تعتبر الشركات العائلية العمود الفقري والقوة الدافعة في العديد من الاقتصاديات إن لم يكن أغلبها، ونظرا لطبيعة الشركات العائلية؛ فإنها تواجه العديد من التحديات التي تفوق ما تواجهه نظيراتها من الشركات. وعليه فإن خاصية الشركات العائلية والدور الذي يقوم به أفراد العائلة في أداء مهام في الشركة هي الفارق الأساسي بين الشركات العائلية ومثيلاتها من الشركات، ولهذا فإن للعائلة دورا مهما في تماسك واستمرارية الشركة. إن الشركات العائلية هي شركة مملوكة بصفة أساسية لأفراد ينتمون إلى عائلة واحدة ويقومون في إدارتها من أجل تحقيق منافع حالية ومستقبلية وذلك لمصلحة أعضاء هذه العائلية ومربط الفرس حينما نقول الأهداف المستقبلية، حيث إن أغلب الدراسات تشير إلى أن الشركات العائلية لا تستمر كثيرا إلا ما ندر منها بسبب تعاقب الأجيال واختلاف وجهات نظرهم وتنافسهم على المناصب القيادية والصراعات على الحصص في الشركة والقرارات التي قد تكون مصيرية للشركة. ولو وضعنا الضوء على نقطة مهمة بأن الشركات العائلية يهيمن عليها البعد العاطفي وهذه إشكالية، حيث إن لم يسد البعد العقلاني فإن الشركة ستواجه أزمة شديدة في إدارة وتعاقب الأجيال إذا لم يتم التخطيط لها بشكل عقلاني ومناسب للجميع. أمر آخر أود الإشارة إليه إذا كانت الأجيال المتعاقبة يخيم عليها الأفكار السلبية من سوء ظن وتغليب المصلحة الشخصية ونحوه فإنهم سيعشون في بيئة عمل داخل الشركة العائلية يغلب عليها طابع الصراع والتوتر، أما إذا كانت مشاعر أفراد العائلة مبنية على الاتزان والإيجابية والعقلانية فإن النتيجة ستكون وجود مناخ داخلي يكون سببا قويا في استمرارية الشركة. إن بعض الشركات العائلية وهي القلة تطول في البقاء في السوق ويستمر بقاؤها عادة على مدار أجيال وعادة ما تتمتع هذه الشركات بسمعة طيبة لدى عملائها نتيجة لجودة خدماتها وتتصف أيضا بقدرتها على التخطيط لاستمراريتها لفترات طويلة – ومن وجهة نظري – أن مثل هذه الشركات لا تخضع للضغوط الخاصة بضرورة تحقيق نموها السريع ولكنها تسعى إلى تحقيق النمو البطيء ولكن بمعدلات مطردة معتمدة في ذلك على سمعتها التي تتمتع بها في الأسواق وهنا نقرر أن النمو يأتي من داخل الشركة بالدرجة الأولى أكثر من اعتماده على العوامل الخارجية. وقد يكون في هذه الشركات أسلوب إيجابي مثل تبني المفاهيم التي تسهم في استدامتها وتسهيل عملية انتقال السلطة بين الأجيال وذلك يكون في تهيئة الجيل الجديد إلى تبني قيم القيادة وتدريبهم بصورة مستقلة ومستمرة ومكثفة حتى يكونوا على كفاءة عالية في القيادة والعقلانية والبحث عن مصلحة الشركة دون مصلحة الأفراد. والغرض من طرح مثل هذا الموضوع كثرة التساؤلات حوله ووقوع الاختلافات في أوساط الشركات العائلية، ولذلك جاء نظام الشركات الجديد والذي ينص في المادة الـ11 على إبرام ميثاق عائلي يتضمن تنظيم الملكية العائلية في الشركة وحوكمتها وإدارتها وسياسة توظيف أفراد العائلة وتوزيع الأرباح والتصرف في الحصص أو الأسهم وآلية تسوية المنازعات أو الخلافات وغيرها، ومثل هذه المواثيق هي في الأصل ليست ملزمة نظاما ولكن إذا تم صياغتها ضمن وثائق الشركة وتضمنت النظام الداخلي للشركة أو عقد التأسيس فإنها تكون ملزمة للجميع. إن أهمية كتابة الميثاق العائلي للشركات العائلية أمر لا مفر منه إذا كان الجميع يرغب وله قناعة تامة في المحافظة على الثروات العائلية وتحييد كل المصالح الشخصية، ومثل هذه المواثيق العائلية لا يصح أن يصيغها أفراد العائلة بل شخص متخصص في صياغة القانونية وبناء تشريع ونصوص حاكمة للحفاظ على استمرارية الشركة ووضع لجنة يكون فيها ذوو الجدارة والكفاءة العالية من أفراد العائلة يكون هدفها تطبيق الميثاق العائلي داخل الشركة. expert_55@
مشاركة :