جمع عدد من العلماء والمعجميّين على أن المعجم التاريخي للغة العربية، الذي صدر بإشراف مجمع اللغة العربية في الشارقة، سيكون بدايةً للمزيد من العمل والبحث، حيث يمكن للباحثين الاعتماد عليه كمادة لغوية خصبة لاستخراج عدة معاجم مثل «معجم المصطلحات وشواهدها» و«معجم المتلازمات وشواهدها».. وغيرهما من المعاجم الفرعية التي تخدم العلماء والمتخصّصين. جاء ذلك في ندوة نظمها «مجلس اللغة العربية في دبي بعنوان «ماذا بعد إنجاز المعجم التاريخي.. طرق الاستفادة والتوظيف»، شارك فيها الدكتور امحمد صافي المستغانمي الأمين العامّ لمجمع اللغة العربية في الشارقة، والدكتور إيميل يعقوب الأستاذ الجامعي خبير المعجميّات من لبنان، والدكتور محمد بكري الحاج رئيس مجمع اللّغة العربية في السودان، وأدارت الندوة الأستاذة رشا أبوجهين مسؤول مركز اللسان العربي بمجمع اللغة العربية بالشارقة. معاجم فرعية وقال الدكتور المستغانمي إن «المعجم التاريخي للغة العربية يؤرخ لكل ألفاظ اللغة العربية، قد تسقط كلمات ومداخل وبعض الجذور، ولكن بشكل عامّ هو معجم موسوعي شامل يعنى بتاريخ الكلمات في اللغة، وفيما لا تتبع القواميس الأخرى منهجًا معينًا، وضع علماء اتحاد المجامع اللغوية منهجًا محددًا لمعجم هو ترتيب الأفعال والأسماء في الجذر الواحد». وأوضح أن «المعاجم الأخرى لم تهتمّ متى كتب الفعل، وسياقه، ومن نطق به، وفي أي عصر ورد، وهل استمرّ في العصور التالية أم لا؟ أما المعجم التاريخي للغة العربية فيتتبع اللفظ في عصور ما قبل الإسلام، والإسلام، والأموي، وعصر الدول والإمارات، والعصر الحديث، ويتتبع تطوره عبر العصور». وأكد الدكتور المستغانمي أن التحديات كانت كثيرة وأهمها التمويل، وشدد على الدور الرئيسي للشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي كان يحلم منذ وقت مبكر بإصدار المعجم، وقام بتمويله ورعايته ومتابعته حتى صدر. وأشار إلى أن «المعجم ساهم في إعداده 500 أكاديميٍّ من 27 دولة، و16 مجمعًا، ومئات من المحرّرين والخبراء والمقرّرين، انصبّت جهودهم في الشارقة، حيث تمّت المراجعة اللغوية والتدقيق اللغوي والطباعة». وأوضح أن المعجم ـ الذي يتكون من 120 مجلدًا ـ يشكّل مادّة لغويّة خصبة يمكن للباحثين الاستفادة منها في استخراج عدّة معاجم مثل «معجم المصطلحات وشواهدها» و«معجم المتلازمات وشواهدها».. وغيرهما من المعاجم الفرعية التي تخدم العلماء والمتخصّصين. 10 مزايا للمعجم التاريخي بدوره حدّد الدكتور إيميل يعقوب 10 مزايا للمعجم التاريخي للغة العربية، قائلًا إن «المعجم تميّز بسرعة الإنجاز التي لم يُسبق إليها، وتفرّد بمفهوم جديد للمعجم التاريخي، وكان الأصحّ تقسيمًا للعصور اللغوية، في تتبّعه لمصدر الكلمة عبر التاريخ، والأفضل ترتيبًا في مشتقات الجذور، والأصحّ منهجًا في إثبات الأسماء المشتقّة القياسيّة، والأفضل فهمًا للمعجم التاريخي، والأوسع تناولًا للمصطلحات، والأكثر استقصاءً لمداخل الجذور، والأكثر حجمًا وثروة وغنى». تحديات مختلفة من جانبه، أكّد الدكتور محمد بكري الحاج أن المعجم لم يعتمد على النقل من المعاجم الأخرى، واستعرض بعض التحدّيات التي واجهت المشروع وأكبرها التمويل، قائلًا إن «مشروع المعجم توقف عام 2008 عندما كان تحت إشراف المجامع اللغوية العربية، ولكن الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة قرّر عام 2017 أن يتصدّى لهذا العمل إنفاقًا وتمويلًا وإشرافًا ومتابعة حتى صدر. إضافة إلى تحديات أخرى مثل استقرار المنهج الذي لم يتحقق إلا عام 2018، حيث تمّ تدريب الباحثين والكادر الفني، وتأهيل فريق موزع على 13 مجمّعًا ومركزًا بحثيًّا في العالم العربي». استثمار المعجم وتوظيفه أوضح الدكتور الحاج أنه قدّم 7 أبحاث حول استثمار المعجم التاريخي، ركّز فيها على المنهجية والشواهد وتحليل النص والخطاب، وحدد مجالات الاستفادة منه قائلًا: «يمكن توظيف المعجم التاريخي للغة العربية في مجالات مختلفة مثل الدلالة، وعلم الاجتماع، وهو جانب كبير يمكن أن يعمل عليه الباحثون بدءًا من عصر الإسلام وما بعده، لمعرفة ثقافة اللغة»
مشاركة :