ما مشكلة الصين الحقيقية مع أمريكا؟ «1 من 2»

  • 11/10/2023
  • 22:30
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بدلا من عد مزيد من التجارة الدولية أمرا مفيدا على الدوام للعمال الأمريكيين والأمن القومي، تريد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الاستثمار في القدرة الصناعية المحلية وتعزيز علاقات سلاسل التوريد مع الدول الصديقة. لكن بقدر ما تلقى إعادة صياغة الأمر على هذا النحو من الترحيب، فإن السياسة الجديدة قد لا تكون بعيدة المدى بالقدر الكافي، خاصة عندما يتعلق الأمر بمعالجة المشكلة التي تفرضها الصين. كان الوضع الراهن خلال العقود الثمانية الأخيرة أشبه بحالة من الفصام. ففي حين انتهجت الولايات المتحدة سياسة خارجية عدوانية ـ وهازئة أحيانا ـ تتمحور حول دعم الطغاة وفي بعض الأحيان تدبير انقلابات مستلهمة من فكر وكالة الاستخبارات المركزية، إلا أنها احتضنت أيضا العولمة، والتجارة الدولية، والتكامل الاقتصادي باسم تحقيق الرخاء وجعل العالم مكانا أكثر مراعاة لمصالح الولايات المتحدة. الآن وقد انهار هذا الوضع الراهن فعليا، يتعين على صناع السياسات العمل على إعادة صياغة بديل متماسك. لتحقيق هذه الغاية، من الممكن أن يساعد منطلقان جديدان على تشكيل القاعدة التي تقوم عليها السياسة الأمريكية. أولا، يجب أن تكون التجارة الدولية منظمة على النحو الذي يشجع قيام نظام عالمي مستقر. إذ أفضى توسع التجارة إلى وضع مزيد من الأموال في أيدي متطرفين دينيين أو رجعيين سلطويين، فستكون النتيجة تهديد الاستقرار العالمي وضرب المصالح الأمريكية. على حد تعبير الرئيس فرانكلين ديلانو روزفلت في 1936، فإن "الاستبداد في الشؤون العالمية يعرض السلام للخطر". ثانيا، لم يعد الاحتكام إلى "مكاسب التجارة" كافيا. إذ يحتاج العمال الأمريكيون إلى معاينة الفوائد. وأي ترتيب تجاري يعمل على تقويض جودة وكم الوظائف المتاحة لأبناء الطبقة المتوسطة في أمريكا يعود بالضرر على البلد وشعبها، ومن المرجح أن يستحث ردة فعل سياسية معاكسة. شهد التاريخ أمثلة مهمة على التوسع التجاري الذي نجح في جلب علاقات دولية سلمية ورخاء مشترك. من الأمثلة الواضحة على ذلك التقدم المحرز منذ انطلاق التعاون الاقتصادي الفرنسي - الألماني بعد نهاية الحرب العالمية الثانية إلى السوق الأوروبية المشتركة إلى الاتحاد الأوروبي. فبعد خوض حروب دموية لعشرات الأعوام، تمتعت أوروبا بثمانية عقود من السلام والرخاء المتزايد، التي تخللتها بعض العثرات. نتيجة لهذا، أصبح العمال الأوروبيون في حال أفضل كثيرا. مع ذلك، كان لدى الولايات المتحدة سبب مختلف لتبني شعار "مزيد من التجارة دائما" أثناء وبعد الحرب الباردة، وهو على وجه التحديد ضمان أرباح سهلة لمصلحة الشركات الأمريكية، التي جمعت المال من خلال المراجحة الضريبية ونقل بعض أجزاء من سلاسل إنتاجها إلى الخارج في دول تعرض عمالة منخفضة التكلفة. قد يبدو استغلال مجمعات العمالة الرخيصة متسقا مع "قانون الميزة النسبية" الشهير الذي وضعه رجل الاقتصاد ديفيد ريكاردو في القرن الـ19، الذي يوضح أن تخصص كل بلد فيما يجيد صنعه من شأنه أن يجعل الجميع في حال أفضل، في المتوسط. لكن المشكلات تنشأ عندما تطبق هذه النظرية على نحو عشوائي في العالم الحقيقي. أجل، نظرا إلى انخفاض تكاليف العمالة الصينية، ينبئنا قانون ريكاردو بأن الصين ينبغي لها أن تتخصص في إنتاج السلع التي تتطلب عمالة كثيفة وأن تصدرها إلى الولايات المتحدة. ولكن يظل لزاما علينا أن نسأل من أين تأتي هذه الميزة النسبية؟ ومن يستفيد منها؟ وماذا تحمل لنا مثل هذه الترتيبات التجارية في المستقبل؟ تتعلق الإجابة في كل حالة بالمؤسسات. من يتمتع بحقوق ملكية مضمونة والحماية أمام القانون، ومن يمكن أو لا يمكن انتهاك حقوقه الإنسانية؟ ..يتبع خاص بـ"الاقتصادية" بروجيكت سنديكيت، 2023.

مشاركة :