الولايات المتحدة تتبنى الخدمات المصرفية المفتوحة كلياً

  • 11/12/2023
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

هل أنت مستعد لمشاركة كافة بياناتك المالية على الإنترنت؟ يُطلق على هذا الأمر «الخدمات المصرفية المفتوحة»، وقد اتخذت خطوة كبيرة للأمام في هذا الاتجاه بأكبر أسواق العالم، فقد أعلنت جهات تنظيمية أمريكية عن تدابير تتيح مشاركة البيانات المالية للعملاء بسهولة، ويأتي ذلك بعد إصلاحات مشابهة في أوروبا وأستراليا، سهّلت الانتقال بين الحسابات المصرفية، والاشتراك في مجموعة واسعة من المنتجات المالية. وقال فيليب بنتون، المحلل لدى مجموعة «أومديا» للبحوث التكنولوجية والخبير في الصيرفة الرقمية، إن المصارف «تعرف كيف استخدمت بطاقتك في كل مرة، وترى أنك استقللت القطار، وأنك ذهبت لاحتساء قهوتك، وأنك تنفق أموالك في ذلك المكان». ويتيح مكتب الحماية المالية للمستهلكين «سي إف بي بي» في الولايات المتحدة تحقيق ذلك بموجب قاعدة جديدة لحقوق البيانات المالية الشخصية، والتي ستضمن للمرة الأولى، للأمريكيين، الوصول إلى بياناتهم التي تحتفظ بها المصارف أو أي مقدم آخر للخدمات دون دفع رسوم. ولهذا، سيكون المستهلكون قادرين على مشاركة هذه البيانات مع أطراف ثالثة، وستكون هذه الأطراف خاضعة لحدود تتعلق بكيفية استخدامها لهذه البيانات، وبمقدور المستهلكين إلغاء الوصول للبيانات في أي وقت. وصرح روهيت تشوبرا، مدير مكتب الحماية المالية للمستهلكين: «مع وجود الحماية المناسبة للمستهلكين، يمكن حينئذ للتحوّل نحو صيرفة مفتوحة ولامركزية، تحفيز المنافسة بقوة، وتحسين المنتجات المالية والخدمات، ووضع حد للرسوم الخفية». ويُعد الحق في التحكم ببياناتك سبباً وراء إمكانية تغيير المصارف في المملكة المتحدة على نحو أسهل من الولايات المتحدة. وفي هذا الشأن، أوضح جون بيتس، المدير العالمي للسياسات لدى «بلايد» الأمريكية للتكنولوجيا المالية والمسؤول السابق لدى مكتب الحماية المالية للمستهلكين: «ملكية الحساب المصرفي مزعجة للغاية في الولايات المتحدة، حيث يُعد الوصول إلى تسوية طلاق أسهل من تغيير الحسابات المصرفية». ويرى بيتس أن سهولة نقل البيانات الشخصية ستتيح للمستهلكين أيضاً انتقاء واختيار «منتجات مختلفة إما لا يوفرها المصرف الخاص بهم أو يقدمها لكن يتيح مصرف آخر نسخة منها تناسب احتياجاتهم على نحو أفضل» وسيكون العميل قادراً على استخدام هذه المنتجات الأكثر مناسبة دون التخلي عن المصرف الأساسي الذي يتعامل معه. لقد خرجت الخدمات المصرفية المفتوحة للنور كمبادرة حكومية من المملكة المتحدة في 2018، وكانت جزءاً من جهود على مستوى القارة الأوروبية لتحفيز المنافسة والابتكار، وكسر التحكم الخانق لمقدمي خدمات قديمة في المعاملات المالية الشخصية. وتم إجبار أكبر المصارف البريطانية على مشاركة بيانات عملائها مع أطراف ثالثة، مثل شركات التكنولوجيا المالية، للمرة الأولى بموجب تخويل من هؤلاء العملاء وتتباين النتائج بعد مرور 5 سنوات على التطبيق. ويعتبر دانييل جونز، الشريك لدى «أوريك» للمحاماة والمتخصص في التكنولوجيا والتمويل، أن التقدم في تحقيق أهداف «توجيه خدمات الدفع الأوروبية 2» الذي طبّق الصيرفة المفتوحة، كان «متفاوتاً». وأشار جونز إلى أن الإصلاحات في المملكة المتحدة لم يكن لها تأثير سوى على الحسابات المصرفية وبطاقات الائتمان، مضيفاً إنه «لم ينفتح بعد المجال أمام الإمكانيات الحقيقية، وهي القدرة على مقارنة أشياء مثل الرهن العقاري والمعاشات التقاعدية»؛ ولذا، فإن الأنظار منصبة على ما يجري بالولايات المتحدة. ورغم الاستخدام الشائع بالفعل لتطبيقات التكنولوجيا المالية التي تستخدم بيانات عملاء من شركات مالية أخرى، لكن هذه المعلومات غالباً ما تُجمع من خلال عمليات استخلاص للبيانات، عن طريق عمليات نسخ تجريها روبوتات من موقع إلكتروني ما باستخدام