الكاتب السوري زياد عبدالله يخوض رحلة غريبة في التراث العربي | | صحيفة العرب

  • 11/16/2023
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في كتاب “لا تقرأ هذا الكتاب إن لم تر من السماء إلا زرقتها – حكايات الغرناطي وعجائبيات القزويني” يأخذنا الروائي السوري زياد عبدالله في رحلة بديعة في عوالم القزويني والغرناطي، رحلة تتطلب الامتثال التام للمخيلة، واتباع خارطة عمادها العوالم والأمصار العجائبية، وفي مدنها وعلى تضاريسها اللامتناهية عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، كما لو أنه ابن القارح في رسالة أبي العلاء أو فيرجيليو في كوميديا دانتي الإلهية، أو أنه بإقدامه على ذلك يقدم دعوة مفتوحة ومترامية للقراء إلى خوض غمار تجربة قرائية فريدة وعجيبة وغريبة، قراء يرون في السماء أكثر من زرقتها ومن الأرض أكثر من غبرتها. رحلة بديعة في عوالم القزويني والغرناطي رحلة بديعة في عوالم القزويني والغرناطي وينطلق الكتاب من حوارية عصرية مع “التراثي” باعتباره دعوة متجددة للاكتشاف والمكاشفة، في سياق تأليفي تارة وتوليفي تارة أخرى، يستند فيه عبدالله على خلق حوارية آسرة مع صاحبي كتابي “تحفة الألباب ونخبة الإعجاب” و”عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات”، مستسلما لغواية التراث بنفس جديد، مسرنما بين الغرناطي والقزويني، فما إن يأخذه أبو حامد الغرناطي إلى دنيا حتى يطلب المزيد. يخبرنا عبدلله في مقدمة الكتاب “أمضي حيث تمضي مخيلته، تخلق عالما جديدا، ومخلوقات غرائبية، وأمكنة إن قادتك إليها خارطة، لما وجدت لها من أثر، وقد آمنت أن هذا صنيع بديع، عجيب، عذب، جميل، لو جسد على شاشة كبيرة أو صغيرة في زمننا هذا، لسلب الأفئدة والأبصار، ولجنبنا ضلالات عديمي الموهبة والخيال (…)، لا بل إن الكاميرون هذا الذي عرف بـجيمس كاميرون و’أفاتاره’ الأزرق لو تعرف على مخلوقات الغرناطي والقزويني لوجد لها كوكبا مثل ‘باندورا’ وصنع بدلا عن أفاتار أو أفاتارين عشرات الأفلام، ومنها ألوان وأشكال وأحجام عجيبات، برا وبحرا وجوا، فيها الخير والشرير، الجميل والقبيح، الهائل والضئيل، العملاق والمتقزم، الملائكي والمتشيطن”. يسمي أبو يحي زكريا القزويني الخيال بـ”صاحب البريد” وهو ما يقدم عليه زياد عبدالله هنا؛ كتاب يجمع العلمين المبدعين، يعقد قرانا بين مخيلتهما، يهتم بما هو أدبي وأسطوري وخيالي فيهما، ويشرح ذلك للقزويني قائلا “أنا لا أبحث عن توصيفاتك للأشهر والتقاويم والأفلاك والكواكب، ولا حتى قولك بكروية الأرض ونحو ذلك. أنت سابق لعصرك ولاحق لعصري في العلم، وسابق لعصري وعصرك في المخيلة، وفي هذا التوصيف الأخير ما يشمل الغرناطي، من دون أن أدخله في معترك العلوم، فهو لا ناقة له فيها ولا جمل، وأنا أبحث عن الخيال، عن الجمال. في هذا العصر تحديدا لن أكون بحاجة لمن يشرح لي الكسوف والخسوف ولا فضائل الأيام والأشهر والأبراج وخواصها، ولا الشهب والكواكب وتأثيرات القمر، فأنا لا أريدك عالم كونيات وجغرافيا، بل أديبا خياله حر، ووصفه بديع آسر”. في آخر الكتاب عمل زياد عبدالله على ثلاثة معاجم هي: معجم الأمكنة والتضاريس ومعجم الأعلام ومعجم المخلوقات العجيبة، واعتمد على مراجع عديدة أفضت إلى إضاءات وشروحات لكل ما يرد من أمكنة وأعلام لها أن تجد للخيالي موطئ قدم على أرض الواقع في الماضي والحاضر أو بما يزيد الخيالي خيالا، وبما يفضي إلى ما هو حكمة وتأمل واستعارات ومجازات… إنه في النهاية نثر عظيم. دعوة متجددة للاكتشاف والمكاشفة دعوة متجددة للاكتشاف والمكاشفة وقد صدر الكتاب حديثا عن محترف أوكسجين للنشر في أونتاريو، وهو الكتاب الأول من سلسلة “أوكلاسيك” التي أطلقها المحترف ضمن مشروع جديد في اتباع دائم وحر للاكتشاف وإعادة اكتشاف الكلاسيكيات، وليكون اسم السلسلة أول معبر لهويتها، وهو نتاج معادلة مفادها: أوكسجين مع كلاسيك يساوي أوكلاسيك. وسلسلة “أوكلاسيك” لا تمتثل للزمن وتقسيمه إلى ماض وحاضر ومستقبل، فهي وإن كانت تستمد كتبها من الماضي، فإنها تختبرها حاضرا ومستقبلا بانتقاء ما هو عصي على الزمن. كما لا تقتصر هذه السلسلة التي يصدرها محترف أوكسجين للنشر على ما كتب بلغات غير العربية، بل تشتبك وتتشابك وتتقاطع أيضا مع المنتج العربي الذي يعرف بـ “التراث”، والتأسيس من خلالها لسياق يدمج “التراثي” بالإنساني والعالمي والكوني، عبر استعادة إبداعاته أدبا وفكرا وخيالا بما يخلق حوارية عصرية معه، تتطلع إلى تجنيسه ونزع صفة “التراث” عنه والدلالات الأيديولوجية ومأزق الهوية والآخر، وبالتالي مقاربته بوصفه منتميا إلى الكلاسيك… إلى أوكلاسيك. ومن الجدير ذكره أن زياد عبدالله كاتب سوري. ومؤسس مجلة ومحترف أوكسجين. صدرت له العديد من الروايات نذكر منها: “سيرة بطل الأبطال بحيرة الانكشاري ومآثر أسياده العظام (1984 هـ)”، و”كلاب المناطق المحررة”، و”ديناميت”، و” بر دبي”. وله في القصة القصيرة: “سورية يا حبيبتي”، و”الوقائع العجيبة لصاحب الاسم المنقوص”. كما صدر له شعرا: “ملائكة الطرقات السريعة”، و”قبل الحبر بقليل”. ومن ترجماته “محترقا في الماء غارقا في اللهب – مختارات من قصائد تشارلز بوكوفسكي”، و”طرق الرؤية” لجون برجر، و”اليانصيب وقصص أخرى” لشيرلي جاكسون. وله أيضا كتاب مختارات من التراث العربي بعنوان “الإسلام والضحك – نواضر الخاطر في كل مستطرف باهر”.

مشاركة :