ضمن مبادرة «يوم الوفاء» الذي أطلقته الدكتورة سعاد الصباح في منتصف تسعينيات القرن الماضي، وشملت مسيرته العديد من الأقطار العربية لتكريم روادها الأحياء، وصل قطار المبادرة الفريدة من نوعها إلى العاصمة الجزائر، لتكريم منارة من منارات الإبداع العربي وهي الكاتبة والمبدعة، وأول وزيرة في تاريخ الحكومة الجزائرية، وأول جزائرية تكتب الرواية، وأول برلمانية تفوز في أول برلمان منتخب، وهي الدكتورة زهور ونيسي.وقالت الدكتورة سعاد الصباح في تقديمها للكتاب الاحتفائي «اصطفينا من زهور الجزائر، جزائر النضال والشهادة والفكر، اصطفينا زهور ونيسي بكل ما تحمله من رمزية فكرية أدبية وعلمية، وأسبقية في جوانب كثيرة كان لها فيها الصعود في سلم الجمال والجلال، إذ كانت المبادِرة الشجاعة في ظل محاولات تبحث عن نفسها؛ ومبادرات خجولة هنا وهناك قامت بخطوة إلى الأمام وبخطوتين للوراء... وهو ما رسّخ فكرة (النموذج النسائي الضحيّة)... من قبل نفس ذكوري تسلّطي يكبح ظاهرة (المعركة الحقيقية من أجل العدالة)، ما حتّم توحيد الخطاب النسائي تحت راية واحدة بوصفه تعبيراً أساسياً عن إعطاء الحق لمستحقه».وأضافت: في جدلية صراع الزهور والأشواك جاءت الزهرة القسنطينية زهرة ونيسي، وهي تعلن الغضب وتصرّ على أن يتعاملوا معها كعقل يسكن أنثى، وهي القادمة من مدينة العطر والتاريخ.لقد كانت زهور - وستظل- خطوة استثنائية أعطت للأديبات دعماً معنوياً من خلال الاعتراف بدورهن على الساحة الثقافية وتحقيق التوازن بين ضفتي الغياب والحضور، ووقفت حائلاً دون اختيار الأديب للهجرة عن الوطن، حين يتحوّل فيها إلى مجرد صدى لفكر الغربة وبرد الاغتراب.يشار الى ان مبادرة الشاعرة العربية الكبيرة منذ أكثر من ثلاثة عقود ارتكزت على تكريمِ الرُّوادِ من المبدعين في الوطنِ العربيّ في حياتهم، وهم الذين أفنوا أعمارهم في العطاء والعلْم والإبداع، كلَمسةِ وفاءٍ تُزيلُ عنهم تَعْب سنين في السَّهر على إبداع كل ما يرتقي بالأمة ويمهد لأجيالها مستقبلاً مشرقًا.وشدّدت سعاد الصباح على اعتزازها بتكريمِ الدكتورة زهور ونيسي كقامةِ جزائرية وعربية سامقةِ، آملةً أن يُفضي هذا التكريم إلى التفات وطنِنا العربيِّ إلى أبنائه المبدعين، واحتضانِهم، والإفادةِ من إبداعاتِهم. وأشارت إلى أنها ترمي من خلالِ هذا التكريمِ، وما سبقه من مناسبات مماثلة، إلى الإقلاعِ عن عادتِنا العربيةِ الحزينة، في عدم تكريمِ المبدعين إلّا بعد وفاتِهم.فهل أجملُ وأبهى من تكريمِهم في حياتِهم، وإشعارِهم بتقديرِنا واعتزازِنا بما بذلوه من جهد، وما قدَّمُوهُ من عطاء سيبقى منارة للأجيال؟جدير بالذكر أن الحفل يُقام للدكتورة ونيسي مساء اليوم، بحضور مثقفين ومسؤولين وأصدقاء المحتفى بها، وعدد من أصدقاء الدكتورة، وحشد من الأدباء والنقاد والأكاديميين والديبلوماسيين وأقطاب الثقافة، للحديث عن مسيرتها، وذلك لنَسْج أكليل وفاء يزين رأس هذه الرائدة الكبيرة في مجالات خلاقة عديدة.وجرياً على عادة سعاد الصباح للثقافة والإبداع في الاحتفال بالمكرمين في مبادرتها (يوم الوفاء)، سيترافق حفل التكريم بإصدار كتاب عنها وعن إنجازاتها، يحمل شهادات الأصدقاء والمُقرَّبين إضافة إلى دراسات نقدية تُقارب عالمها الإبداعي من خلال مؤلفاتها العديدة في مجالي الرواية والقصة القصيرة.
مشاركة :