لم يكترث الفقيد العلامة الشيخ محمد بن عثيمين للإرهاق طيلة فترة حياته الدعوية رحمه الله حيث كان يكثف دعوته خلال موسم الحج ورمضان والتي تكون أغلبها بالأراضي المقدسة وسط أجواء إيمانية وإحاطة طلب العلم. ويروي الشيخ الأستاذ الدكتور سامي بن محمد الصقير تفاصيل عن حياة العلامة الراحل، ويقول في هذا الصدد: إن شيخنا رحمه الله وخلال موسم الحج يأتي إلى مكة في أواخر ذي القعدة من كل عام حيث يقوم بإلقاء الدروس بعد كل صلاة الفجر وصلاة المغرب بالمسجد الحرام وبعد صلاة العصر بالمسجد القطري وذلك يوميًا، وكان حريصًا على نفع الحجاج ولاسيما بيان العقيدة الصحيحة وما يحتاج إليه المسلم لعبادة ربه، ثم في أيام الحج يمكث في مخيمه في منى وكانت له دروس بعد كل صلاة ويعقبها إجابة عن أسئلة السائلين والمستفتين. ويضيف: كان رحمه الله قد يخصص وقتًا لإجابة المستفتين عن طريق الهاتف الثابت رغبة في نفع من لا يتمكنون من الوصول إليه لسؤاله من خلال رقم هاتف في مخيم منى ورقم هاتفي لسكنه في مكة. ويتابع: شيخنا ابن عثيمين رحمه الله بعد موسم الحج كان يتوجه لمحافظة جدة فيلقي دروسًا للحجاج في مدينة الحجاج يحثهم على التمسك بالدين الإسلامي والحرص على العقيدة، ومن أهم ما تميز به الشيخ رحمه الله في الواقع بموسم الحج أنه يحرص على التيسير عن الناس قدر الإمكان اقتداءً بقول النبي عليه الصلاة والسلام: يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا" ولذلك تجد أن فتاوى شيخنا رحمه الله ولاسيما ما يتعلق بالمناسك تتميز بالتيسير على وفق الضوابط الشرعية والقواعد المرعية. كما يروي ابنه عبدالرحيم بن محمد بن عثيمين لـ"سبق" أنه رحمه الله "نعم الموجه والمربي لأبنائه فكان حريصًا على توجيههم دينيًا ويأتي من أبرزها الحرص على الصلوات وأداء الطاعات، وكان ينصحنا دائمًا بالتقرب إلى الله وكثرة العمل الصالح". وقال إنه كان يرافق والده رحمه الله في بعض مواسم الحج "فكان رحمه الله يبدأ برنامجه اليومي من أذان الفجر وحتى الساعة الثانية عشرة ليلاً وكانت ما بين فتاوى ولقاءات وزيارات وتكون راحته بعد الظهر لمدة قرابة نصف ساعة إلى ٤٥ دقيقة". ويضيف: "في أيام مشعر منى طيلة وقته يكون مشغولاً بالفتاوى والدروس والمواعظ وكنت حينها في أول مراحل شبابي وأشعر بالإرهاق في الوقت الذي كان والده الشيخ رحمه الله يملك الهمة والنشاط أكثر من الشباب". ويروي ابن الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بأنه حين بدأ نظام التصاريح في الحج التقى حاجًا محرمًا، وسأل الشيخ رحمه الله عن جواز أداء الحج من دون تصريح وهل يلزمه فسخ إحرامه وترك النسك؟ فأجابه بأن عليه أن يستمر ولكنه آثم بمخالفته للنظام رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
مشاركة :