوة، وبلغة الأرقام عدد ما صدر من مجموعات قصصية في قطر واحد وهو اليمن بين عامي 1957 و2022 وصل إلى 454 مجموعة قصصية، إضافة إلى 40 مجموعة قصصية قصيرة جدا، وفي ذات البلد صدرت 554 رواية، لذلك لا يوجد فارق كبير بالرغم من أنّ الرواية أقدم". وأشار "القصة القصيرة لا تتمتع بنفس جماهيرية الرواية والسبب في ذلك أن القصة فنّ التكثيف والحساسيّة العاليّة وهي مهارات لا تتوفر لكلّ كاتب، وكذلك فإنّ القصة حتى في شكلها الكلاسيكي فنّ صعب لأنها تتعامل مع لحظة إنسانيّة واحدة منذ البداية حتى النهاية"، موضحا أن القصة القصيرة تمثّل تحديا للكاتب في إطار حدودها الضيقة ليصنع منها عوالمه وشخصياته بأبعاد الفيزياء المعاصرة محققا الاندهاش والتأمل والجماليّة معا. من جهتها أشارت سعاد العريمي إلى أنّ معظم مؤلفي القصة القصيرة في دولة الإمارات من النساء، والإشكالية في البداية على مستوى الإمارات كانت في مسألة التدوين، إذ لم يكن بشكل مناسب، وقالت "إن القصة الإماراتية بدأت منذ فترة طويلة وكنّا نسميها الحكاية". وأضافت "لكلّ زمن حيثيات معينة وعوامل تؤثر في النوع الأدبي، فعلى سبيل المثال ما زاد انتشار الرواية هو الجوائز الضخمة التي تحدّت الكاتب لإظهار أجمل ما لديه، وهنا خفتت القصة القصيرة شيئا ما".
مشاركة :