الإجراءات التي اتخذتها وزارة الصحة في مكافحة فيروس كورونا كان لها دور فعال في مواجهة المشكلة. يأتي على رأسها تكوين فرق عمل سميت «منصات». إحدى عشرة منصة لكل منها دور مرسوم تؤديه وتحاسب عليه، وتنتظم جميعها تحت قيادة موحدة. توزيع المسؤوليات وتحديدها والمحاسبة على نتائجها طريقة مثلى للتصدي لأي مشكلة صحية وغير صحية. علنا نتخذ هذا النمط من الإدارة ونحن نتصدى لإعادة هيكلة وزارة الصحة. أتطلع إلى اليوم الذي يأتي بحيث تناط مسؤولية الإدارة إلى مديري مناطق الشؤون الصحية، يعطون صلاحيات واسعة وإمكانات مالية وإدارية تناسب الصلاحيات ويطلب منهم أن يقوموا بتطوير الوضع الصحي كل في منطقته بدون حاجة إلى الرجوع إلى الوزارة إلا في ما يمس الأمن الصحي الوطني. وهم بدورهم يعطون صلاحيات واسعة للمستشفيات والمراكز الصحية كل في منطقته. وينشط أفراد المجتمع بحيث يكون لهم دور في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم للرعاية الصحية بكل وجوهها. ومن ثم تتفرغ الوزارة للتخطيط والمتابعة والتقييم والمحاسبة. تكافئ من أحسن وتسائل من قصر أو أساء. هذا النمط من الإدارة أمر متعارف عليه في الدول المتقدمة اقتصاديا وصناعيا، وليس هناك ما يمنع من تطبيقه في بلادنا وقد أنعم الله علينا أولا بالتوجه السليم لدى ولاة الأمر في كل ما له علاقة بالرعاية الصحية، وثانيا بالموارد المالية والبشرية الثرة التي يتمتع بها القطاع الصحي. هذا الاتجاه يحتاج تطبيقه إلى تخطيط سليم يشمل أولا وقبل كل شيء تحديد الأهداف ثم الإعداد الجيد للقيادات الصحية، بحيث يختار الرجل (والمرأة) المناسب للمكان المناسب، ووضع معايير للعمل قابلة للقياس ومرتبطة بجداول زمنية محددة. أملنا كبير في قائد المسيرة الصحية المهندس عادل فقيه، الذي أتى إلى الوزارة من القطاع الخاص، أن يضع هذا النموذج من الإدارة الصحية أمام عينيه. ذلك بعد أن وضع إحدى عشرة منصة أولاها مسؤولية مكافحة كورونا وحدد لها مسؤولياتها وأعطاها صلاحياتها وتابعها عن قرب. سأتحدث في الحلقة القادمة عن الدرس الثاني الذي تعلمناه من مشكلة كورونا. ألا وهو الاهتمام بالوقاية من الأمراض قبل حدوثها. وإعطائها حقها من الجهد والمال والوقت.
مشاركة :