«الهدلق» تروي مآثر من حياة الشيخ «ابن جبرين»

  • 3/23/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تواصل سمية الوشَلي: قالت هدى الهدلق، أستاذ أصول الفقه بكلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إن الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين- رحمه الله- نشأ في بلدة الرين وكانت بعيدة عن العلم، لكن والده كان معروفًا بطلب العلم، وأجداده حتى جده الرابع. وأضافت الهدلق، أن والد الشيخ اهتم به خاصة لما رأى حبه للعلم، فكان يحضر دروس والده منذ صغره رغم أنه لم يكن يفهم منها إلا الشيء اليسير، واستمر والده يعلمه القرآن وكان يعلمه الجد فمنعه من شرب القهوة حتى لا يضيع وقته. وتابعت، أن الشيخ حفظ القرآن الكريم وأتم 12 جزءًا في الثانية عشر من عمره، وقرأ على والده الأربعين النووية وغيرها من الكتب مثل الأجرومية والرحبية في الفرائض، وتوقف عن طلب العلم عندما بلغ الثانية عشر من عمره. وأشارت إلى أن الأطفال في القرية كانوا يظنون أن الشيخ لا يلعب معهم؛ لأنه يخاف منهم فلما كبروا ورأوا مكانته وعلمه قالوا: تالله لقد آثرك الله علينا. وكشفت أنه عندما صار عمر الشيخ 17 عامًا، حضر إلى بلدهم الشيخ القاضي عبدالعزيز الشثري أبو حبيب فلما ذهب إليه الشيخ عبدالله سأله هل أتممت حفظ القرآن؟ قال لا، فقال الشثري ارجع فلا تأتني إلا بعد أن تتم حفظه فندم الشيخ على فوات 5 سنوات من عمره لم يطلب فيها العلم وعكف على حفظ الـ18 الجزء المتبقية في المسجد من الظهر إلى الليل، حتى أتمها في 6 أشهر، وكان يختمه كل ثلاث ليالي. وقالت، إن الشيخ الذي كان يقوم بدكان والده ويرعى الغنم، وترك بعد وفاته إرثًا كبيرًا منها 10 آلاف ساعة صوتية و240 كتابًا منها ما شرح 12 مرة، وكان من حبه للعلم لا يفوت درسًا حتى أنه في صبيحة وفاة زوجته أم أبنائه وقد حزن عليها ذهب إلى مسجده وأتم درسها مع ما يجد في نفسه من حزن وكان يجد متعته وسعادته في بذل العلم فقد كان يصل عدد دروسه إلى 40 درسا أسبوعيًا. وقالت الهدلق، إن من مآثر الشيخ، أنه كان يجلس معنا في النُزه وبين يديه كتاب وكان لا يستقل الطالب والاثنين ولا تضعف همته وكان يحب تلاميذه أكثر من حبه لأبنائه حتى أن أبناءه يعلمون بهذا وكان يعامل من حوله بلطف وحفاوة حتى يظن كل شخص أنه أحب الناس إلى الشيخ. وتروي، أن الشيخ جاءه رجل في المسجد فقال: يا شيخ صحح لي تلاوتي للقرآن فقعد حلقة تصحيح تلاوة لهذا الرجل ومن معه ممن أراد وكان يرى أن الإجازة فرصة للاستزادة من العلم والتعلم. وتابعت، الشيخ الجبرين طلب العلم على يد الشيخ عبدالعزيز الشثري وانتقل معه للرياض تاركًا أهله وطلب العلم على يد الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبدالرزاق عفيفي والشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ عبدالله بن حميد والشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله. وأوضحت، أنه لم يكن الشيخ يرد طلب طالبًا إذا طلبه لدرسٍ أبدًا إلا إن كان مرتبطًا بدرس آخر وكان يتنقل بين مدن المملكة وقراها النائية حتى مع كبر سنه وهو في عمر الثمانين وكان من حبه لطلابه يحضر لهم القهوة والشاي حتى ضاق بهم منزله فانتقلوا إلى المسج ومن حرصه على نشر العلم أنه إذا ذهب لمدينة ما لإلقاء الدروس وزع طلابه على المساجد لينشروا العلم. وعن حياته الخاصة، قالت الهدلق، إن الشيخ لا يفوت اجتماع العائلة ويحرص عليه حتى في كبر سنه وكان هدفه في الاجتماعات أن يرانا مبتسمين كما كان يحتفي بأبنائه وأحفاده جميعًا ويحفظهم بأسمائهم مع أنهم يصلون إلى السبعين بل ويكنيهم بالكنى ملاطفة وتوددًا ويتبسط لهم ويداعبهم. وأضافت، أن الشيخ رحمه الله كان حريصًا على النعمة ويكره التبذير والمبذرين فكان إذا جلسوا على العشاء يحرص ألا يبقى من النعمة شيء فكان يأكل باقي الطعام على السفرة ورأى إحدى بناته قطعت تفاحة فوضعت جزءًا منها على بساط الأكل فظنها سترميها فأخذها وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله. وذكرت أن كانت إحدى بناته تكثر من سماع الأناشيد فكان كلما مر أغلق المسجل بصمت فلما علمت كراهته ذلك تركته ورأى مرة دمية القطن في بيته وكان لا يرى جوازها فأخذها وأحرقها وتذكر أن أدخل أحد أبنائه التلفاز إلى غرفته دون علمه فكان يتابع المباريات بها ولما علم الشيخ استأذنه لدخول غرفته فلما رأى التلفاز أخذه ورمى به من فوق الدرج فانكسر وكان يوقظ أبنائه للصلاة حتى أنه يسكب عليهم الماء. واختتمت، أن الشيخ دُعي مرة إلى قصر الملك فهد فلما دخله مع طلابه انبهروا بزخارف القصر وصاروا يتأملون بعجب فقال الشيخ لهم مذكِّرًا: الملك لله لبيك اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة. وكان من حسن خلقه أنه كان لا يرد داعيًا لعرس، مضيفة أنه في مرضه مضت عليه 4 أشهر لا يتكلم مع سلامة حواسه فكان إذا سمع القرآن انهمرت دموعه ويشتد بكاؤه عند آيات العلماء وكان يشعر أنه مخاطب بها وأنه مقصر وسيسأله الله عما قدم.

مشاركة :