تفاصيل تسجيل الدخول للعميل. ويمكن لذلك أن يكون غير موثوق وأن ينطوي على مخاطر، تتضمن حول الطرف الثالث على بيانات أكثر من اللازم. وفي الولايات المتحدة، ستتطلب القواعد الجديدة للخدمات المصرفية المفتوحة توفير المصارف واجهات برمجة للتطبيقات، مثلها مثل المملكة المتحدة، بهدف تسهيل مشاركة البيانات. وأعلن مكتب الحماية المالية للمستهلكين أن قواعده ستتطلب من مقدمي البيانات إنشاء وصيانة واجهة مطور للأطراف الثالثة تمكّنهم من الوصول للبيانات التي يصرّح بها العملاء. وفي المملكة المتحدة، وقعت التكلفة الهائلة لتطبيق التغييرات التكنولوجية حصراً على عاتق المصارف الكبيرة، وليس على شركات التكنولوجيا المالية التي استفادت من الوصول إلى شبكاتها ما أسفر عن تعارض. وقال دانييل جونز: «أنا على دراية بأن هناك بعض المصارف التي تتلقى ودائع هائلة قد أنفقت أكثر من نصف مليار إسترليني على تطبيق التغييرات». ورغم قدرة مؤسسات وول ستريت على تحمل التكاليف، لكن تكمن المشكلة بالولايات المتحدة في أن الآلاف من مقدمي الخدمات الصغار والمتوسطين للخدمات قد يواجهون صعوبات في ذلك. وأشار مكتب الحماية المالية للمستهلك إلى أنه يوجد أكثر من 9,000 مصرف واتحاد تأميني في البلاد، غالبيتها تعمل كمقدمي بيانات، وكذلك كثير من المؤسسات المالية غير الإيداعية. ومن المُرجح أن يكون عمل كافة هذه المؤسسات المالية بسلاسة مع بعضها بعضاً أمراً شاقاً للغاية. وسلّطت نشرة لشركة «برين فود» للتكنولوجيا المالية، يكتبها المعلق سايمون تايلور، الضوء على عدم إتاحة مكتب الحماية المالية للمستهلك الفرصة للمصارف لتقاضي رسوم لقاء الوصول إلى واجهات برمجة التطبيقات معتبراً أن ذلك من شأنه ترسيخ التصور بأن الخدمات المصرفية المفتوحة لن تعود بأي نفع على المصارف القائمة، بل لا تحوي في طياتها إلا جوانب سلبية لها. واقترح تايلور شكلاً من أشكال تقاسم الإيرادات، تحصل المصارف بموجبه على رسوم ضئيلة لقاء المعاملات عند استخدام العملاء للخدمات المصرفية المفتوحة عن طريق أطراف ثالثة ومع ذلك، رحبت جمعية العاملين بالخدمات المصرفية للأفراد بالقواعد الجديدة، التي تسعى أيضاً لتنظيم شركات التكنولوجيا المالية. وقالت الجمعية: «لا تقع كثير من هذه الكيانات التي تجمع وتخزن وتبيع معلومات المستهلكين تحت طائلة معايير أمن وخصوصية البيانات الصارمة عينها التي تخضع لها المؤسسات المالية المتمتعة بتنظيم وإشراف جيدين». علاوة على ذلك من شأن التغييرات التنظيمية تقريب الولايات المتحدة من النطاق الأوسع للخدمات المصرفية المفتوحة عبر إتاحة أوجه الحياة المالية، التي تتراوح بين حساب الإيداع والمعاش التقاعدي والرهن العقاري والتأمين ومحفظة الأسهم، في مكان واحد يمكن الوصول إليه على الفور مع إمكانية نقلها بسهولة أيضاً إلى مقدمين مختلفين. وأشار بنتون، المحلل لدى «أومديا»، إلى أن أستراليا بدأت بهذه الفكرة، وهي إرساء قاعدة بيانات مفتوحة من شأنها التوسع لتشمل كل شيء لكن تبقى هناك حواجز شديدة في مواجهة التمويل المفتوح الكامل ،الأول، على حد قول جونز هو مشكلة كبيرة في الثقة بين المصارف التقليدية والأطراف الثالثة. ولفت جونز إلى أن هناك في هذا السياق سؤالاً لم يُتوصل إلى إجابة عنه، وهو على من تقع المسؤولية في حال الاحتيال أو فقدان البيانات؟ وذكر أن هناك حاجة إما لتشريع واضح أو «تطبيق فائق القدرات». وفي استطلاع أجرته «أومديا» عن الصيرفة المفتوحة، كانت الأولوية القصوى لدى المصارف هي الأمن الرقمي والحماية من الاحتيال. ويتفق جون بيتس مع الأهمية الكبيرة للسؤال المتعلق بالثقة. وأردف: «عندما أفكر في المصرف، فالصورة التي تتبادر إلى ذهني هي لقبو، لأن القبو يحمل في طياته ثقة على نحو عميق». تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز كلمات دالة: FT Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :