تحليل إخباري: إسرائيل تستهدف خنق غزة في توغلها البري المعقد داخل قطاع غزة

  • 11/9/2023
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يجمع مراقبون فلسطينيون على وصف عملية التوغل البري التي أطلقها الجيش الإسرائيلي منذ أسبوع داخل قطاع غزة بالمعقدة لاسيما جهة هدفها المعلن بالقضاء على حركة حماس. ومع دخول الحرب على غزة شهرها الثاني، يواصل الجيش الإسرائيلي بتعزيزات عسكرية واسعة، الاشتباك الميداني مع مقاتلي حماس وفصائل أخرى في عدة محاور في مدينة غزة وشمالها. ويبرز المراقبون في تحليل مسار التوغل البري حتى الآن، تقدم الجيش الإسرائيلي في مناطق غزة المفتوحة وتجنب حتى الآن القتال المباشر مع المسلحين الفلسطينيين في عمق المناطق السكنية. وفرض الجيش بموجب تقدمه البري حصارا خانقا على مدينة غزة في حركة أشبه بالكماشة وفصل المناطق الشمالية عن وسط وجنوب القطاع بالتزامن مع تبني نهج الأرض المحروقة باستخدام الهجمات المكثفة. وبدأ الجيش الإسرائيلي أول توغلاته على أطراف قطاع غزة ليلة 27 من الشهر الماضي وذلك بعد ثلاثة أسابيع من القصف العنيف تلاه بعد يومين إعلان بدء التوغل واسع النطاق. وأعلنت إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي حالة الحرب لأول مرة منذ 50 عاما، ردا على هجوم غير مسبوق شنته حماس على بلدات إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة، قتل فيه 1400 إسرائيلي. أهداف متغيرة وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الأهداف الرئيسة لحرب غزة هي القضاء على حركة حماس، وإنهاء التهديد الأمني القادم من غزة، وأن تكون هناك حرية لعمل الجيش في القطاع ما بعد الحرب. ويرى المحلل الفلسطيني أشرف العجرمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن التوغل الإسرائيلي ركز على تقسيم قطاع غزة بخط عرضي يفصل مدينة غزة وشمالها بشكل كامل عن وسط وجنوب القطاع. ويوضح العجرمي أن إسرائيل تريد من خطتها السيطرة برياً على المنطقة الأهم من الناحية العسكرية وهي نفس المنطقة التي طالبت إسرائيل سكان غزة بإخلائها والتوجه جنوباً. ويشير إلى أن خطة إسرائيل تستهدف التقدم التدريجي عبر السيطرة على منطقة بالكامل وتمشيطها ثم التقدم إلى منطقة أخرى، على أمل تحقيق الهدف الأكبر باحتلال المتدرج للقطاع. وهو يؤكد أن تحقيق أهداف إسرائيل يتوقف على أداء الفصائل الفلسطينية على الأرض، وهل ستسمح للقوات المتوغلة بالتقدم ومدى الخسائر التي تلحق بها وهل تستطيع إسرائيل تحمل الثمن. وتريد إسرائيل من توغلها البري إلى جانب هدف القضاء على حماس وقتل قادتها كما تهدد، تحرير أكثر من 240 شخصا بينهم أجانب احتجزتهم حماس خلال هجومها في جنوب إسرائيل. لكن مراقبين يدفعون بأن هدف تحرير الرهائن في غاية التعقيد في ظل توقعات توزيعهم في أكثر من مكان وصعوبة الوصول إليهم عسكرياً وتحريرهم بالقوة عدا عن المخاطر عليهم في الهجمات الجوية. وأعلنت حماس بالفعل عن مقتل نحو 60 من الرهائن الأجانب في الغارات الإسرائيلية. وتشترط حماس إبرام صفقة تبادل للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لاسيما العسكريين عبر الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين لدى إسرائيل ويقدر عددهم حاليا بأكثر من 8 آلاف. إفقاد حماس نقطة ارتكازها منذ صيف العام 2007 سيطرت حركة حماس على قطاع غزة بالقوة بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية. وعلى مدار الأعوام منذ ذلك التاريخ عملت حماس على مراكمة القوة لديها ورفع سقف التحدي في وجه إسرائيل التي في المقابل حاصرت القطاع طوال 17 عاما وشنت 4 حروب عليه وخاضت عشرات جولات التصعيد. إلا أن التكلفة الكبيرة لهجوم حماس في 7 أكتوبر، وما تضمنه من متغيرات استراتيجية في قتال الحركة، تبنت إسرائيل قرارا بضرورة تغيير النسق الذي كان يحكم العلاقة مع حماس بشكل جذري مهما تكلف الأمر. ويقول الأكاديمي السياسي علي الجرباوي لـ((شينخوا)) إن إسرائيل قررت إفقاد حماس نقطة ارتكازها، وحرمانها من استمرار السيطرة على غزة المنطقة المحاذية لها. ويضيف أن إسرائيل تسعى لتدمير القدرة والإمكانية القتالية لحماس عبر القضاء على بنيتها التحتية، وإنهاء حكمها للقطاع، ما يعني إنهاء وجود الحركة ككيان ذو إمكانيات قتالية متطورة. ليس هذا وحسب، بل أن الجرباوي يتوقع أن تعمل إسرائيل حال إسقاط حماس في غزة أن تنتقل مباشرة لملاحقة القيادة السياسية للحركة في الخارج بما في ذلك شن هجوم مركز على البلدان التي للحركة تواجد قيادي فيها، بهدف طردهم منها. لكن هل تنجح إسرائيل في ذلك؟ يؤكد الجرباوي أن الجواب ما زال برسم الإجابة، إذ إن حرب غزة متوقع أن تمتد لفترة طويلة ونهايتها تبقى مفتوحة لاسيما في ظل تعقد ظروف القتال الميداني. اتهامات بالانتقام الجماعي تصاعدت اتهامات لإسرائيل بممارسة الانتقام الجماعي بحق سكان غزة عبر الاستهداف المكثف للمدنيين وتركهم في قلب الحرب لاسيما عقب بدء التوغل البري وما رافقه من عمليات تدمير وغارات واسعة النطاق. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية تجاوز عدد القتلى الفلسطينيين في غزة 10500 قتيلا جراء هجمات إسرائيل المتواصلة على القطاع بينهم أكثر من 7 آلاف أطفال ونساء. وصرح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأن إسرائيل قصفت غزة بأكثر من 30 ألف طن من المتفجرات ودمرت 40 ألف وحدة سكنية بالكامل بينما تضررت 222 ألف وحدة سكنية. ويقول مدير مركز مسارات للأبحاث والدراسات هاني المصري لـ((شينخوا)) إن إسرائيل تزيد الضغوط الشاملة على حماس بما في ذلك تصعيد استهداف السكان والقصف والتدمير الواسع النطاق. ويشير المصري إلى أن إسرائيل ما تزال ترفض أي وقف لإطلاق النار حتى تحت مسمى تهدئة إنسانية لأنها لا تريد إعطاء حماس وباقي الفصائل الفلسطينية أي فرصة لالتقاط الأنفاس. لكنه يقدر بأن إنجازات الجيش الإسرائيلي ما تزال محدودة في معظمها وتوغلها البري داخل قطاع غزة صغير المساحة أصلا (لا يتجاوز 365 كيلو مترا) محدود واقتصر على حصار مدينة غزة وشمالها. ويشدد المصري على أن التناقض يتزايد بين قصر فترة الحرب - ما سيعني بقاء حماس وفشل هدف القضاء عليها - وبين طول فترة الحرب وهو أمر محل جدل كبير في ظل ما تتكبده إسرائيل من خسائر عسكرية واقتصادية وضغوط الرأي العام الدولي عليها.■

مشاركة :